Author

بين ترمب وبايدن .. قطاع الطاقة تحت المجهر «3»

|
عودا على بدء، ذكرت في المقالين السابقين أن للانتخابات الرئاسية الأمريكية انعكاسات كثيرة ليست حكرا على تحديد السياستين الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، بل لها انعكاسات كثيرة وعلى أصعدة مختلفة، وقطاع الطاقة من أهم الملفات المؤثرة في المستويين الداخلي والخارجي للولايات المتحدة وعلى رأس قائمة اهتمام كل من ترمب وبايدن. سلطت الضوء على أبرز ما قام به الرئيس ترمب خلال الأربعة أعوام السابقة في هذا الملف، وفي المقابل ما وعد به بايدن حال فوزه بالرئاسة، وما الأثر المتوقع على منظومة الطاقة خارج حدود أمريكا في حال فوز أحدهما من خلال ثلاثة ملفات رئيسية أرى أنها الأهم وهي، العلاقة الأمريكية - الصينية، والعلاقة الأمريكية مع إيران وفنزويلا، وأخيرا اتفاقية المناخ وأثر عودة أمريكا لها. في مطلع عام 2018 قال الرئيس الأمريكي ترمب بعد انسحابه من اتفاقية المناخ: إن مبعث قلقه الأساسي بشأنها هو أنها عاملت أمريكا بشكل غير عادل ومن الممكن أن يعود إلى الاتفاقية إذا تم التوصل إلى اتفاق أفضل مقنع لواشنطن بعد أن تلتزم الصين وغيرها بشروط التنافسية. على الصعيد الخارجي، أعتقد أن من المبكر جدا الحكم على سياسات بايدن الخارجية عموما وسياساته مع الدول المنتجة للنفط خصوصا، فهنا من يرى أن عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية المناخ يعني نحر الصناعة النفطية عالميا من الوريد إلى الوريد، وأن الدول المنتجة للنفط ستنهار اقتصاديا ونجم النفط آفل لا محالة. في المقابل هناك من يرى أن عودتها لن يكون لها أي أثر يذكر في منتجي النفط، ولا يتطلب ذلك استشرافا لمستقبل هذا القطاع ومستجداته للتعامل الأمثل معه. في رأيي أن هكذا ملفا مهما لا يمكن التعاطي معه بطريقة صفرية، إما أنه سيقضي على الصناعة النفطية، والعالم سيستغني عن النفط، أو تهميشه واستبعاد أي أثر له في صناعة النفط. أستشهد هنا بتصريح الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة خلال مشاركته في جلسة حوارية في قمة سنغافورة للطاقة، ضمن فعاليات أسبوع سنغافورة الدولي للطاقة، حيث قال: على العالم أن يبحث جميع الخيارات لتخفيف انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في حربه ضد تغير المناخ، لكن الاستغناء عن النفط والغاز سيكون بعيدا وغير واقعي. تأثير عودة دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية لاتفاقية المناخ لا يمكن تجاهله، وتجاهل أثره القوي في تسريع وتيرة تنفيذ الاتفاقية، وأعتقد أن هذا الأثر سيكون نسبيا من منتج لآخر من حيث الالتزام ببنود الاتفاقية والتبعات الاقتصادية. أعتقد كذلك أن أمام منتجي النفط تحد كبير لترسيخ مبدأ وجودي وهو أن الهدف ليس دعم الاقتصاد منخفض الكربون، لكن الهدف دعم الاقتصاد منخفض الانبعاثات، وهذا ما تنهجه السعودية التي تقدم نموذج الاقتصاد الدائري للكربون كمنهج شامل للتركيز على خفض الانبعاثات التي تسهم في التغير المناخي. ومن الضروري النظر إلى مسببات الاحتباس الحراري بعين الإنصاف، وأن تتحمل جميع الأطراف ذات العلاقة مسؤولياتها تجاهها، لا أن يوضع النفط في قفص الاتهام ويتم غض الطرف عن غيره لمصالح أحادية.
إنشرها