Author

هل ستتحمل أسواق النفط رفع العقوبات الإيرانية؟ «1»

|
مختص في شؤون الطاقة
منذ دخلت الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني حيز التنفيذ في نوفمبر عام 2018، التي تعد أقوى عقوبات تسنها الولايات المتحدة الأمريكية على النظام الإيراني تاريخيا، منذ ذلك التاريخ وبفعل تلك العقوبات التي استهدفت بلوغ الصادرات الإيرانية من النفط الصفر، والنظام الإيراني يعاني على جميع الأصعدة بسبب تدهور اقتصاده. في مايو الماضي هبطت الصادرات النفطية الإيرانية إلى نحو 500 ألف برميل يوميا وهو بلا شك هبوط مظلي وضربة قاصمة للاقتصاد الإيراني حيث بلغت نحو 2.8 مليون برميل يوميا في مايو عام 2018 أي: بنسبة انخفاض تقارب 82 في المائة، وقد زادت جائحة كورونا الطين بلة عام 2020 وشلت الاقتصاد الإيراني ونحرته من الوريد إلى الوريد. كتبت مقالا في مايو الماضي بعنوان: "إيران والمخلص المنتظر" ذكرت فيه أن النظام الإيراني جبل على الإرهاب فأصبح عقيدته وديدنه، ولذلك من المستحيل في رأيي أن يصبح نظاما متعايشا يجنح إلى السلم، ويلتزم بالأعراف الدولية، ويحترم دول الجوار ولا يتدخل في شؤونها. راهن النظام الإيراني على الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة، آملا عدم تمديد الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وأن يأتي رئيس جديد يقبل بالمفاوضات ويفك الخناق عنهم ولو قليلا حتى يتنفسوا الصعداء. هذا ما حدث بالفعل، وأصبح الرئيس الأمريكي بايدن قاب قوسين أو أدنى من إدارة الدفة الأمريكية رسميا، ما يقودنا إلى سؤال يستحق التأمل وتسليط الضوء عليه لاستشراف مستقبل أسواق النفط "هل سيصبح الرئيس بايدن المخلص المنتظر للنظام الإيراني؟". هناك تباين في الطرح حول تعامل بايدن المتوقع مع الملف الإيراني، يتباين هذا الطرح بين متفائل ومتشائم، ومحايد ومؤدلج، فهناك من يحاول تصوير أن بايدن سيفتح الباب على مصراعيه لإيران ما يمكنها من العودة إلى وضعها السابق قبل العقوبات، وفي المقابل هناك من يرى أن واشنطن ستتعامل مع الملف الإيراني بأسلوب الإدارة الأمريكية السابقة ذاته دون تغيير جذري مع بعض المرونة التي تهدف إلى تحقيق المراد من النظام الإيراني. لنفرض جدلا أن العقوبات الاقتصادية على إيران سيتم رفعها، بغض النظر عن آلية الاتفاق وفحواها، فكيف ستتعامل أسواق النفط مع عودة صادرات النفط الإيرانية وزيادة المعروض في وقت ما زالت تأن الأسواق فيه بسبب تداعيات جائحة كورونا وشح الطلب؟ رفع العقوبات الأمريكية الاقتصادية عن إيران يعني عودة ما لا يقل عن 1.5 مليون برميل من النفط الإيراني إلى الأسواق تدريجيا، ما سيزيد من المعروض النفطي ويعمق آثار التخمة النفطية في الأسواق، وهي كمية لا يمكن تجاهلها في رأيي وإن كانت تدريجية يحكمها كثير من العوامل الفنية والسياسية. في حال تم ذلك، فما الحلول المتاحة لدى "أوبك" والمنتجين المستقلين وعلى رأسهم روسيا؟ وماذا عن النفط الصخري الأمريكي في هذه المعادلة؟ وكيف ستتعامل إيران مع "أوبك" التي هي أحد أعضائها؟ أسئلة أعتقد أنها مهمة إذا ما أردنا استشراف أسواق النفط في المدى القصير والمتوسط، وهي محور المقال المقبل بإذن الله، فلا يمكن في اعتقادي تجاهل أي توقع مهما كان مستبعدا عند شريحة كبيرة من المختصين والمهتمين في هذا القطاع.
إنشرها