الجمعيات الخيرية في الهند تكافح من أجل البقاء
"مؤسسة السكان في الهند" تعزز تنظيم الأسرة وتمكين المرأة في القرى والأحياء الحضرية الفقيرة منذ 50 عاما. وهي جزء من مجموعة من الجمعيات الخيرية الهندية التي تتلقى مجتمعة أكثر من ملياري دولار سنويا من التبرعات الأجنبية لمكافحة سوء التغذية ووفيات الأمهات والأمية.
لكن حكومة ناريندرا مودي تعد معظم المؤسسات الخيرية ذات التمويل الأجنبي مزعجة أو حتى تخريبية. في الأسبوع الماضي، قدمت إدارة رئيس الوزراء قانونا يشدد القيود على المنظمات غير الربحية، التي حذرت من أن التغييرات تهدد قدرتها على العمل.
قالت بونام موتريجا، المديرة التنفيذية لمؤسسة السكان الهندية، التي تلقت 3.8 مليون دولار من التبرعات الأجنبية العام الماضي: "سيؤدي هذا إلى إضعاف قطاع المنظمات غير الحكومية بشكل كبير. سنفقد صوتنا وحريتنا وقدرتنا على التحدث والصراخ".
نيودلهي متشككة بشدة في أنشطة الجمعيات الخيرية الممولة من الخارج. في 2014 اتهم تقرير لمكتب الاستخبارات مجموعات مثل أوكسفام وأكشن إيد ومنظمة انقذوا الأطفال "بالتأثير السلبي في التنمية الاقتصادية".
يشتبه في أن بعض المنظمات غير الربحية تدعم الإرهاب، بينما ينظر إلى الجمعيات الخيرية المسيحية أيضا بعدم ثقة من قبل قاعدة الدعم القومية لمودي، التي تعتقد أن هدفها الوحيد هو تحويل الهندوس إلى المسيحية.
تم دفع القانون الجديد من خلال جلسة برلمانية مختصرة دون سابق إنذار أو نقاش عام، ما أدى إلى أن تؤخذ الجماعات غير الربحية على حين غرة. قالت موتريجا: "تم ذلك بسرية هائلة وبخفية وانعدام الشفافية".
نيتياناند راي، وزير الدولة للشؤون الداخلية، أخبر البرلمان أن القيود ضرورية لجعل عمليات المؤسسات الخيرية أكثر شفافية، ومنع إساءة استخدام الأموال الأجنبية وضمان "ألا تؤثر الأموال الأجنبية في المصلحة الوطنية".
تم إقرار القانون بعد أسابيع فقط من تجميد السلطات الحسابات المصرفية المحلية لمنظمة العفو الدولية، ما أجبر هيئة مراقبة حقوق الإنسان على تعليق عملياتها.
قالت إنجريد سريناث، مديرة "مركز التأثير الاجتماعي والعمل الخيري" خارج نيودلهي، الذي يروج للأعمال الخيرية الاستراتيجية: "مثل الحكومة الصينية، هذه الحكومة لديها فكرة أن هناك منظمات غير حكومية جيدة ومنظمات غير حكومية سيئة".
أضافت: "تقدم المنظمات غير الحكومية الجيدة خدمة منخفضة التكلفة في المرحلة الأخيرة، ولا تسأل أي أسئلة حول سبب عدم قيام الحكومة بذلك. وبمجرد أن تطرح مثل هذه الأسئلة، تصبح منظمة غير حكومية سيئة".
تبدو التغييرات التنظيمية مرهقة وبيروقراطية، وتنطوي على حد أقصى بنسبة 20 في المائة للمصروفات الإدارية، بما في ذلك رواتب الموظفين، وتحظر على المؤسسات الخيرية الممولة من الخارج منح المال للمنظمات الأصغر.
لكن أميتاب بيهار، الرئيس التنفيذي لأوكسفام الهند، قال لـ"فاينانشيال تايمز" إن الشروط ضربت في صميم كيفية عمل المجموعات غير الربحية. "سيشكل هذا اضطرابا هائلا. لقد جعلت الأمر صعبا لدرجة أنها ستكسر في النهاية العمود الفقري للقطاع".
ولاحظ بيهار إن نيودلهي بدت حريصة على قصر المؤسسات غير الربحية على تقديم الإغاثة المادية. قال إن السلطة تقول ضمنيا "إذا ذهبت وقدمت خدمات، فنحن سعداء بك. الجياع يحتاجون إلى الغذاء، أو المرضى بحاجة إلى نقلهم إلى المستشفى، ولا بأس بذلك". لكنه أضاف أن شروط الحكومة ستقيد الأنشطة التي تهدف إلى إحداث تغيير اجتماعي وسلوكي طويل الأجل.
تلقت أكثر من 20 ألف مجموعة من منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك المؤسسات الخيرية ومراكز الأبحاث، في الهند نحو 2.3 مليار دولار من منظمات خيرية في الخارج في 2018-2019، وهو العام الأخير الذي تتوافر عنه البيانات.
الجمعيات الخيرية الأكبر والأكثر تطورا، الموجودة في المدن، عادة ما تتلقى الأموال قبل صرف بعض الأموال لمجموعات أصغر تعمل مع الهنود الأشد فقرا وتهميشا في المناطق النائية.
قالت "شبكة العمل التطوعي في الهند"، وهي ائتلاف من المجتمع المدني، إن الحظر المفروض على تمرير الجمعيات الخيرية الأموال هو "ناقوس الموت" للمنظمات الشعبية.
القيود الجديدة هي الدفعة الأحدث في حملة طويلة. قامت وكالات إنفاذ القانون مرارا وتكرارا بتجميد الحسابات المصرفية المحلية لمجموعة السلام الأخضر البيئية وكذلك منظمة العفو الدولية. في 2017، منعت نيودلهي "مؤسسة الصحة العامة في الهند" من تلقي تبرعات أجنبية بعد أن أثارت حملة نظمتها ضد التبغ غضب الصناعة.
على الرغم من تقييدها للجمعيات الخيرية التي تعمل بدعم أجنبي، أنشأت الهند مجموعة من الصناديق الخيرية المحلية. ويتعين على الشركات الكبيرة التبرع بـ2 في المائة من متوسط صافي أرباحها لأسباب اجتماعية، ووصلت هذه التبرعات إلى نحو 2.4 مليار دولار في 2018-2019.
لكن كثيرا من هذا العمل الخيري للشركات قد تم توجيهه إلى المشاريع المفضلة لمودي، بما في ذلك حملة وطنية لبناء المراحيض وتمثال ضخم لأحد زعماء الاستقلال. هذا العام، تدفقت الأموال على "رئيس الوزراء يهتم" PM Cares، صندوقه الخاص للإغاثة من فيروس كورونا.
قالت سريناث إن هناك حاجة إلى جمعيات خيرية مستقلة ومجموعات مجتمع مدني لمساعدة الهند على تطوير برامج اجتماعية مبتكرة. "ما ينبغي أن يفعله العمل الخيري هو التجريب، وهو أمر لا تجيده الحكومة ولا الشركات".
يحذر النشطاء من أن الأموال الخيرية الأجنبية يمكن أن تتضاءل. وتتوقع موتريجا، من مؤسسة السكان الهندية، أن "تتقلص المنظمات غير الحكومية الصغيرة ويتم إغلاق المنظمات غير الحكومية الكبيرة التي تقدم معلومات غير ملائمة للحكومة".