Author

الاقتصاد الدائري .. الأرض مسؤوليتنا

|

 
ضمن أعمال قمة العشرين برئاسة المملكة، انعقدت أمس الفعالية المصاحبة الثانية، التي تهتم بقضية الحفاظ على كوكب الأرض في إطار الاقتصاد الدائري للكربون. وأشارت "الاقتصادية" في أكثر من مناسبة إلى أن السعودية تحفز العالم من أجل تنمية أنواع رأس المال كافة، وفي هذه الفعالية تبرز أهمية الاقتصاد الإيكولوجي، وتنمية رأس المال والإنتاج العالمي من خلاله. وجاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين، في هذه الفعالية لتؤكد دور المملكة الواضح في إيجاد اقتصاد قوي وشامل ومتوازن ومستدام، من خلال تمكين الإنسان، والحفاظ على كوكب الأرض، وتشكيل آفاق جديدة لاغتنام فرص القرن الـ21 للجميع.

وقدمت المملكة خلال أعمال هذه القمة مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون، التي تعد خيارا استراتيجيا عالمي الطابع، فهو يرتكز على أربعة عناصر ذات علاقة بالطاقة المتمثلة في الخفض، وإعادة الاستخدام، وإعادة التدوير، والإزالة. وهذه المسارات الأربعة سيتم العمل عليها من خلال فهم ظروف كل دولة وثروتها المحددة من الموارد، وأيضا السياقات السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية فيها. وكل هذه النقاط المذكورة تدخل في مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، حيث هو نهج كلي ومتكامل وشامل لتعزيز التقنيات والابتكارات والحلول لنظم طاقة أنظف، وأكثر استدامة. فهي حقيقة مبادرة تعمل على خفض الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري، من خلال العمل على تحويل الانبعاثات إلى لقيم صناعي، كما أن هذه المبادرة تعمل على تحقيق الأهداف البيئية مع تعزيز الإنتاج العالمي من الطاقة، فالمملكة من أهم الدول التي وضعت أهدافا واضحة للاستفادة من الطاقة المتجددة، حيث تخطط لأن تكون طاقة الرياح والطاقة الشمسية المولد الأساسي لـ50 في المائة من الطاقة المستخدمة لإنتاج الكهرباء بحلول عام 2030.

هذه المبادرة تحقق هدفا طالما سعت البشرية إليه منذ الثورة الصناعية الأولى لإزالة الانبعاثات من الغلاف الجوي، باستخدام أسلوب احتجاز الكربون وتخزينه بالأساليب الطبيعية والجيولوجية والالتقاط المباشر للكربون من الهواء. هذا الاقتصاد يتطلب تنمية الابتكار والإنتاج وتحسين المعرفة الإنسانية عموما، وهو ما يكون مصدرا للدخل في الدول النامية خصوصا. وتجد السعودية في رئاستها قمة العالم الاقتصادية، فرصة لا يمكن تعويضها للحفاظ على كوكب الأرض، ولهذا حرصت المملكة على هذه الفعالية، وأكد الملك سلمان، في كلمته، أن على العالم اليوم مسؤولية، وأن نكون روادا في تبني منهجيات مستدامة وواقعية ومجدية التكلفة لتحقيق الأهداف المناخية الطموحة. لكن هذا الطموح يجب ألا يجعلنا نغفل عن الفروقات الأساسية بين الدول والظروف البيئية المحيطة بها وحاجتها إلى النمو.

وجاء حديث الملك سلمان، ليؤكد هذه القضايا كافة، من حيث إنه يتسنى للدول تبني وتعزيز تقنيات تتناسب مع المسارات التي تختارها. ولهذا، فإن الاقتصاد الدائري للكربون يوفر فرصا واعدة للدول كافة، ويقدم حلولا عملية ومنتجة وتحقق التوازن الصعب بين النمو الاقتصادي الضروري للاستدامة وبين القضايا البيئية. ودعا الملك الدول الأخرى كافة للعمل مع المملكة على تحقيق أهداف هذا البرنامج المتمثلة في التصدي للتغير المناخي مع الاستمرار في تنمية الاقتصاد وزيادة رفاهية الإنسان وتحسين مستوى معيشته. وتأتي هذه الفعالية المهمة جدا في وقت تحدث فيه الزعماء كافة عن أهمية العلاقات بين الاقتصاد والبيئة.

وكانت جائحة كورونا تمثل جرس الإنذار الذي أفاق عليه الجميع، ولهذا فإن هذه الفعالية، وحديث الملك سلمان الشامل في يومين، يؤكد الترابط بين هذه القضايا. فعمليات التعافي من جائحة كورونا يجب أن ترافقها تهيئة الظروف التي تكفل إيجاد اقتصاد قوي وشامل ومتوازن ومستدام، من خلال تمكين الإنسان والمحافظة على كوكب الأرض وتشكيل آفاق جديدة لاغتنام فرص القرن الـ21 للجميع. وقد عملت السعودية على كثير من المبادرات الرامية إلى الحفاظ على المناخ، وامتصاص الكربون من خلال الطبيعة، وهو ما دفعها إلى المناداة بهدف طموح يتمثل في الحفاظ على مليار هكتار من الأراضي المتدهورة واستصلاحها وإدارتها بنحو مستدام بحلول عام 2040.

إنشرها