FINANCIAL TIMES

كيف أضاعت "إي واي" فرصة إيقاف احتيال "وايركارد"

كيف أضاعت "إي واي" فرصة إيقاف احتيال "وايركارد"

يان مارساليك، رئيس العمليات في شركة وايركارد، المطارد من قبل الإنتربول، وخلفه إيدو كورنياوان، من الفريق المالي للشركة.

في أوائل آذار (مارس) 2017، قبل وقت طويل من أن يصبحا اثنين من أكثر الهاربين المطلوبين في العالم من موظفي المكاتب، كان رئيس العمليات في وايركارد يان مارساليك وزميله الشاب في الفريق المالي لشركة المدفوعات، إيدو كورنياوان، قلقين بشأن الهند.
شركة إي واي، مدققة حسابات وايركارد أطلقت تحقيقا، يحمل الاسم الرمزي، بروجيكت رينج Project Ring، يركز على الشركات التي اشترتها وايركارد في مدينة تشيناي الهندية.
على الرغم من أن شركة إي واي كانت قد أشرفت على دفاتر وايركارد لعدة أعوام دون وقوع حوادث، إلا أن تحقيق بروجيكت رينج كان في أيدي فريق جديد من المحققين، بناء على نصيحة مفادها أن كبار المديرين في المجموعة الألمانية ربما ارتكبوا عمليات احتيال وأن أحدهم حاول رشوة أحد مدققي الحسابات.
في تبادل للرسائل مع كورنياوان، نقل مارساليك تحذيرا من شخص ما في شركة إي واي. وفقا لنسخة من المحادثات التي تشاركها كورنياوان مع صديق، التي اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز"، "أخبر موظف مبتدئ موظفينا ’بشكل غير رسمي‘ أن لديهم شكوكا بشأن فواتير برامجنا وقد يحجبون تأكيد التدقيق".
أصدر مارساليك تعليمات إلى كورنياوان، الذي قاد فريق التمويل الآسيوي في وايركارد، بالتحدث إلى الشخص المسؤول عن التدقيق في الهند: ونصح مارساليك مرؤوسه بقوله: "ينبغي أن نتعامل مع الأمر كما لو كنا نعتقد أنه كان سوء فهم أو بعض الشذوذ الخاص بالهند".
لم ينجح جهد تشتيت الانتباه. بعد أن تحمل ثلاثة أشهر من التأخير والمراوغة، طلب فريق مكافحة الاحتيال في شركة إي واي مستندات وبيانات بحلول نهاية الأسبوع الذي تم فيه تقديم الطلب، وفقا لمراسلات استعرضتها "فاينانشيال تايمز".
دفع ذلك مارساليك للمتابعة عبر البريد الإلكتروني: "مرحبا إيدو، هل أنت مسيطر على الوضع؟ هذا يبدو مقلقا جدا. تحياتي، يان".
مع ذلك، إذا كان مشروع بروجيكت رينج فرصة لفضح الاحتيال المحاسبي داخل إحدى شركات التكنولوجيا التي تحظى بالثناء في ألمانيا، فقد تم تفويتها. المستندات الداخلية والمراسلات ومراجعة بروجيكت رينج من قبل "كيه بي إم جي"، إحدى شركات التدقيق الأربع الكبار، التي اطلعت عليها جميعا "فاينانشيال تايمز"، ترسم صورة للجهود الحثيثة التي بذلها المسؤولون التنفيذيون في وايركارد لقتل التحقيق وضمان أن تستمر شركة إي واي بإعطاء وايركارد، مجموعة المدفوعات التي كانت ناجحة للغاية، شهادة بأن وضعها المحاسبي سليم.
مرت ثلاثة أعوام أخرى قبل أن يتم الكشف عن حجم الخداع في وايركارد، وخلال تلك الفترة جمعت الشركة مليارات اليورو في شكل رأسمال جديد. تواجه شركة إي واي الآن تحقيقا من قبل هيئة الرقابة على الحسابات في ألمانيا Apas، ودعاوى قضائية من مستثمري وايركارد ورحيل عملاء مثل DWS، ذراع إدارة الأصول في دويتشه بانك وكوميرزبانك الألماني.
وفقا لمراجعة "كيه بي إم جي" لمشروع بروجيكت رينج، التي تمت كتابتها هذا العام كجزء من مراجعة خاصة واسعة النطاق لشركة وايركارد قبل انهيار المجموعة في حزيران (يونيو) ولكن لم يتم الإعلان عنها، تم إنهاء تحقيق شركة إي واي الجنائي في الهند قبل الأوان وترك أسئلة رئيسة دون إجابة.
قال التقرير: "ترى ’كيه بي إم جي‘ دليلا كان يستدعي عدم إنهاء التدقيق الخاص من قبل بروجيكت رينج وكان ينبغي التحقيق فيه حتى نهايته". أضافت المراجعة أن شركة إي واي كان ينبغي أن تكلف طرفا ثالثا بالتحقيق في ضوء الادعاء بمحاولة رشوة أحد موظفيها.

