الطاقة- النفط

اندماج شركات النفط الصخري الأمريكية يعيد تشكيل الصناعة تحت ضغط الجائحة وتراجع الأسعار

اندماج شركات النفط الصخري الأمريكية يعيد تشكيل الصناعة تحت ضغط الجائحة وتراجع الأسعار

شركات النفط الدولية تنبه إلى ضرورة خفض توقعات الطلب على المنتجات النفطية حتى بداية 2021.

مالت أسعار النفط الخام إلى تسجيل تقلبات متلاحقة بسبب ارتفاع المخزونات النفطية الأمريكية وتسارع الإصابات بفيروس كورونا وتأثيراتها الواسعة في إضعاف الطلب العالمي على النفط الخام في مقابل بعض الدعم من قيود الإنتاج التي تنفذها "أوبك +" بانضباط وامتثال واسعين.
ويقول لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن أسعار النفط الخام تقع تحت ضغوط هائلة بسبب انتشار الجائحة في كل العالم خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، مشيرين إلى أن تباطؤ الطلب بات السمة المهيمنة على السوق وأدى أيضا إلى تراجعت العقود الآجلة للبنزين بعد أن أظهر تقرير حكومي أمريكي تضخم مخزونات الوقود.
وأوضح المختصون أن العقود الآجلة للنفط الخام بشكل عام سجلت خسائر واسعة وفقدت نسبة 3.9 في المائة، بينما انخفضت العقود الآجلة للبنزين أكثر من 4 في المائة، كما سجلت مخزونات البنزين في الأسبوع الماضي أكبر زيادة منذ أيار (مايو)، مشيرين إلى أن موسم الشتاء الذي يشهد عادة استهلاكا أوسع للوقود قد يكون متواضعا هذا العام في ظل الضغوط الواسعة للوباء على اقتصادات كل العالم.
وفي هذا الإطار، يرى مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل أم إف" النمساوية للطاقة أن استمرار تفاقم عواقب الجائحة جعلت منتجي النفط في موقف صعب، لكن تحالف "أوبك +" مازال قويا ومتماسكا ونجح في إقناع السوق بفاعلية خطة تقييد المعروض مع الاستمرار في رفع مستوى الامتثال إلى فوق 103 في المائة وحث بقية المنتجين الأقل التزاما على تصحيح المسار وإجراء التعويضات الإنتاجية اللازمة بما يضيق الفجوة بين العرض والطلب في السوق.
وأضاف أن بناء المخزونات بوتيرة أسرع من التوقعات السابقة هو مؤشر مقلق للغاية ويشكل تحديا للسوق المليء بعديد من الصعوبات ومنها أيضا المخاطر الجيوسياسية وعودة إنتاج بعض الدول التي كانت معفاة من خفض الإنتاج خاصة الإمدادات الليبية التي يركز عليها السوق في المرحلة الراهنة، لافتا إلى أن بناء المخزونات ليس قاصرا على النفط الخام، بل يشمل أيضا البنزين حيث يعاني الطلب بشدة في هذه المرحلة.
من جانبه، يقول فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة إن اقتصادات العالم في مأزق حقيقي بسبب تزايد عدد حالات الفيروس في كثير من الأماكن ما يدمر الطلب خاصة أن بعض الحوافز المالية جاءت محدودة التأثير وغير قادرة على ملاحقة تطورات التباطؤ والركود الاقتصادي، كما لا تزال المخزونات العالمية مرتفعة جدا ولن تنخفض حتى نحصل على انتعاش أقوى للطلب.
ولفت إلى أن البناء المفاجئ والسريع في مخزونات البنزين أدى إلى انخفاض جديد في هوامش التكرير ما يوفر حافزا ضئيلا لشركات التكرير لإنتاج مزيد من المنتجات في خضم انخفاض الطلب العالمي والتردي الواسع في وضع السوق مع تنامي الشكوك وحالة عدم اليقين التي تحيط بآفاق الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أنه في ظل الوضع الراهن لا يرغب أحد في رفع معدلات تشغيل المصافي.
