Author

شفافية القطاع العام

|
أعلنت وزارة الإعلام تنظيم "المؤتمر الصحافي الدوري للتواصل الحكومي"، الذي يشارك فيه الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية والهيئات. وتأتي هذه الخطوة إنفاذا لتوجيهات القيادة الرشيدة، وحسب البيان الصحافي لوزير الإعلام المكلف، فإن المؤتمر سيعقد دوريا، بهدف رفع مستوى التواصل وتعزيز الشفافية والانفتاح على الإعلام، من خلال إبراز المستجدات والقرارات الحكومية، وإنجازات رؤية المملكة 2030. وذكر أن المؤتمر الصحافي يمثل النهج الجديد للتواصل الحكومي ويستضيف الوزراء بشكل دوري للإجابة عن أسئلة الإعلاميين واستفسارات المواطنين، وتسليط الضوء على أبرز الموضوعات والقضايا المحلية الراهنة.
هذه الخطوة لم تكن مستغربة، فنهج الحوكمة الذي تتبعه القيادة الرشيدة يؤكد أهمية الشفافية والإفصاح والتواصل مع أصحاب المصلحة من أجل مشاركة فاعلة في صنع القرار وإدارة التغيير والتطوير لمصلحة الوطن والمواطن. وفي هذا المقال، سأعرج على عدد من المفاهيم التي تساعد على تطبيق فاعل لهذا الإجراء، حيث إن الشفافية والإفصاح من معززات الإصلاح الحكومي "عنوان لمقال سابق".
تعرف الشفافية بالمقدرة على إبصار الأشياء الموضوعة خلف شيء ما، ما يعني القدرة على رؤية المكونات ومعرفتها. وتعد الشفافية من أهم مكونات نظام الحوكمة لما توفره من عدالة بين جميع الأطراف المستفيدة. وتعرفها منظمة الشفافية الدولية بأنها المبدأ الذي يسلط الضوء على الأنظمة والخطط والإجراءات والعمليات لمعرفة لماذا وكيف وماذا وبأي مقدار. كما تتيح الشفافية معرفة أن الموظفين العموميين والمديرين وأعضاء مجالس الإدارة ورجال الأعمال يمارسون أنشطتهم بطريقة واضحة ومفهومة والتقرير عن تلك الأنشطة بما يضمن العدالة والمساواة، ما يمكن عامة المتأثرين من مساءلتهم ومحاسبتهم من خلال الأنظمة والمؤسسات الرسمية. لذا، ينظر إلى الشفافية بأنها أضمن طريق للحماية ضد الفساد، والمساعدة في رفع مستوى الثقة بالأفراد والمؤسسات. كما عرفت بأنها حق المواطنين في الحصول على البيانات والاطلاع على المعلومات وآليات صنع واتخاذ القرارات، ووضع معايير أخلاقية تسهم في كشف الفساد. الإفصاح يعني إعلان البيانات والمعلومات المتعلقة بموضوع ما، للإسهام في اتخاذ قرار، وتمكين فرص الحكم الصائب على الأمور. عليه، فإن الإفصاح يسهم في تعزيز دور الشفافية الذي يمكن جميع الأطراف ذات الاهتمام من الحكم واتخاذ القرارات الملائمة، كما يسهم في تخفيض نسب الفساد ومحاربة فرصه المحتملة. ولهذا، يبقى دور الجهات الرسمية في تعزيز مقومات الإصلاح الإداري، من خلال اعتماد ممارسات الشفافية والإفصاح للقضاء على فرص الفساد وتعارض المصالح بين الأطراف المختلفة. وتبقى الجهات الرقابية والتشريعية تتحمل مسؤوليات جسيمة في تعزيز هذه الممارسات وتفعيل تطبيقاتها في الحياة العملية لمحاربة الفساد والمحافظة على حقوق المستفيدين والأطراف المختلفة. ويتحمل الإعلام دوره كحارس للحفاظ على توافر هذه المفردات والمطالبة بوجودها وتفعيلها درءا لفرص الفساد المحتملة وتعزيزا للإصلاح المنشود.
إن أهمية إنجاح دور المؤتمر الدوري للتواصل الحكومي تتمثل في إشراك المجتمع المحلي والمستفيد دوليا من مواكبة التحديثات والتطورات التي تحدث في القطاع العام، حتى لا تتسبب في خسائر أو مقاومة بسبب القرارات التي لم تأخذ وقتها في التهيئة والتواصل مع المستفيدين. ومن أهم هذه القرارات - على سبيل المثال - قرارات إصلاح سوق العمل، وبيئة ممارسة التجارة، والتعامل مع قضايا الإسكان والقضايا القانونية لملكية وتخطيط الأراضي في المدن. ومن المهم جدا إنجاح هذه التجربة، ومن المهم أيضا تهيئة البيئة الشفافة لها، وفتح المجال فعليا لكل المستفيدين للتواصل وإبداء الرأي، والتحقق من الإجراءات التي تتخذ لمصلحة الطيف الأكبر من المستفيدين.
إنشرها