Author

هل ستتحمل أسواق النفط رفع العقوبات الإيرانية؟ «2»

|
عودا على بدء ذكرت في المقال السابق أنه منذ أن دخلت الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني التي تعد الأقوى تاريخيا حيز التنفيذ، والنظام الإيراني يعاني على جميع الأصعدة بسبب تدهور اقتصاده. حيث إن صادراته النفطية هبطت بصورة حادة، وما زاد الطين بلة جائحة كورونا التي نحرت الاقتصاد العالمي من الوريد إلى الوريد، ومنها بلا شك الاقتصاد الإيراني الهش. ذكرت أيضا أن النظام الإيراني كان يراهن وما زال على الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة، آملا عدم تمديد الفترة الرئاسية لدونالد ترمب الرئيس الأمريكي، وأن يأتي رئيس جديد يقبل بالمفاوضات ويفك الخناق عنهم ولو قليلا ليتنفسوا الصعداء. ختمت المقال بمجموعة أسئلة لاستشراف أسواق النفط في حال أصبح بايدن المخلص المنتظر للنظام الإيراني من العقوبات الاقتصادية. إن حدث ذلك "جدلا" ما يعني عودة ما لا يقل عن 1.5 مليون برميل من النفط الإيراني إلى الأسواق تدريجيا، فما الحلول المتاحة لدى "أوبك" والمنتجين المستقلين وعلى رأسهم روسيا؟ وكيف ستتعامل إيران مع "أوبك" التي تعد أحد أعضائها؟ فيما يخص "أوبك" بقيادة المملكة فقد أثبتت أنها قادرة - بعد توفيق الله - على تجاوز جميع العقبات بحكمة وفاعلية بالتعاون مع حلفائها المؤثرين. لنعلم مدى أثر جائحة كورونا الحاد جدا في الاقتصاد العالمي وقطاع النفط الذي يعد المتضرر الأكبر من تبعاتها، فلنقارنها بأزمة الأسواق الآسيوية التي بدأت عام 1997، والأزمة المالية العالمية التي حدثت عام 2008. في خضم أزمة الأسواق الآسيوية نما الناتج المحلي العالمي بنسبة 2.6 في المائة فقط، ما يعادل 1.2 تريليون دولار، بينما انخفض الناتج المحلي بنسبة 1 في المائة بسبب الأزمة المالية العالمية عام 2008، ما يعادل انخفاضا يقدر بنحو 1.1 تريليون دولار. جائحة كورونا تسببت في انخفاض الناتج المحلي العالمي بنسبة كبيرة جدا تقارب 4.4 في المائة، تعادل 3.7 تريليون دولار. في أزمة الأسواق الآسيوية انخفض الطلب على النفط بنسبة 5 في المائة، بينما انخفض الطلب عليه بتأثير الأزمة المالية العالمية بنحو 6 في المائة، وأخيرا انخفض الطلب بنسبة 22 في المائة أي ما يعادل 23 مليون برميل يوميا عام 2020 بسبب جائحة كورونا. أعتقد أن الأرقام لا تتطلب تمعنا كبيرا لمعرفة حجم تأثير جائحة كورونا مقارنة بالأزمتين الأخريين. نجحت "أوبك" وحلفاؤها في خفض 19 مليون برميل يوميا بتعاون المنتجين المستقلين، وأعضاء "مجموعة العشرين" بنسبة التزام بلغت 99.5 في المائة، وهي النسبة الأعلى للالتزام تاريخيا، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط من 19 دولارا للبرميل في نيسان (أبريل) الماضي ليصل سعره إلى 52 دولارا للبرميل حاليا. نسبة ارتفاع أسعار النفط تجاوزت 165 في المائة، وهي نسبة كبيرة تؤكد قدرة السعودية وثقلها السياسي والاقتصادي لقيادة "أوبك"، وإيجاد الحلول التي تخدم أسواق النفط العالمية واستقرارها. في رأيي أنه إذا ما تم رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وعادت صادراتها إلى مستويات ما قبل العقوبات مع صعوبة ذلك لأسباب فنية تتعلق بآبارها، فلن تكون قضية ذات بال، وسيسهل التعامل معها ومع غيرها من قضايا وأزمات دام "القوس عند باريها".
إنشرها