أخبار اقتصادية- عالمية

الهند تستأنف العمل بأقصى طاقة .. الوباء ترك ملايين العمال على شفا مجاعة

الهند تستأنف العمل بأقصى طاقة .. الوباء ترك ملايين العمال على شفا مجاعة

توقعات بانكماش الناتج المحلي الإجمالي للهند 10.3 في المائة هذا العام. "الفرنسية"

تتجه الهند إلى أن تصبح الدولة التي تسجل أعلى عدد إصابات بفيروس كورونا المستجد في العالم، لكن من مصانع ماهاراشترا المزعجة إلى أسواق كولكاتا المزدحمة، عاد الهنود إلى العمل بأقصى طاقة، وهم يتطلعون إلى نسيان الوباء قبل موسم المهرجانات.
وبعد إغلاق صارم في آذار (مارس)، ترك الملايين على شفا المجاعة، قررت حكومة وشعب ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، أن تستمر الحياة.
فسونالي دانجي (29 عاما)، على سبيل المثال، لديها ابنتان صغيرتان وأم زوجها المسنة لتعتني بهم جميعا وحدها. أدخلت المستشفى هذا العام وهي تعاني آلاما مبرحة بعد إصابتها بفيروس كورونا.
لكن بعد أن استنفد الإغلاق مدخرات الأسرة تماما، اضطرت الأم للعودة للعمل في مصنع تكسب فيه 25 ألف روبية "340 دولارا" شهريا.
وقالت لـ"الفرنسية"، وسط ضجيج الآلات في مصنع نوبل لمعدات النظافة شرق بومباي، "الآن بعد أن تعافيت لم أعد خائفة من المرض".
وسجلت الوفيات المؤكدة للوباء أعلى معدل في الدول الأغنى في صفوف السكان الأكبر سنا، ويبلغ عدد الوفيات في الولايات المتحدة ضعف مثيله في الهند، رغم أن لديها ربع عدد السكان فقط.
وعانت البلدان الفقيرة مصاعب اقتصادية أسوأ بكثير، حيث يتوقع البنك الدولي أن يقع 150 مليون شخص في براثن الفقر المدقع في جميع أرجاء العالم.
وذكر نشطاء إن عديدا من الأطفال في العالم النامي يعملون الآن لمساعدة آبائهم على تغطية نفقاتهم، بينما أُجبرت آلاف الفتيات الصغيرات على الزواج.
وفي فاراناسي في شمال الهند، لم يعد سانشيت (12 عاما) يذهب إلى المدرسة، وعوضا عن ذلك يقوم بجمع القماش الذي تم التخلص منه من الجثث قبل حرقها في محرقة المدينة.
وقال الصبي "إذا كان حظي جيدا، أكسب نحو 50 روبية (70 سنتا) يوميا".
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للهند 10.3 في المائة هذا العام، وهو أكبر تراجع لأي دولة ناشئة كبرى والأسوأ منذ الاستقلال في عام 1947.
وعندما دخلت الهند في إغلاق وطني، شكل الأمر كارثة إنسانية، حيث ترك ملايين العاملين في الاقتصاد غير الرسمي عاطلين عن العمل ومفلسين ومعدمين فجأة.
ويخاطر الملايين بالخروج بحثا عن لقمة العيش في ظل الاقتصاد المتعثر.
قالت جارجي موخيرجي (42 عاما) عندما كانت تتسوق في منطقة السوق الجديدة في كولكاتا، التي تزدحم بالزبائن في موسم المهرجانات، "لا أحد يريد العودة إلى ذلك الوضع".
وأضافت "للبقاء على قيد الحياة يتعين على الناس الخروج والقيام بعملهم. إذا لم تكسب قوت يومك فلن تستطيع إطعام أسرتك".
ويحذر الخبراء من أن موسم تشرين الأول (أكتوبر) - تشرين الثاني (نوفمبر)، قد يؤدي إلى زيادة حادة في الإصابات، خاصة مع تدافع المستهلكين في الأسواق لشراء سلع باهظة الثمن بسعر مخفض.
وقالت ربة المنزل تياس داس (25 عاما)، "بالطبع يجب الخوف من (فيروس) كورونا، لكن ماذا أفعل؟.. لا يمكن تفويت الاستمتاع بالتسوق".
وقال سونيل كومار سينها، كبير الاقتصاديين في وكالة الهند للتصنيفات والبحوث، ومقرها بومباي، إن الهنود يواجهون خيارا صعبا. وتابع "يتعين على الناس اختيار الموت جوعا أو المخاطرة بالإصابة بفيروس قد يقتلك أو لا يقتلك".
وفي الواقع، فاجأ معدل الوفيات المنخفض نسبيا في الهند، نحو 1.5 في المائة من أكثر من سبعة ملايين حالة، كثيرا من الذين حذروا من أن فيروس كورونا سيؤدي إلى تدمير مدنها المزدحمة، التي تعاني سوء الصرف الصحي والمستشفيات العامة المتداعية.
حتى مع الأخذ في الحسبان بعض حالات الوفاة غير المحتسبة، فمن الواضح أن سيناريو الكابوس المتمثل في تكدس الجثث في الشوارع، كما حصل خلال جائحة الإنفلونزا في عام 1918، لم يحدث.
لكن برامار موخيرجي عالم الأوبئة في جامعة ميشيجن، حذر من أنه ينبغي للحكومة - ببساطة - ألا تدع الفيروس يأخذ مجراه.
وأفاد موخيرجي، بأن "من أجل الانفتاح عليك تكثيف إجراءات الصحة العامة.. إذا رفعت قدمك تماما عن المكابح، فإن الفيروس سينطلق أيضا".
وفي الشهر الماضي، انتقدت الجمعية الطبية الهندية حكومة مودي بسبب "عدم اكتراثها" بتضحيات موظفي الخطوط الأمامية في واحد من أقل أنظمة الرعاية الصحية تمويلا في العالم.
"الأمر كله بيد الله، هو وحده الذي يقرر متى سنعيش ومتى سنموت، ما الذي ستفعله مجرد كمامة؟"، هكذا رد شاندرابال ياداف، أحد عمال البناء، عندما منعه أحد الحراس من دخول موقع بناء في دلهي دون ارتداء الكمامة.
ما يقوله ياداف أمر شائع للغاية في الهند، الدولة التي يبلغ تعداد سكانها 1.3 مليار نسمة.
ويستخدم كثيرون وسائل نقل مشتركة، في حين يعمل آخرون على مسافات متقاربة. ويمكن للمواطنين الآن السفر مسافات أطول من ذي قبل أيضا، ما يؤدي إلى تكدس في أماكن انتظار الحافلات ومحطات القطارات والمطارات.
وتعج الشوارع والأسواق حاليا بالمواطنين مع اقتراب المواسم، كما شارك الآلاف في مظاهرات حاشدة خلال الأسابيع الأخيرة، متجاهلين مطالبتهم بالالتزام بالتباعد الاجتماعي، بحسب "الألمانية".
لكن المواطنين يشعرون بالضيق. وقال ياداف في موقع البناء في دلهي، قبل أن يتراجع ويستخدم وشاحا لتغطية وجهه، "يجب ألا ندع الخوف من هذا المرض يهيمن على حياتنا. لماذا نحن متوترون بشأنه طوال الوقت". وفي ظل تعداد السكان الكبير، وازدحام المدن، وضعف البنية التحتية لقطاع الصحة، يقول الخبراء إن الهند تسير على ما يرام حتى الآن.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية