Author

كيف نكسب الحرب على وباء كوفيد - 19؟ «1من 2»

|
يرجع الانفصال الحالي بين تقييمات سوق الأوراق المالية والاقتصاد الحقيقي، إلى حقيقة أن الشركات صغيرة الحجم وأصحاب الخدمات الفردية، هم من يتحملون العبء الأكبر لأزمة وباء كوفيد - 19، بدلا من الشركات الكبرى المتداولة علنا. وقد لاحظت أيضا أن مع تراجع الدعم الحكومي، سيفشل عديد من الشركات القابلة للاستمرار، ما يمنح الشركات الكبرى المتداولة علنا وضعا أقوى في السوق. ومع ذلك، عندما أعلن دونالد ترمب الرئيس الأمريكي، إنهاء المفاوضات مع الكونجرس بسبب مشروع قانون لحزمة التحفيز المالية الجديدة، سرعان ما انتعشت سوق الأسهم.
لكي أكون واضحا، يمكن وصف معظم حزم التحفيز التي يتم تقديمها اليوم بمنزلة مساعدة في حالات الكوارث التي تمس الحاجة إليها. ساعدت البرامج الحكومية، مثل إعانات البطالة واسعة النطاق والتحويلات المالية المباشرة، الناس العاديين، لكن هذا لا يعني أنها ضارة بسوق الأسهم.
ومع ذلك، استفادت أسواق الأسهم أيضا من عديد من العوامل الأخرى، ولا سيما معدلات الفائدة الصفرية والبرامج التي قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي من خلالها بمساعدة الخزانة الأمريكية، بدعم أسواق سندات الشركات والبلديات بطريقة غير مسبوقة. لكن إذا تبين أن احتواء وباء كوفيد - 19 أكثر صعوبة مما كنا نتمنى في الوقت الحالي، فقد نواجه موجة من حالات الإفلاس التي من شأنها أن تشكل تحديا لثقة السوق باستعداد الحكومة لتكبد خسائر كبيرة لدعمها.
ومن المفترض أن تأتي حزمة إغاثة جديدة، حتى لو لم يحدث ذلك إلا بعد مرور الانتخابات الرئاسية الأسبوع المقبل. ما أنواع الدعم المالي للأسر والشركات التي من شأنها أن تدعم الاقتصاد الحقيقي بشكل أكثر فاعلية؟ في منتصف حزيران (يونيو)، وضع زميلي جيسون فورمان، جنبا إلى جنب مع تيم جيثنر وجلين هوبارد وميليسا كيرني، خطة لا تزال عناصرها الأساسية ذات صلة، تتمثل في دعم العاطلين عن العمل، ومنح مزايا التوظيف للعمال ذوي الأجور المنخفضة، وتقديم المساعدة للشركات صغيرة الحجم ودعم حكومات الولايات والحكومات المحلية التي تواجه قيود الاقتراض. أود أن أضيف إلى هذه القائمة مزيدا من العناصر التطلعية، مثل زيادة الإنفاق على البنية التحتية والتعليم "بما في ذلك التعلم عبر الإنترنت بالنسبة إلى البالغين".
رغم أنني أختلف بشدة مع أولئك الذين يزعمون أن الديون هي في الواقع عبارة عن وجبة غداء مجانية، إلا أن أزمة بهذا الحجم تتطلب استجابة قصوى. تشهد أوروبا اليوم موجة ثانية من تفشي عدوى فيروس كورونا، وتستمر الأزمة في التصاعد في الولايات المتحدة، التي تعاني موجة ثالثة وارتفاعا حادا في الحالات، ولم يحن حتى فصل الشتاء بعد. ليس هذا هو الوقت المناسب بالنسبة إلى الحكومات للتخفيف من دعمها، فضلا عن عكس المسار. إن استمرار أسعار الفائدة المنخفضة قد يسهم في إثارة سوق الأسهم. كما تلاحظ أن شركات التكنولوجيا استفادت على نحو غير متناسب، ما قد يجعلها قريبا هدفا للغضب الشعبوي.
إن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلى أسواق الأسهم هو، أسعار الفائدة المعدلة حسب التضخم، وعلى المدى البعيد، لن تكون للبنوك المركزية أي علاقة بمستوى هذه الأسعار، عكس ما يعتقد معظم الناس. عندما يكون معدل التضخم أقل من الهدف - عادة نحو 2 في المائة - ويكون الناتج ضعيفا، لا تكون لدى البنوك المركزية أسباب وجيهة لمقاومة ضغوط السوق التي تدفع أسعار الفائدة إلى الانخفاض.
في الواقع، لو لم يكن هناك حد أدنى فعال لسعر الفائدة الاسمي، لكانت معظم البنوك المركزية قررت أسعار الفائدة إلى ما دون الصفر بحلول هذا الوقت. (كما أجادل في كتابي "لعنة النقود الورقية"، هناك طرق بسيطة لإزالة هذا الحد).
في كل الأحوال، ورغم حقيقة أن انخفاض أسعار الفائدة، خاصة منذ عام 2008، أفاد شركات التكنولوجيا على نحو غير متناسب، فإن هذا ليس سببا كافيا لتغيير السياسة النقدية. ما نحتاج إليه بدلا من ذلك هو، تبني سياسات أقوى لمكافحة الاحتكار، بدءا من القيود المفروضة على اكتساب المنافسين المحتملين.
في آب (أغسطس) الماضي، أشرت إلى أن إحدى الطرق لتسهيل مثل هذا التحول في السياسات، تتمثل في إيجاد مجتمع أقل استخداما للنقد، وهو ما قد يعني تبني العملات الرقمية، مثل العملة المتداولة في الصين. رغم أن هذا النهج من شأنه أن يعطل قدرة أمريكا على تعزيز الثقة بعملتها لتحقيق مصلحتها الوطنية الأوسع نطاقا، ومن غير المرجح تقويض هيمنة الدولار الإجمالية على التجارة والتمويل العالميين بشكل كبير. منذ ذلك الحين، أدت أزمة كوفيد - 19 إلى إضعاف قيمة الدولار، مع تراجع الثقة بالحوكمة والمؤسسات الأمريكية إلى حد كبير. صحيح لا يوجد حاليا بديل صالح للدولار باعتباره العملة العالمية الرائدة.
في الواقع، لم تتغير قيمة الدولار بشكل ملحوظ عما كانت عليه في بداية الوباء. في الفترة ما بين الخامس من آذار (مارس) والخامس من تشرين الأول (أكتوبر)، انخفض مؤشر الدولار العريض لبنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل طفيف فقط من 117 إلى 116... يتبع.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2020.
إنشرها