أخبار اقتصادية- عالمية

طوارئ اقتصادية في بريطانيا .. وانخفاض غير مسبوق للناتج بـ 11.3 % خلال 2020

طوارئ اقتصادية في بريطانيا .. وانخفاض غير مسبوق للناتج بـ 11.3 % خلال 2020

وزير الخزانة البريطاني يعتزم البدء في تدابير جديدة لدعم الوظائف، وأبرزها آلية "الانطلاقة الجديدة"."رويترز"

أعلن ريشي سوناك وزير المالية البريطاني، أمس، أن المملكة المتحدة تمر بفترة "طوارئ اقتصادية" وستواجه انخفاضا غير مسبوق في إجمالي ناتجها الداخلي 11.3 في المائة في 2020 بسبب تبعات انتشار فيروس كورونا المستجد.
ووفقا لـ"الفرنسية"، وحسب تقديرات رسمية كشف وزير المالية في خطاب في البرلمان، أمس، عن أن النمو سينتعش 5.5 في المائة، العام المقبل ليصل إلى 6.6 في المائة، في 2022، غير أن الاقتصاد لن يعود إلى مستوياته السابقة للأزمة الصحية إلا في نهاية 2022.
وقال الوزير عارضا خطة إنفاق واسعة النطاق، إن "وضع الطوارئ الصحية لا يزال قائما، ووضع الطوارئ الاقتصادية لا يزال في بداياته، وبالتالي، فإن أولويتنا الآنية هي لحماية الأرواح والمستويات المعيشية".
وتابع أن الأضرار الاقتصادية ستستمر على الأرجح على المدى البعيد، وستضعف الاقتصاد لأعوام عديدة. واستنادا إلى توقعات مكتب مسؤولية الميزانية، فإن نسبة البطالة ستصل إلى حدها الأقصى في الفصل الثاني من 2021 مسجلة 7.5 في المائة.
وتشير الأرقام الجديدة إلى زيادة هائلة في عجز الميزانية العامة، الذي قد يقارب 400 مليار جنيه استرليني لفترة 2020 - 2021، في حين يتخطى الدين ألفي مليار جنيه استرليني.
وأنفقت الحكومة حتى الآن نحو 200 مليار جنيه استرليني، خصص قسم منها لآلية البطالة الجزئية التي مددتها الحكومة ستة أشهر حتى آذار (مارس) 2021، وفق قرار أعلنته قبل إعادة فرض الحجر المنزلي في تشرين الثاني (نوفمبر).
وستخصص الحكومة بشكل إجمالي 280 مليار جنيه استرليني لمساعدة الاقتصاد على تخطي العاصفة، كما سيتم بصورة خاصة رصد مجموع 55 مليار جنيه استرليني العام المقبل لدعم الخدمات العامة، خصوصا نظام الرعاية الصحية الوطني والمدارس والأمن.
ووعدت الحكومة بأن النفقات الجارية سترتفع 3.8 في المائة، هذه العام والعام المقبل، مسجلة أعلى نسبة خلال 15 عاما. وهذه التدابير سترفع العجز في الميزانية العامة ليصل إلى 394 مليار جنيه استرليني في العام المالي الجاري، أي 19 في المائة، من إجمالي الناتج الداخلي بسبب الجهود غير المسبوقة لدعم قطاع الوظائف في مواجهة صدمة الوباء.
غير أن سوناك، العضو في الحزب المحافظ والمؤيد لسياسة مالية صارمة، حذر من أنه سيتم تجميد الأجور في الوظائف العامة سعيا إلى الحد من العجز المالي، باستثناء نظام الرعاية الصحية الوطني وذوي الدخل المتدني.
كما تعتزم بريطانيا خفض مساعداتها الإنمائية للعام المقبل إلى 0.5 في المائة، من إجمالي ناتجها الداخلي مقابل 0.7 في المائة، في الظروف العادية، ما أثار سيلا من الانتقادات، ولا سيما من قبل ملالا يوسفزاي الحائزة جائزة نوبل للسلام.
ويعتزم سوناك البدء بتدابير جديدة لدعم الوظائف، وأبرزها آلية تعرف باسم "الانطلاقة الجديدة" سيرصد لها مبلغ 2.9 مليار جنيه استرليني على ثلاثة أعوام لمساعدة "أكثر من مليون شخص عاطل عن العمل على البحث عن وظيفة".
ويعمل الوزير على مد برنامج تدريب يسمح لأصحاب العمل بتقاضي ألفي جنيه استرليني لكل متدرب جديد يتم توظيفه حتى نهاية آذار (مارس)، سعيا إلى مكافحة البطالة التي سجلت ارتفاعا كبيرا في الأشهر الماضية تحت تأثير تبعات تفشي وباء كوفيد - 19.
وكانت وطأة الأزمة الصحية شديدة على قطاعات الطيران والسياحة والتوزيع والمطاعم والملاهي وصالات الرياضة، فيما سجلت بريطانيا أعلى حصيلة وفيات جراء فيروس كورونا المستجد في أوروبا، مع إحصاء أكثر من 55 ألف وفاة بين الذين ثبتت إصابتهم.
كذلك هي من البلدان الأوروبية الأكثر تأثرا على الصعيد الاقتصادي، مع تسجيل إجمالي ناتجها الداخلي تراجعا قياسيا قدره 19.8 في المائة، في الفصل الثاني من العام. ويبدأ مكتب مسؤولية الميزانية البريطاني، وهو هيئة عامة في عرض توقعاته الاقتصادية الجديدة التي تستند إليها الحكومة.
