FINANCIAL TIMES

سوق الإسكان البريطانية تتحدى الجاذبية وتحلق عاليا

سوق الإسكان البريطانية تتحدى الجاذبية وتحلق عاليا

عدد المساكن المبيعة ارتفع في آب (أغسطس) مقارنة بما كان عليه في شباط (فبراير).

في نيسان (أبريل)، مع الإغلاق في المملكة المتحدة بسبب فيروس كورونا، وتجمد سوق العقارات، توقعت شركة سافيلز للعقارات أن تنخفض أسعار المنازل 5 إلى 10 في المائة على المدى القصير.
كان الإجماع بين الخبراء في ذلك الوقت، هو أن عدد مبيعات المنازل سينهار، لكن بعد بضعة أشهر فقط، أخذت سوق الإسكان في الازدهار. سجلت أسعار المنازل في المملكة المتحدة مستوى قياسيا مرتفعا الشهر الماضي، وفقا لجمعية نيشن وايد للبناء. وأظهرت بيانات من إدارة الإيرادات والجمارك البريطانية أن ما مجموعه 84910 معاملات، سجلت في آب (أغسطس)، مقارنة بـ82830 في شباط (فبراير) ـ قبل شهر من الإغلاق.
كانت السوق مدعومة بأسعار فائدة منخفضة للغاية. خفض بنك إنجلترا سعر الفائدة الأساسي إلى مستوى قياسي منخفض، بلغ 0.1 في المائة في بداية أزمة كوفيد - 19 في آذار (مارس).
لكن هل من المرجح أن يستمر ازدهار السوق؟ هناك عاملان، مؤقتان بطبيعتهما، وراء ذلك: الأول، تحرير الطلب المكبوت بعد تخفيف قيود الإغلاق على القطاع في أيار (مايو)، والآخر، تحرك الحكومة في تموز (يوليو) وإدخالها الإعفاء من رسوم الدمغة، مع عدم دفع مشتري المنازل أي ضريبة على أول 500 ألف جنيه استرليني من أي معاملة في إنجلترا وإيرلندا الشمالية.
المشترون، ولا سيما الأثرياء، عادوا إلى السوق أسرع من المتوقع، لكن بعض الخبراء يعتقدون أن الطفرة ستتلاشى.
يتوقع مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال، وهو مركز استشاري، انخفاضا يبلغ 14 في المائة في متوسط أسعار المنازل العام المقبل، مشيرا إلى أن السوق تعززت بشكل مصطنع من الإعفاء من رسوم الدمغة.
قال المركز: "خلال آب (أغسطس)، تحدت سوق الإسكان في المملكة المتحدة الجاذبية مرة أخرى، مع إجراءات غير رسمية وضعت متوسط الأسعار عند مستويات قياسية مرتفعة. وهذا يتعارض مع الاضطراب الاقتصادي الأوسع".
التوقعات تتدهور مرة أخرى. بعد ما يتوقع أن يكون تعافيا قويا في النمو في الربع الثالث عقب الركود في النصف الأول من العام، يبدو أن الناتج المحلي الإجمالي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2020 سيتأثر بعودة ظهور فيروس كورونا والقيود الاجتماعية الجديدة.
ريشي سوناك، وزير المالية، أشار يوم الخميس الماضي إلى ارتفاع البطالة، بعد أن أكد خططا لإنهاء برنامج الإجازة الحكومية. مخططه الجديد لدعم الوظائف ليس من المقرر أن يوافر غطاء لجميع العاملين، الذين يقدر عددهم بثلاثة ملايين، لا يزالون في برنامج الإجازة، الذي ينتهي في 31 تشرين الأول (أكتوبر).
ينتهي أيضا الإعفاء من مدفوعات الرهن العقاري الحكومية لأصحاب المنازل، الذين يكافحون من أجل سداد فواتيرهم، في 31 تشرين الأول (أكتوبر). وقد يمنح هذا المقرضين الفرصة لإعادة تملك منازل، على الرغم من توقعات بأن يكون كثير منهم متساهلين.
في الوقت نفسه، المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يسعيان جاهدين لإبرام صفقة تجارية قبل انتهاء الفترة الانتقالية لـ"بريكست" في 31 كانون الأول (ديسمبر)، لكن كثيرا من المشكلات الكبيرة لم تحل بعد. ومن دون اتفاق سيتضرر الاقتصاد مرة أخرى.
قال نيل هدسون، المحلل في شركة بيلت بلاس الاستشارية: "سنرى الأخبار السيئة تتصاعد". أضاف: "حالات التسريح بين الأصدقاء والعائلات - عندما تصبح هذه الأشياء حقيقية سنرى التداعيات (على استعدادهم لشراء العقارات)، ثم عامل بريكست في المقدمة. هل سيبدأ ذلك في التسلل مرة أخرى إلى تفكير الناس؟".
لكن في ربيع العام المقبل، وليس هذا الشتاء، يخشى كثير من الخبراء أن تشهد سوق الإسكان انكماشا حادا.
في آذار (مارس)، سيتم إصلاح خطة المساعدة على شراء قرض أصل عقاري، وهو الإجراء الذي اتخذته الحكومة لدعم سوق الإسكان في إنجلترا، وستقتصر على المشترين لأول مرة، وستحدد قيمة المنازل المشتراة بموجب الخطة بأسعار مختلفة في جميع المناطق.
الإعفاء من رسوم الدمغة، سينتهي أيضا في آذار (مارس). في المرة الأخيرة، التي تم فيها تقديم مثل هذا الإعفاء، في 2008، أدى ذلك إلى ارتفاع حاد في معاملات الإسكان التي تراجعت بسرعة عندما انتهى الإعفاء الضريبي.
قد تنظر الحكومة في تمديد الإعفاء الحالي، لكن ليس من الواضح ما إذا كان فعل ذلك سيؤدي إلى زيادة المبيعات مرة أخرى. عادة ما ينظر إلى مثل هذه الإعفاءات الضريبية على أنها تسريع لشراء المنازل من قبل الأشخاص المهتمين بحيازة عقار، بدلا من جر مشترين جدد إلى السوق، ما يعني أن التأثير يتلاشى بمرور الوقت.
أصبح المقرضون أيضا أكثر تحفظا، إذ سحبوا بعض رهون نسبة القرض إلى القيمة الأعلى، ما أدى إلى إخراج مجموعة من المشترين المحتملين من السوق. شكل المشترون لأول مرة عددا متزايدا من المبيعات على مدار العقد الماضي، لكن من المرجح أن يتضرروا من معايير الإقراض الأكثر صرامة.
توقع لوسيان كوك، رئيس قسم الأبحاث السكنية في "سافيلز"، أن تثبت أسعار المنازل بدلا من أن تنخفض في 2021، طالما أن أولئك الذين فقدوا وظائفهم يمكنهم إيجاد طريقة للعودة إلى العمل.
قال: "سنشهد استقرار أسعار المنازل العام المقبل، وبعض الضغوط الصاعدة في الربع الأول من العام، التي ستنتهي بعد ذلك في النصف الثاني. الأهم هو مدى سرعة تراجع هذا الارتفاع في البطالة".
هناك خبراء آخرون أقل تفاؤلا، قال هدسون، كان هناك خطر ضئيل من نوع انهيار الإسكان، الذي أعقب الأزمة المالية في 2008، عندما انخفضت الأسعار 20 في المائة لأكثر من عام بقليل، لأن المشترين والمقرضين توخوا في الآونة الأخيرة الحذر أكثر مما فعلوا في 2006 و2007،
لكنه أضاف أن المعاملات من شبه المؤكد أن تنخفض في العام المقبل، وأن الأسعار يمكن أن تتبعها. "لا تزال هناك فرصة لتلاشي الأمور دون إحداث ضجة، لكن يبدو أن الضجة لا ترحم على الأرجح في الوقت الحالي".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES