default Author

جهود محاربة المجاعة في زمن الجائحة «1من 2»

|
على مدى عام تقريبا قبل أن تجبرنا جائحة فيروس كورونا جميعا على التزام منازلنا كنت أجوب دول الساحل وأتحدث إلى كثير من العاملين في مجال إنتاج الماشية. وساعدنا ذلك على حصر الاتجاهات الديموغرافية أخيرا. فخلال الـ 30 عاما الماضية، زاد سكان غرب إفريقيا بمقدار الضعف، وشهدت المنطقة توسعا سريعا في المدن.
ورغم أن هذا النمو السكاني يعد ميزة في كثير من النواحي، فإنه يشكل أيضا تحديا، ولا سيما من حيث الأمن الغذائي. فمن المتوقع أن يزيد الطلب على اللحوم ومنتجات الألبان في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بحلول عام 2050 بنسبة 327 و270 في المائة على الترتيب، بينما من المرتقب أن يزيد الطلب على الحبوب بنسبة 190 في المائة مقارنة بمستوياته عام 2012. في بوركينا فاسو على سبيل المثال، من المتوقع أن يصل استهلاك الألبان في الفترة من 2015 إلى 2050 إلى 1.3 مليون طن متري، واستهلاك اللحوم إلى 0.5 مليون طن متري، بما يعادل زيادة بنسبة 176 و290 في المائة على الترتيب. وهذا يطرح عديدا من الأسئلة: هل يمكن أن يواكب الإنتاج المحلي سرعة وتطور الطلب؟ هل يمكن تجنب شدة الاعتماد على المنتجات الحيوانية المستوردة؟ هل يمكن ضمان الاستمرار في إتاحة حصول السكان على المنتجات الحيوانية رغم أن أغلبهم مازال يعاني الفقر وسوء التغذية؟ وكيف يمكن ضمان ألا يضر هذا النمو بالبيئة؟
نحتاج إلى مزيد من البحث والبيانات الدقيقة لتحسين معرفتنا بمختلف أنظمة الثروة الحيوانية وتكلفة كل منها ومزاياها وحدودها. لكن في الساحل تبين على نطاق واسع أن النظام الرعوي يتيح منافع اقتصادية وبيئية واجتماعية. ومع هذا، ما زال عديد من التصورات الخاطئة مستمرة، وينبغي التخلص منها.
أحد هذه التصورات الخاطئة يتعلق بمسألة الإنتاجية. فعلى النقيض مما قد يعتقده البعض، ثبت مرارا وتكرارا أن الرعي المتنقل أكثر إنتاجية بكثير من الرعي المستقر في البيئات شبه القاحلة والقاحلة. وفضلا عن ذلك، فإن الأنظمة الرعوية تنتج أكثر من مجرد اللحوم، فهي تنتج الألبان، وتخصب التربة الفقيرة، وتساعد على استقرار التربة غير الصالحة لأي نشاط زراعي آخر وتؤهلها للاستعمال المنتج.
وهذا نبأ سار، إذ تضم منطقة الساحل أكثر من 200 مليون من الرعاة الذين يربون ما يقرب من 60 مليون رأس من الجاموس، و180 مليون رأس من الأغنام والماعز، تنتج كثيرا من اللحوم ومنتجات الألبان التي تستهلكها المنطقة، وتدر دخلا لأكثر من 80 مليون شخص.
وبالنسبة لشريحة كبيرة من السكان، فإن المنتجات الرعوية أكثر قدرة على المنافسة وأقل سعرا من منتجات الإنتاج الحيواني المكثف، ذات التكلفة العالية التي تتطلب كثيرا من المدخلات "العلف والأدوية البيطرية" التي تنعكس على السعر. والحيوانات الرعوية تذبح أيضا حسب الطلب، ومن ثم تحد من مخاطر الخسائر الناجمة عن ندرة المبردات وتكلفتها الباهظة ومخازن التبريد. وفي الدول التي تأتي في ترتيب يراوح من 67 (السنغال) إلى 115 (تشاد) على المؤشر العالمي للجوع الذي يضم 117 بلدا، لايمكن أن تكون هناك مبالغة في أهمية الحصول المباشر على اللبن، وهو غذاء غني بالمغذيات الأساسية للملايين من أسر الرعاة والمزارعين الرعاة في منطقة الساحل ولسكان المناطق الريفية النائية الذين يباع لهم فائض الإنتاج... يتبع.
إنشرها