ويضيف ألكسندر بوجل المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية أن الرؤية التحليلية للسوق بحسب عديد من الشركات الدولية تنبه إلى ضرورة خفض توقعات الطلب على المنتجات النفطية هذا العام وأوائل العام المقبل 2021 خاصة في ضوء عدم انتعاش الطلب على البنزين في الولايات المتحدة الذي لا يزال مقلقا.
ولفت إلى تطلع السوق إلى المفاوضات الخاصة بإجراء المساعدات الأمريكية المتعلقة بإنعاش استهلاك الطاقة لمواجهة تدمير الطلب الناجم عن الجائحة، مشيرا إلى ضرورة أن تتخلى الأحزاب السياسية في الولايات المتحدة عن المنافسات والصراعات والتوافق السريع على خطة الإنعاش الاقتصادي لتجنب سيناريوهات مؤلمة في وضع الاقتصاد الأمريكي ومن ثم الاقتصاد العالمي بشكل عام.
بدورها، تقول ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكان إنجنيرينج"، إن تضخم المخزونات الأمريكية يفاقم مجددا من مخاوف تخمة العرض خاصة مع عودة الإنتاج الليبي، إضافة إلى تسارع عمليات الاندماج التي تعيد تشكيل صناعة النفط الصخري الأمريكية الواقعة تحت ضغوط الجائحة الهائلة.
وأشارت إلى أن قطاع الطاقة الأمريكي في وضع اندماج كامل استجابة لأسعار النفط التي توقفت عند نحو 40 دولارا للبرميل في الأشهر الأخيرة بعد أن ضرب الوباء الطلب العالمي، كما يمثل ذلك ضغطا على شركات الطاقة في جميع أنحاء العالم، لكن الأزمة أشد في قطاع النفط الصخري الأمريكي، مشيرة إلى أن الصناعة مثقلة بالديون الهائلة نتيجة أعوام من التوسع المفاجئ الذي جعل أمريكا أكبر منتج للنفط الخام، لكنها خيبت آمال المستثمرين بسبب ضعف العائدات.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط بشكل طفيف الخميس بعد خسائر ثقيلة خلال الليل، وذلك في ظل تراكم لمخزونات البنزين في الولايات المتحدة يشير إلى تراجع توقعات الطلب على الوقود مع زيادة وتيرة الإصابات بفيروس كورونا في أمريكا الشمالية وأوروبا.
ونزلت العقود الآجلة لخام برنت سنتا واحدا، بما يعادل 0.02 في المائة، إلى 41.72 دولار للبرميل بعد أن خسرت 3.3 في المائة، أمس الأول، وتراجعت العقود الآجلة للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط أربعة سنتات، أو 0.1 في المائة، إلى 39.99 دولار للبرميل بعد نزولها 4 في المائة، في الجلسة السابقة.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إن مخزونات البنزين في الولايات المتحدة ارتفعت 1.9 مليون برميل في الأسبوع المنتهي يوم 16 تشرين الأول (أكتوبر) مقارنة بـتوقعات لانخفاض 1.8 مليون برميل.
وأضافت الإدارة أن متوسط إجمالي المنتجات الموردة، وهو مؤشر على الطلب، بلغ 18.3 مليون برميل يوميا في الأسابيع الأربعة حتى 16 تشرين الأول (أكتوبر)، بانخفاض 13 في المائة، عن الفترة نفسها قبل عام.
وتتفاقم المخاوف على صعيد الإمدادات بفعل التسارع الكبير لصادرات النفط الليبية في تشرين الأول (أكتوبر) مع استئناف التحميل بعد تخفيف حصار تضربه قوات من الشرق.
وشهدت ليبيا تعافي الإنتاج إلى 500 ألف برميل يوميا وتتوقع الحكومة في طرابلس تضاعف ذلك بحلول نهاية العام.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 40.88 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 41.04 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الخميس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي وأن السلة خسرت نحو أقل من دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 41.20 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط