Author

حتى ترضخ إيران

|

 
جاءت الموجة الجديدة من العقوبات الأمريكية على إيران، ضمن إطار الاستراتيجية المعلنة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. فالرجل يقف بقوة ضد النظام الإرهابي الحاكم في طهران، ويرى أن هذا النظام لا يصنع المخاطر التي تهدد شعبه فحسب، بل ينشرها في المنطقة والعالم، عبر تمويله الإرهاب والعصابات التابعة له في هذا البلد أو ذاك، فضلا عن الخلايا النائمة التي جندتها إيران منذ عقود في قلب الدول الغربية، إضافة إلى التدخلات التخريبية العدوانية الطائفية البغيضة في عدد من الدول العربية، فضلا عن تحدي طهران المجتمع الدولي عبر تطوير صواريخ باليستية، والسعي المتواصل إلى تطوير القدرات النووية، واعتراض الملاحة التجارية المدنية في مياه الخليج العربي، وغير ذلك من ممارسات كرست وضعية إيران دولة مارقة.

العقوبات الجديدة، التي أعلنتها وزارة الخزانة الأمريكية، كانت متوقعة، لأن إدارة ترمب أعلنت مرارا أنها ستواصل فرض مثل هذه العقوبات عندما ترى ذلك متناسبا مع الأعمال الإيرانية العدوانية.

ورغم موقفها الصارم من نظام الإرهاب في إيران، إلا أن الإدارة الأمريكية، أبقت دائما الباب مفتوحا للحوار على أسس واقعية واضحة، ودون أي شروط من جانب طهران، بل قيام الأخيرة بالتوقف عن ممارساتها العدوانية ليس خارج أراضيها فقط، بل داخلها. إلا أن نظام علي خامنئي، ليس مستعدا للحوار، ولا يبدو أنه سيكون كذلك في المستقبل، لأنه - ببساطة - لا يعرف أي نوع من السياسات التي تدعم علاقات طبيعية بين بلاده والمجتمع الدولي، بل كل ما يعرفه ويعمل من أجله ويدعمه ويؤسس له، هو السياسات العدوانية التخريبية، تسندها أوهام طائفية.

القرار الأمريكي الأخير وجه ضربة أخرى جديدة للقطاع المصرفي في إيران، بعد أن شملت قائمة العقوبات 18 مصرفا إيرانيا رئيسا. وهذه الموجة من العقوبات، أكدت مرة أخرى أيضا لكل الدول ألا تفكر ولو للحظة في أي تعاملات مالية مع النظام الإرهابي هناك، بما فيها بعض الدول الأوروبية، التي حاولت في السابق، وفشلت في التأسيس لعلاقات مالية وتمويلية مع طهران. فالآلية المالية التي أنشأها الأوروبيون قبل ثلاثة أعوام تقريبا، انهارت حتى قبل أن تبدأ العمل، تحت ضغط وغضب الولايات المتحدة، الأمر الذي دفع الشركات والمصارف الأوروبية كلها إلى التخارج في أقرب وقت ممكن من الساحة الإيرانية، خوفا من العقوبات الأمريكية، فالموقف الأمريكي يظل حاسما في هذا المجال، ولا يبدو أنه سيتغير في ظل إدارة الرئيس ترمب.

بالطبع، العقوبات الجديدة هي جزء من عقوبات هائلة استهدفت جميع القطاعات الإيرانية، بغية شل حركة الاقتصاد الوطني هناك. وفي الأعوام القليلة الماضية، سار هذا الاقتصاد من سيئ إلى أسوأ، إلى درجة أن اعترف الرئيس حسن روحاني، بأن اقتصاد بلاده صار - بالفعل - على حافة الهاوية. ورغم قوة العقوبات الأمريكية الحالية والسابقة، إلا أن واشنطن ابتعدت في عقوباتها عن ميادين إنسانية، مثل السلع الأساسية الزراعية والأغذية والأدوية والأجهزة الطبية.

الهدف الأهم الآن، هو عزل القطاع المالي الإيراني تماما، وقد نجحت الإجراءات الأمريكية في تضييق الخناق على هذا القطاع، إلا أن ضم مصارف إيرانية جديدة إلى قائمة العقوبات، سيؤدي إلى توقفه التام في فترة زمنية قصيرة. وتستهدف الإدارة الأمريكية ضمن ما تستهدف، بعض العمليات المالية، التي أجرتها طهران مع بعض الجهات المتعاونة معها سرا، رغم تواضع قيمة هذه العمليات.

الحصار الاقتصادي المفروض على إيران سيتواصل، حتى ترضخ هذه البلاد إلى صوت العقل، وتكون جزءا طبيعيا من المجتمع الدولي كله.

إنشرها