Author

نجاح قمة العشرين وارتقاء الدول في التطبيق

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا
اختتمت قمة مجموعة العشرين أمس الأول برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. واحتوت القمة على مبادرات في غاية الأهمية لدعم وإصلاح الاقتصاد العالمي. وقد أكدت قيادة هذه البلاد في اختتام القمة على نجاح المجموعة في تقديم رسالة تبعث بالاطمئنان لجميع شعوب العالم من خلال بيان القادة الختامي للقمة، الذي حوى 38 نقطة.
هذا النجاح يزيد من أهمية دور المملكة في قيادة العالم لمواجهة كورونا. وهو نجاح يعكس صفات طيبة في قيادتنا ومجتمعنا، العالم في أمس الحاجة إليها خاصة هذه الأيام. على رأس هذه الصفات العدل والتعاون على البر والتقوى. هذان الوصفان مهمان جدا للتسريع بعودة حياة البشرية إلى طبيعتها قبل كورونا، ولتخفيف ما يصيب البشرية من أضرار.
ويشير أغلب التوقعات إلى بدء عودة للحياة أقرب إلى ما تعودنا من الصيف المقبل. لكن هذا مشروط بتعاون جيد لتطبيق ما توصلت إليه قمة مجموعة العشرين بقيادة المملكة. وهنا أشير إلى أن البعض يربط نجاح القمة بتحقيق مساواة في الحقوق والمعيشة والدخول والثروات وما إلى ذلك. هذا كله وهم في وهم فالبشر في خلقتهم وجبلتهم متفاوتون تفاوتا عظيما والمطلوب شرعا وعقلا حفظ الحقوق والتعاون والبر وجعل الفقراء يعيشون ضمن الحد الأدنى من المعيشة الكريمة.
وضمن التعاون على البر والتقوى إعادة جدولة الدول الأقل دخلا أو الفقيرة بما يتيح لها تخصيص أموال للرعاية الصحية وتوفير اللقاحات وحد أدنى من مستويات المعيشة لشعوبها. وهذه الإعادة تمت إلى درجة كبيرة. وكان لبلادنا دور كبير في تحقق ذلك. وأحدث ما تحقق ما قرره وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين في اجتماعهم الشهر الماضي، تحت رئاسة المملكة لمجموعة العشرين، وبرئاسة كل من محمد الجدعان وزير المالية، والدكتور أحمد الخليفي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي. في هذا الاجتماع أكد الوزراء في البيان الختامي عزمهم الاستمرار في استخدام جميع أدوات السياسات المتاحة حسب الاقتضاء لحماية الأرواح، والوظائف، وسبل المعيشة، ودعم التعافي الاقتصادي العالمي، وتحسين متانة النظام المالي، مع الوقاية من المخاطر السلبية.
ووافق الوزراء والمحافظون على تمديد مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين لفترة ستة أشهر. سبب التمديد الضغوط المستمرة على السيولة أثناء معالجة مواطن الضعف الناشئة عن الديون بنحو تدريجي. والفرصة متاحة لتمديد ستة أشهر إضافية حسب التطورات. وتتضمن المبادرة الإضافات المستهدفة لوثيقة الأحكام المرجعية لمبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين لنيسان (أبريل) 2020، التي اتفق عليها أيضا نادي باريس.
ما المطلوب مستقبلا؟
المطلوب أوضحه خادم الحرمين الشريفين. فقد دعا قادة القمة إلى الارتقاء إلى مستوى التحدي في مواجهة الفيروس. بين بجلاء أن من واجبنا جميعا الارتقاء في العمل إلى مستوى التحديات وبث الأمل من خلال إقرار فتطبيق السياسات اللازمة.
ودعا خادم الحرمين وولي العهد إلى تهيئة الظروف على نحو يسمح بتوفير اللقاحات للشعوب كافة. ويساعد على هذه التهيئة جعل الأنظمة الاقتصادية أكثر مرونة وجعل التنسيق أساسا في التعامل.
كما دعت السعودية قادة العشرين خاصة وقادة العالم عامة إلى عمل كل ما من شأنه أن يقود المجتمع الدولي لحماية البيئة والمناخ لحماية كوكب الأرض.
هذه الدعوة ليست مجرد شعارات وكلام. بل ستقوم المملكة بإطلاق البرنامج الوطني للاقتصاد الدائري للكربون. والهدف ترسيخ وتسريع ما يبذل من جهود لتخفيف والسيطرة على آثار التحديات المناخية والانبعاثات سعيا وراء تحقيق الاستدامة.
وسبق أن أقر وزراء الطاقة في دول مجموعة العشرين في لقائهم في أيلول (سبتمبر) الماضي، المقترح المقدم من المملكة باعتماد منصة ونهج الاقتصاد الدائري للكربون. ويمكن تطبيقه على نحو يعكس أولويات كل دولة وظروفها الخاصة.
كما سبق أن قادت المملكة جهودا دولية لتخفيف آثار كورونا الضارة، بما في ذلك تدابير في المالية العامة وفي النقدية وفي المديونية بين الدول بهدف منع انتشار الإفلاس والفقر بين البشر. وقد شكر صندوق النقد الدولي المجموعة عامة وبلادنا خاصة على هذه الجهود، وعلى دعمهم للصندوق بما مكنه من توفير مساعدات وتمويلات للدول الأقل دخلا. وأكدت مجموعة العشرين والصندوق وعقلاء العالم أهمية التعاون المثمر المنسق. وهذا التعاون يتناول عدة أمور على رأسها الصحة وتوفير اللقاحات التي على وشك التطبيق، وتعافي الاقتصادات، وبناء قواعد أفضل للاقتصاد العالمي.
وبالله التوفيق.
إنشرها