Author

بين ترمب وبايدن .. قطاع الطاقة تحت المجهر «2»

|
مختص في شؤون الطاقة
عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق أن للانتخابات الرئاسية الأمريكية انعكاسات كثيرة ليست حكرا على تحديد السياستين الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، بل لها انعكاسات كثيرة وعلى أصعدة مختلفة. قطاع الطاقة بلا شك من أهم الملفات المؤثرة في المستوى الداخلي للولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا على المستوى العالمي، وعليه نجد أن قضايا الطاقة وملفاتها على رأس قائمة اهتمام كل من ترمب ومنافسه الديمقراطي بايدن. أرباب الصناعات المتعلقة بهذا القطاع يتابعون نتائج هذه الانتخابات ويدرسون كيفية التعاطي مع الواقع الجديد الذي سيمتد لأربعة أعوام مقبلة كأقل تقدير، فلكل منهما طريقة تعاط مختلفة مع هذا الملف المهم. سلطت الضوء في المقال السابق على أبرز ما قام به الرئيس ترمب خلال الأربعة أعوام السابقة في هذا الملف، وفي المقابل ما وعد به بايدن حال فوزه بالرئاسة، واختتمت المقال بسؤال هو محور هذا المقال "ما الأثر المتوقع على منظومة الطاقة خارج حدود أمريكا حال فوز أحدهما؟". في رأيي أن استشراف الأثر في هذا القطاع ينطلق من ثلاثة ملفات رئيسة، أولا: العلاقة الأمريكية الصينية، ثانيا: العلاقة الأمريكية مع إيران وفنزويلا، ثالثا: اتفاقية المناخ. شهدت العلاقة الأمريكية الصينية خلال الفترة القريبة السابقة توترا كبيرا وحربا تجارية ألقت بظلالها على الاقتصاد الصيني الذي تأثر بشدة كغيره من دول العالم بسبب جائحة كورونا. بايدن قد يتحرك نحو إصلاح العلاقات التجارية مع الصين ودول أخرى، ما سيدعم نمو التجارة العالمية، وبالتالي ارتفاع معدلات النمو. ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي لدولة مؤثرة بحجم الصين، يعني زيادة الطلب على الطاقة، ما يعني زيادة الطلب على النفط، وهنا لا يمكن إغفال جائحة كورونا وتأثيرها في هذا النمو. أما ما يخص العلاقة الأمريكية مع كل من إيران وفنزويلا، فهما من الدول المنتجة للنفط، وإذا ما تم تخفيف العقوبات عليهما وهذا ما أستبعده من وجهة نظر شخصية، فهذا سيؤدي إلى زيادة في إنتاج النفط تزيد من التخمة النفطية التي تعانيها الأسواق بسبب جائحة كورونا، وقد كتبت مقالا استشرافيا مطلع هذا العام عن وضع أسواق النفط حال تم رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران بعنوان "ماذا لو رفعت العقوبات الاقتصادية عن إيران؟". ذكرت في المقال السابق أن إدارة ترمب تبنت 74 إجراء تحرريا يخص حماية البيئة منذ عام 2017، وانسحبت الولايات المتحدة الأمريكية رسميا من اتفاقية باريس للمناخ عام 2017 وأعزى ترمب ذلك إلى أن هيمنة الطاقة لا تتوافق مع مكافحة الاحتباس الحراري ووصف التغير المناخي بأنه "خدعة باهظة الثمن"، وأن الولايات المتحدة ستركز بدلا من ذلك على مواجهة كل ما يضر بالاقتصاد الأمريكي ومصالح أمن الطاقة. جدير بالذكر أن اتفاقية باريس دخلت حيز التنفيذ في نوفمبر 2016، بهدف الحفاظ على متوسط درجة الحرارة العالمية، بنسبة أقل بكثير من درجتين مئويتين، والحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة، في محاولة للحد من تأثير ومخاطر تغير المناخ، حيث يجب على الموقعين، التحديد والإبلاغ بانتظام عن الجهود المبذولة للتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري. السؤال موضوع المقال المقبل هو "ما أثر عودة أمريكا لاتفاقية المناخ على قطاع الطاقة؟".
إنشرها