«صاعود النخل» .. مهنة تراثية عراقية تواجه خطر الاندثار

«صاعود النخل» .. مهنة تراثية عراقية تواجه خطر الاندثار

«صاعود النخل» .. مهنة تراثية عراقية تواجه خطر الاندثار

في قرية جليحة في شرق الديوانية في جنوب العراق، يمسك عباس عبود بالتبلية وهي أداة لتسلق النخيل ويلفها حول جذع النخلة، متسلقا الشجرة ومتنقلا من سعفة إلى أخرى مع بدء موسم حصاد التمر وقطع عذوق النخل.
وورث عباس، البالغ من العمر 48 عاما، مهنة قطع النخيل أو "صاعود النخيل" كما تسمى محليا، عن أبيه وجده، كما يروي لـ"الفرنسية"، وهو متمسك بها رغم الصعوبات.
تشكل مهنة "صاعود النخيل" جزءا من التراث العراقي، وتشتهر بأدائها عائلات، ولا سيما في الجنوب العراقي المعروف بنخيله الممتد من البصرة إلى بغداد.
وتعلم عباس من والده المهنة، التي تبدأ بصناعة "التبلية" ثم تسلق النخلة. ويروي "نبقى نحو عشرة أيام في البستان الواحد في بعض الأحيان، وأحيانا أكثر في حال كانت أعداد النخيل في البستان كثيرة".
يلف عباس التبلية ويحضنها ليتسلقها بسلاسة، ماسكا بيده سكين قطع عذوق التمر التي ترمى على الأرض.
عندما تصل العذوق الأرض، يجمع أبناؤه وبعض أفراد عائلة صاحب البستان، التمر في مكان واحد ليصار بعدها إلى وزنه ووضعه في أكياس لتجهيزه للبيع.
يروي هبان كريز (69 عاما) وهو مزارع وصاحب بستان نخيل في الديوانية لوكالة فرانس برس أيضا طقوس قطع عذوق النخيل.
ويقول كريز، "كبرت ولدينا في العائلة بساتين كثيرة. نجتمع نحن والأقارب أثناء قطع عذوق النخل وعلى حصاد التمر، وهذه واحدة من الطقوس العائلية التي أذكرها منذ الصغر". رغم عراقتها، تواجه هذه المهنة صعوبات في الوقت الحاضر، منها تراجع أعداد النخيل.
ونتيجة الحروب والوضع الاقتصادي المتدهور والإهمال الحكومي، انخفضت أعداد أشجار النخيل بشكل كبير، إذ فيما كان يحتوي العراق على 30 مليون نخلة حتى الثمانينيات، يبلغ عدد هذه الأشجار حاليا النصف، كما يوضح رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في الديوانية محمد كشاش.
فضلا عن ذلك، فإن مردودها قليل ومحصور بمواسم معينة، فموسم قطع عذوق النخل لا يستمر أكثر من ثلاثة أشهر من تشرين الأول (أكتوبر) حتى كانون الأول (ديسمبر)، ولا يتجاوز أجر تسلق وقطع عذوق النخلة الواحدة أكثر من ألفي دينار عراقي (أي أقل من دولار ونصف دولار).

الأكثر قراءة