وأفادت وزارة المال إلى قرب اعتماد استثمارات بقيمة عشرات مليارات الجنيه الاسترليني، وتفاصيل حول صندوق "تقاسم الازدهار"، الذي أعلن بديلا للأموال الأوروبية التي استفاد منها كثيرا شمال إنجلترا وويلز.
ومن المقرر رصد نحو 220 مليون جنيه استرليني لتمويل مشاريع مثل مد كابلات الألياف البصرية والمواصلات، أو بنك وطني سيتم إنشاؤه في شمال إنجلترا وهدفه تمويل البنى التحتية والتحول البيئي.
ومع انتهاء الفترة الانتقالية ما بعد "بريكست" في 31 كانون الأول (ديسمبر)، يعم القلق أوساط الأعمال في غياب تقدم ملموس في المفاوضات التجارية البريطانية - الأوروبية. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، يتم العمل تلقائيا بنظام منظمة التجارة العالمية، الذي يترافق مع إعادة فرض رسوم جمركية ستكون عواقبها وخيمة على عديد من الصناعات.
ويؤكد قطاع السيارات أن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيكلفه 55 مليار جنيه استرليني حتى 2025. وبعدما كان الدفاع عن الحدود البريطانية بمواجهة تدفق المهاجرين غير القانونيين من أبرز الدوافع خلف التصويت لمصلحة "بريكست" قبل أربعة أعوام، من المتوقع أن يعلن سوناك رصد 220 مليون جنيه استرليني لتعزيز أمن الحدود.
وسيتم أيضا تخصيص ثلاثة مليارات جنيه استرليني لنظام الرعاية الصحية الوطني، الضمان الصحي الشامل، الذي يفتخر به البريطانيون ويعاني سوء تمويل مقارنة بالدول الصناعية الأخرى، وذلك لتمكينه من مواجهة الموجة الثانية من وباء كوفيد - 19. كذلك، ستدرج المدارس والجيش على قائمة الأولويات المالية، فضلا عن إنشاء مركز جديد لمكافحة الإرهاب.
وفي سياق آخر، أكدت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، أمس، أن اتفاقا تجاريا محتملا لمرحلة ما بعد "بريكست" بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، يجب ألا يؤثر في "تكامل السوق الموحدة".
ووفقا لـ"الفرنسية"، قالت أمام النواب الأوروبيين، في وقت أصبحت المفاوضات في مرحلتها الأخيرة، "سنفعل كل ما في وسعنا للتوصل إلى اتفاق. نحن مستعدون لإثبات حسنا الابتكاري".
وأضافت "لكننا لسنا مستعدين لتقويض تكامل سوقنا الموحدة"، خصوصا احترام معاييرها البيئية والاجتماعية والمالية أو المساعدات الحكومية، مشددة على ضرورة وضع آليات في الاتفاق المستقبلي في حال انحرف الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا مع الوقت عن المعايير المشتركة المتفق عليها. وقالت "الثقة جيدة، لكن القانون أفضل".
وتطالب بروكسل بآلية تسمح لها باتخاذ تدابير مضادة فورية وأحادية الجانب في حال حصل تغيير مفاجئ للمعايير من جانب أحد الطرفين لتجنب حصول أي منافسة غير عادلة، الأمر الذي ترفضه المملكة المتحدة.
وذكرت فون دير لاين أن هذه الضمانات فيما يخص المنافسة العادلة هي إحدى النقاط الثلاث التي تعرقل المفاوضات، إضافة إلى مسألة وصول الأوروبيين إلى المياه البريطانية وحوكمة الاتفاق المستقبلي.
وفيما يخص مسألة الصيد، وهي مصدر توتر بالنسبة إلى عدد من الدول الأعضاء من بينها فرنسا، قالت فون دير لاين "لا أحد يشكك في سيادة المملكة المتحدة على مياهها الخاصة، لكننا نطالب بإمكانية وضع التوقعات وبضمانات للصيادين الذين يبحرون منذ عقود" في المنطقة.
وأكدت أن "هذه أيام حاسمة للمفاوضات مع المملكة المتحدة، لكن بصراحة، لا يمكنني أن أقول لكم اليوم ما إذا سيكون هناك اتفاق في نهاية المطاف، الأمر الوحيد المؤكد هو أنه سيكون هناك فرق واضح بين أن تكون عضوا كامل العضوية في الاتحاد وأن تكون ببساطة شريكا مهما".
ولا يزال هناك أقل من 40 يوما قبل 31 كانون الأول (ديسمبر)، تاريخ انتهاء المرحلة الانتقالية ما بعد "بريكست"، وبعد هذا التاريخ، ستتوقف بريطانيا التي خرجت من الاتحاد في 31 كانون الثاني (يناير)، عن تطبيق المعايير الأوروبية.
ومن دون إبرام معاهدة تجارية تنظم علاقتهما، تواجه لندن وبروكسل خطر التعرض لصدمة اقتصادية جديدة، تضاف إلى تلك الناجمة عن أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية