نقوش الدوادمي الصخرية تخلد ذكرى رحلات وحروب العصر الحجري

نقوش الدوادمي الصخرية تخلد ذكرى رحلات وحروب العصر الحجري

نقوش حيوانية ورسوم وكتابات تاريخية، إضافة إلى النقوش الصخرية، تشكل أبرز المعالم الأثرية في منطقة الرياض التي تحتل موقعا استراتيجيا في قلب الجزيرة العربية، وتمتاز بتضاريسها المؤلفة من مجموعة واسعة من الجبال والصخور والحواف الصخرية، تكونت بفعل عوامل التعرية لتصبح لوحات طبيعية جاهزة للكتابة والرسم على مر العصور.
تتمتع المنطقة بإرث حضاري متنوع، تشكل مما عايشته هذه المنطقة من حضارات متعاقبة تركت خلفها معالم أثرية مختلفة.
وتعد الدوادمي من محافظات منطقة الرياض الغنية بالرسومات والكتابات والنقوش التي تحتضن مواقع عديدة ترجع إلى كل من العصر الحجري القديم والأوسط والحديث. ونظرا إلى كون المحافظة تقع على طرق التجارة القديمة فقد سجلت الجماعات البشرية على مدى العصور نقوشا وكتابات خلدت خلالها ذكرى أسفارها وحروبها، وأبنت موتاها، كما أعطت النقوش دلالة على ملامح من الحياة الاجتماعية والسياسية وفنون الصيد وغيرها.
ويوجد في محافظة الدوادمي أكثر من 35 موقعا أثريا مهما تحتوي بعض أجزائها على نقوش حيوانية ورسوم وكتابات تاريخية، ومن أهمها نقشان تاريخيان كتبا بالخط السبئي في "جبال مأسل الجمح"، يعود النقش الأول للملك أب كرب أسعد، أحد أشهر ملوك حمير التبابعة، في الثلث الأول من القرن الخامس ميلادي، ويعود النقش الثاني لعام 516 ميلادي للملك معد كرب الحميري، وكلا النقشان يشير إلى وجود حملات عسكرية شنت على بعض قبائل وسط الجزيرة العربية.
وبعيدا عن هذين النقشين توجد على واجهات الجبال في الدوادمي نقوش ورسوم على صخور كبيرة لحيوانات الوعول والنعام، في الجنوب الأوسط من المحافظة. إضافة إلى عدة نقوش ورسومات صخرية وكتابات إسلامية في موقعي "قبيعة" و"صفاقة" ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ والقرن الخامس الميلادي، تحكي أسرار ذلك العصر المندثر بين الصخور، وتظهر النقوش والرسومات الصخرية قدرة الإنسان في تلك العصور على التكيف مع الظروف المحيطة وقدرته على تسخير الطبيعة لخدمته.
وتنتشر على سلسلة "جبال ثهلان" مجموعات كبيرة من الرسومات الصخرية لأشكال آدمية وحيوانية ووسوم ورموز أبرزها موقع "مطيوي دلعة" في الجهة الجنوبية الغربية، إذ يحوي رسومات لأسود بأحجام مختلفة، إضافة إلى رسوم لمجموعة بشر يرقصون، وفي "صمة الريان" توجد رسوم لحيوانات مثل البقر الوحشي والمها والغزلان والجمال وغيرها.
وفي موقع "حليت" جرى توثيق مجموعة من النقوش والكتابات الإسلامية التي تعطي بعدا جديدا لتاريخ المنطقة وحضارتها خلال الفترة الإسلامية المبكرة، حيث تم العثور على نقوش صخرية تعود للقرن الثاني الهجري تتضمن طلب المغفرة والرحمة من الله. وكذلك تم الكشف في موقع "ضليعات بن ناصر" عن رسوم صخرية ونقوش إسلامية تمتد على قمة الجبال ترجع إلى العصر الإسلامي المبكر. كما توجد في موقع "مصيقرة" هضبة من الصخور الرملية تحيط بها النقوش والرسوم الصخرية المختلفة، وفي جبال "الأسودة" جنوب غرب المحافظة توجد آثار أشقر البراقة التي تحتوي على رسوم للحيوانات البرية كإشارات إلى الثقافة المرتبطة بحرفة الزراعة قديما.
ومن مواقع النقوش الصخرية القديمة في محافظة الدوادمي موقع "غريب" الذي عثر فيه على نقوش ورسوم آدمية تعود إلى ما قبل الميلاد إضافة إلى نقوش من العصور الإسلامية المختلفة، إلى جانب موقع "الضعينة" الذي تظهر فيه نقوش ثمودية على جبل رملي ورسوم صخرية، ومناطق "الناصفة" و"حصاة فغران" التي تتنوع فيها الرسوم الصخرية لتشكل لوحات لبشر وحيوانات مختلفة مثل الجمال والوعول والخيول.

الأكثر قراءة