يحتاج كل مجتمع إلى وظائف مهمة مهما بلغ من التقدم والرقي. وظائف لها من التأثير في بناء المجتمع نصيب وافر، فمهما قست الظروف وصعبت الأحوال تبقى أهمية الدور الذي يلعبه شاغلوها في رقي الأمم. وظيفة المعلم من أهم هذه الوظائف ومهما حاولنا أن نتجاوزه فلن نستطيع. نشر المعرفة وبناء شخصية الأجيال المقبلة هو المهمة الأساس في مهنة التعليم. يبقى أن نتذكر دوما أن الرسل مارسوا هذه المهمة فهم الذين جاءوا ليعلموا الناس ويدلوهم إلى طريق الحق.
هذه المهنة وما يرتبط بها من التزامات وسلوكيات متوقعة من المعلم لا يمكن التنازل عنها لمجرد الاعتقاد بأن هناك تحولا مجتمعيا أو مرضا متفشيا. دفع هذا الأمر المعلم القدوة إبراهيم السبيت إلى تقديم الدروس لطلبته وهو على السرير الأبيض. تناسى إبراهيم المرض وترك أجهزة غسيل الكلية تعمل في جسده وانشغل بتدريس طلبته، رغم
الألم الذي قد يجده كثيرون وسيلة للتخلص من التزامات الوظيفة والبقاء بعيدا عن الإزعاج والصراخ الذي يمكن أن يملأ غرف المنصة، خصوصا عندما يتعامل المعلم مع صغار السن. أن تمارس العمل من أي مكان، واحد من مزايا التعليم عن بعد - رغم عيوبه.
يجب أن نكرم هؤلاء القدوات ونحتفي بهم، لأنهم يظهرون المعدن الحقيقي للمجتمع المثالي الذي نتمناه، وليتعلم الأبناء والبنات من الأمثلة الواقعية التي تعيش بيننا. إن الحالة التي يحترم فيها المميزون تدفع بمزيد من التميز، وهناك كثير مما يمكن أن يحققه هؤلاء بتميزهم متجاوزا حدود أشخاصهم، ليصل إلى أبنائهم وبناتهم وليصبح المجتمع مجموعات من القدوات ولينتشر الصلاح وحب الخير والتنافس المحمود في المجتمع، ونحن نشاهد كثيرا مما يمكن التعريف به ونشره وتعميمه على كل المستويات.
نتعايش مع مؤثرات تقنية ومجتمعية يمكن أن تعيق تقدم ونجاح أبنائنا وبناتنا في العصر الحاضر، ووجود أي مثال إيجابي يستحق منا الرعاية والاهتمام، فما ينتشر في وسائل التواصل ومواقع الإنترنت له أثر خطير في كل الفئات والمستويات ونحن بحاجة إلى مواجهته مبكرا بوسائل التعليم والتثقيف والإقناع والتبني المفيد للأمثلة الإيجابية، وهو عمل عام يمكن أن يتبناه كل واحد منا لكنه في حالة التجمعات ووسائل التوعية سواء كانت رسمية أو خيرية أو خاصة مؤثر في الواقع على ما يمكن أن نشهده في مستقبل الوطن بكليته.
