الأثير الجديد

احتفلت إذاعة القرآن الكريم الأسبوع الماضي، بمناسبة مرور 50 عاما على انطلاقتها، ورغم محتواها المتخصص، إلا أن قوتها الناعمة استطاعت الوصول إلى 130 دولة حول العالم كما صرحت، وبات يتعين التفكير في تطوير منظومة العمل الإذاعي في المملكة كإذاعة نداء الإسلام والإذاعات الموجهة، وإبداع أثير جديد من خلال البودكاست، الذي يعد إحدى تقنيات الإعلام الرقمي، ويلقى رواجا لافتا في الأوساط العربية نظرا لقربه من الثقافة السائدة التي تحب الرواية في المجالس الشعبية، وتعشق القصص السردية.
سوق التدوين الصوتي نشطة في الأعوام الأخيرة، وزاد الاهتمام عالميا بعد كورونا، ولا أدل على ذلك من البحث الذي قام به مركز أديسون للأبحاث واستطلاعات الرأي في آذار (مارس) 2020 إلى أن 55 في المائة من الراشدين في الولايات المتحدة استمعوا للبودكاست مرة واحدة على الأقل، فيما يستمع 25 في المائة من السكان إلى البودكاست أسبوعيا، علاوة على أنه أحد استثمارات "أمازون" عبر خدمة أليكسا، واقتنصته شركة أبل، ليكون أحد أهم منصاتها ووفرت ما يزيد على 30 مليون حلقة.
تشير التوقعات لإمكانية توسع الاهتمام بالتدوين الصوتي وازدياد مساحة حضوره واندماجه في النسيج اليومي لحياة الملايين من البشر، يدعم ذلك عدة أسباب منها تنظيم الاكتظاظ المعرفي والمعلوماتي الضخم القادم من الشبكات الاجتماعية وانتقاء الوسائط الأكثر أريحية للمستخدم والتركيز على الرواية المتخصصة والقادرة على اكتساب شرائح تحب الطبيعة السردية، وفي السعودية، ثمة تجارب ناجحة، لكن الطريق ما زال طويلا لإيجاد مجتمع أثيري جديد قادر على إحداث نقلة نوعية في المحتوى السردي المصطبغ بالثقافة العربية.