صندوق موريشيوس الغامض

تركزت الادعاءات التي حقق فيها فريق الاحتيال من شركة إي واي على استحواذ أعلنت عنه وايركارد في تشرين الأول (أكتوبر) 2015. دفعت الشركة 340 مليون يورو لكيان غير شفاف في موريشيوس يحمل اسم إيميرجينج ماركيتس إنفيستمنت فند أي آيه، ثمنا لثلاث شركات مدفوعات هندية: هيرميس أي تيكيت Hermes i Tickets، وجي أي تكنولوجي GI Technology، وستار جلوبال Star Global.
في ذلك الوقت لم تكشف وايركارد عن دور صندوق موريشيوس - الذي اشترى الشركات الهندية مقابل نحو 50 مليون يورو قبل أسابيع فقط وحقق أرباحا ضخمة من البيع.
شخص ما داخل شركة إي واي شعر بوجود شيء مريب. في أيار (مايو) 2016، مبلغ عن المخالفات لم يذكر اسمه من شركة إي واي قدم خطابا إلى المقر الرئيس للشركة في شتوتجارت، ألمانيا، يؤكد فيه أن "الإدارة العليا لشركة وايركارد ألمانيا" تمتلك حصصا بشكل مباشر أو غير مباشر في إيميرجينج ماركيتس.
كما اتهم المبلغ عن المخالفات كبار مديري وايركارد بالتضخيم المصطنع للأرباح التشغيلية للشركات المشتراة، التي ارتبط سعرها بربحيتها.
وفقا لتقرير شركة كيه بي إم جي كان ستيفان فون إيرفا، نائب كبير الإداريين الماليين لشركة وايركارد، هو المدير الوحيد في ألمانيا الذي تمت تسميته من قبل المبلغ عن المخالفات من شركة إي واي. لم تتم مقابلته من قبل فريق الاحتيال، ورفضت وايركارد السماح للفريق بالدخول إلى حساب بريده الإلكتروني. وقد نفى ارتكاب أي مخالفة.
في 23 آذار (مارس) 2017، استجاب فون إيرفا لطلبات بروجيكت رينج الحصول على معلومات بمحاولته وضع حد لمزيد من الاستفسارات. كتب فون إيرفا في رسالة بريد إلكتروني اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز": "إذا بدأنا الآن مرة أخرى في مجالات تدقيق جديدة تماما، فلن نصل إلى نهايتها أبدا. لذلك فوضت فريقي بالتركيز على تدقيق شركة إي واي المحلي في الهند وليس العمل على تلك المهام الجديدة".
لم يرد محامي فون إيرفا على طلب "فاينانشيال تايمز" للتعليق.
من بين مستلمي البريد الإلكتروني كان أندرياس لويتشر، الشريك الرئيس لشركة إي واي في تدقيق وايركارد، الذي يشغل الآن منصب رئيس قسم المحاسبة في دويتشه بانك. في الشهر التالي، تلقت وايركارد الرأي المعتاد بالتدقيق غير المشروط من شركة إي واي.
في كانون الأول (ديسمبر) من ذلك العام، سافر لويتشر إلى تشيناي في زيارة ميدانية لمدة يومين لشركة هيرميس، وهي إحدى الشركات التي استحوذت عليها وايركارد في 2015. بعد ذلك كتب إلى كورنياوان يشكره على "التحضير والمناقشات والتفسيرات والترفيه".
لكن مع بدء تدقيق مجموعة شركة إي واي على وايركارد في كانون الثاني (يناير) 2018، فإن الدور غير المعلن لصندوق موريشيوس، إيميرجينج ماركيتس، في الصفقة الهندية وفي السعر الأقل بكثير الذي دفعه مقابل الأصول، تم الكشف عنه من قبل مجموعة غير ربحية تسمى الآن مؤسسة الصحافة المالية. نفت وايركارد أن المساهمين قد تعرضوا "للسرقة"، وردت بالإشارة إلى الإشراف من قبل شركة إي واي على أنه يبعث الاطمئنان.
لكن فريق الاحتيال في شركة إي واي كانت لا تزال لديه شكوك. شارك الفريق في تحديث الحالة مع الإدارة العليا لشركة وايركارد في آذار (مارس) 2018: "من المحتمل أن بعض الملاحظات تدعم بعض المؤشرات على الادعاء بأن الإيرادات المختارة كان لها تأثير كبير في احتساب الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء، ما أدى إلى ارتفاع مدفوعات الأرباح إلى بائع هيرميس".

قتل مشروع بروجيكت رينج

بعد أقل من شهر، أنهت إدارة وايركارد مشروع بروجيكت رينج. في شرحه للقرار عبر البريد الإلكتروني إلى فريق الاحتيال في شركة إي واي في الثالث من نيسان (أبريل)، الذي أرسِلت نسخة منه إلى لويتشر، كتب مارساليك: "لاحظنا أن التحقيق والتحليل في الادعاءات في ’رسالة المبَلغ‘ في أيار (مايو) 2016 لم تكشف عن أدلة تدعم الاتهامات". وأضاف أن تحقيقا داخليا أجرته وايركارد خلص أيضا إلى أنه لا يوجد دليل على سوء سلوك أحد الموظفين في مجموعة المدفوعات.
وتابع البريد الإلكتروني: "ومن ثم نعتبر أن الادعاءات لا أساس لها ولن نجري أي تحقيق إضافي". وشكر كبير الإداريين التشغيليين شركة إي واي على "تحليلها الذي يتسم دائما بأنه شفاف ومهني للغاية".
بعد أسبوع، رد رؤساء فريق الاحتيال في شركة إي واي على سوء وصف مارساليك لعملهم. وأشاروا إلى أن التحليل حدد "المعاملات التجارية والروابط" التي قد تدعم الادعاءات التي أثيرت في خطاب المبلغ عن المخالفات، لكنهم لم يطعنوا صراحة في تقييم عميلهم.
بعد يوم، في 11 نيسان (أبريل) 2018، وقع لويتشر وزميله مارتن دامن على عمليات التدقيق لنتائج وايركارد في 2017. امتنع لوتشر عن التعليق.
اتهامات المبلغ عن المخالفات وبروجيكت رينج تلقتا إشارة موجزة فقط في تقرير التدقيق المكون من 42 صفحة الذي قدمته شركة إي واي إلى مجلس المشرفين في وايركارد حول نتائج في 2017. ذكر التقرير، الذي اطلعت عليه "فاينانشيال تايمز"، أن التحقيق العلمي الدقيق "انتهى" دون تقديم "أي دليل يشير إلى وجود عيوب في المحاسبة أو غير ذلك من انتهاكات القانون". تم ذكر الشيء نفسه في تقرير تدقيق شركة إي واي لنتائج 2018.
بالنسبة إلى هانسرودي لينتز، أستاذ المحاسبة في جامعة فورتزبورج، هذا يرقى إلى درجة التحريف من قبل مدققي شركة إي واي. قال لـ"فاينانشيال تايمز": "إذا جرت الأحداث كما هو موصوف، في رأيي، فإن وصف إي واي لموضوع ’المبَلغ من الهند‘ في تقريري التدقيق في 2017 و2018 غير سليم".
ظل الملاك المستفيدون النهائيون لـ"إيميرجينج ماركيتس إنفيستمنت فند أي آيه" لغزا. عند مواجهتها بأسئلة حول الصندوق، كانت وايركارد تشير دائما إلى المستشارين الخارجيين ذوي السمعة الطيبة المشاركين في الصفقة، مثل لينكليترز، شركة المحاماة التي هي عضو "الدائرة السحرية" لشركات المحاماة البارزة في المملكة المتحدة.
هذا الرأي كان له وزنه حتى بعد انهيار وايركارد هذا العام. في تموز (يوليو)، رفض قاض في المحكمة العليا في المملكة المتحدة دعوى احتيال مدنية ضد الشركة، وكتب: "بشكل حاسم، في رأيي، كانت إيميرجينج ماركيتس تتلقى النصح والمشورة من لينكليترز. وبصفتها شركة محاماة ذات سمعة طيبة، كانت ستقوم بالتحقيق في مركز إيميرجينج ماركيتس وكانت راضية عن أمور مثل الملكية المستفيدة لشركة إيميرجينج ماركيتس ، والامتثال لقوانين غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وغياب التهرب الضريبي وغير ذلك من عمليات الاحتيال".
لكن تقرير كيه بي إم جي أظهر أنه عند النظر في الادعاءات الأوسع حول المخالفات المحاسبية في 2019، حدد فريق الاحتيال في شركة إي واي شخصا واحدا قد تكون له صلات بصندوق موريشيوس: مارساليك.
لم يكن هناك دليل قاطع على ذلك، ونفى مارساليك أي صلة له عندما قابله محامو مجلس إشراف وايركارد. لكن مجلس المشرفين لم يقتنع، وطلب تأكيدا من مستشاره الضريبي، يشهد فيه بأن مارساليك لم يتلق قط أي دخل من موريشيوس، وفقا لعدد من الأشخاص الذين لديهم معرفة مباشرة بالموضوع. قال هؤلاء إن كبير الإداريين التشغيليين تجاهل الطلب على مدى عدة أشهر.

قائمة المطلوبين

اليوم وجه مارساليك موجود على الملصقات في جميع أنحاء ألمانيا في إطار مطاردة من جانب الإنتربول. كورنياوان، الذي أخبر محامي وايركارد أنه كان يتصرف دائما بناء على تعليمات كبير الإداريين التشغيليين في وايركارد، شوهد آخر مرة في دبي قبل 18 شهرا. وفون إيرفا محتجز لدى الشرطة بتهمة الاحتيال والاختلاس والتلاعب بالسوق.
قالت شركة إي واي لـ"فاينانشيال تايمز" في وقت سابق هذا الشهر إن "القضايا المتعلقة بمخاوف الاحتيال والرشا المحتملة في الهند" أثيرت من قبل موظف كان يتبع "البروتوكولات المعمول بها".
وشددت الشركة على أن المزاعم "تم التحقيق فيها من قبل الشركة، إضافة إلى فرق التدقيق والتحليل الجنائي والعلمي في شركة إي واي ألمانيا" وأنه تم إبلاغ وايركارد بملاحظاتهم. قالت: "استنادا إلى المعلومات المتاحة لنا، نعتقد أن موظفين من شركة إي واي الهند وأماكن أخرى قاموا بإجراءاتهم بشكل احترافي وبحسن نية".
أشارت إلى أن الممارسة القياسية في الصناعة هي أن يكون المدققون "في الموقع، وأن ينخرطوا ويواجهوا الإدارة المحلية. هذه الاجتماعات لديها جداول إجراءات تدقيق واضحة". أضافت أن صفقة وايركارد في الهند "كانت موضوع العناية الواجبة المكثفة من قبل شركات المحاماة وشركات المحاسبة الدولية".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES