4 الاف قطعة أثرية وتراثية تزين قاعات المتحف الوطني في الرياض
4 الاف قطعة أثرية وتراثية تزين قاعات المتحف الوطني في الرياض
يعد المتحف الوطني بمدينة الرياض من أهم المعالم التراثية والثقافية التي تشتهر بها العاصمة حيث يتربّع على مساحة 17000 متر مربع في الجانب الشرقي من مركز الملك عبد العزيز التاريخي، بحي المربع بجوار قصر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن كما تبلغ مساحة مبانيه الإجمالية حوالي 28000 متر مربع.
وقد طور البرنامج المعماري للمتحف بعناية لبناء مؤسسة نوعية تضاهي مثيلاتها الجديرة بالاحترام على مستوى العالم، ويتجاوب مبنى المتحف الوطني معمارياً مع المقياس والتشكيل الحجمي للمباني التاريخية المجاورة له.
وقد أقيم المتحف الوطني ليكون معلما وطنيا على مستوى السعودية، لإثراء المسيرة التعليمية والتوعية الثقافية المتحفية وللمساهمة في التعريف بالمواقع الأثرية والموروث الحضاري للمملكة من خلال المعروضات الأثرية والتراثية وباستخدام الوسائل المقروءة والسمعية والبصرية المختلفة.
ويسعى المتحف الوطني لأن يكون رائدا ومتميزا في خدمة زواره والعناية بمقتنياته وعرضها والتعريف بها والاستفادة منها اجتماعيا وثقافيا وتربويا واقتصاديا وسياحيا والمساهمة في خدمة تاريخ المملكة وآثارها وتراثها.
ويتكون المتحف الوطني من 8 قاعات عرض دائمة تحكي قصة الحياة على أرض المملكة منذ أن سكنها إنسان العصر الحجري بمراحله المختلفة حتى نشوء المجموعات القبلية وظهور القرى والمدن التي أصبحت فيما بعد ممالك لها مكانتها في العالم القديم وتبرز قاعات المتحف الدور التاريخي والحضاري التي قامت به الجزيرة العربية بعد ظهور البعثة النبوية من خلال الدول المتعاقبة التي حكمتها وصولًا إلى الدولة السعودية الحديثة ودور الحرمين الشريفين في نشأة الطرق والمدن الإسلامية.
وتبدأ رحلة الزائر إلى المتحف الوطني بقاعة الإنسان والكون وهي أولى القاعات بلغت مساحتها 1500 متر مربع وتضم 451 قطعة أثرية تتناول في عرضها التغيرات التي تتم في كوكب الأرض ومدى تأثيرها في حياة الإنسان والثروات المعدنية في السعودية كما تضم نماذج لعينات النفط الخام وعرضا للحيوانات المنقرضة منذ ملايين السنين والتعريف بالبيئات الطبيعية الصالحة للمعيشة في السعودية والتقنيات البدائية للإنسان ما قبل التاريخ، ومجموعة من المواد الفخارية والحلي النسائية التي تعود لحضارة العبيد قبل سبعة آلاف سنه قبل الميلاد.
تليها قاعة الممالك العربية وهي ثاني قاعات المتحف الوطني بلغت مساحتها 1500 متر مربع وتضم 659 قطعة أثرية، وتمثل الفترة الممتدة من الألف الرابع قبل الميلاد إلى الألف الثاني الميلادي وتقسم إلى 3 أقسام هي (الممالك العربية القديمة والممالك العربية الوسطى والممالك العربية الحديثة).
وتمثل هذه الممالك المدن والقرى والمراكز الحضارية التي ازدهرت بمكانتها الدينية أو الاقتصادية وموقعها على طرق التجارة القديمة واستمر بعضها إلى اليوم لوجود مقومات بقائها.
بعدها يدخل الزائر قاعة المتحف الثالثة وهي قاعة العصر الجاهلي، وتبلغ مساحتها 500 متر مربع وتضم 392 قطعة أثرية تمثل الفترة الممتدة من سنة 400 ميلادية حتى مولد النبي صل الله عليه وسلم وتبين معروضاتها مواقع القبائل العربية التي عاشت في الجزيرة العربية والعقائد السائدة حينها وأنماط الحياة اليومية والعادات وأسواق العرب والنواحي السياسية والاقتصادية.
ويصل بعد ذلك زائر المتحف الوطني إلى قاعة البعثة النبوية وهي رابع قاعات المتحف، حيث تبلغ مساحتها 350 مترا مربعا فيها مخطوط مستنسخ لمصحف الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وتمثل القاعة فترة بزوغ الإسلام وبدء انتشاره وسلسلة نسب الرسول صل الله عليه وسلم، وبعض الملامح من حياته ومن عناصر العرض المهمة في هذه القاعة لوحة جدارية بطول 42 مترا وعرض مترين، تمثل أحداث الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة المنورة.
وتبلغ مساحة القاعة الخامسة، قاعة الإسلام والجزيرة العربية 1200 متر مربع، وعدد القطع المعروضة 1146 قطعة أثرية وتتناول القاعة هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وتتناول غزواته حتى وفاته ثم عصر الخلفاء الراشدين والعصر الأموي والعباسي والعصور التي تلت ذلك. وفي القاعة عروض مرئية ومجسمات توضيحية لبعض الآثار الإسلامية .
ثم يدخل الزائر سادس قاعات المتحف الوطني وهي قاعة الدولة السعودية الأولى والثانية وتبلغ مساحتها 900 متر مربع حيث يعرض فيها 261 قطعة تراثية ، وتنقسم القاعة إلى قسمين (القسم الأول يمثل الدولة السعودية منذ تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود 1139 حتى سقوطها سنة 1233 والقسم الثاني يمثل الدولة السعودية الثانية التي قامت على يد الإمام تركي بن عبدالله سنة 1240 وانتهت بخروج الإمام عبد الرحمن بن فيصل من الرياض سنة 1309. وتعرض القاعة مجسمين لعاصمة الدولة السعودية الأولى الدرعية وعاصمة الدولة السعودية الثانية الرياض وفلما مرئيا عن حصار الدرعية.
يليها قاعة توحيد المملكة التي تبدأ بفلم استثنائي عن توحيد المملكة العربية السعودية وتبلغ مساحتها 1200 متر مربع وعدد قطعها 1312 قطعة تراثية وهي تمثل فترة نشأة الدولة السعودية الثالثة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1319 هجري. وتعرض القاعة عددا من المجسمات للمباني التراثية ومشروع توطين البادية وترتيب الأقاليم والمناطق، التي دخلت في توحيد المملكة بقيادة الملك المؤسس رحمه الله وتختم ببدايات تنظيم الدولة واكتشاف النفط.
وتختتم قاعات المتحف بالقاعة الثامنة وهي قاعة الحج والحرمين الشريفين، وتبلغ مساحتها 800 متر مربع وعدد القطع المعروضة 192 قطعة تراثية، حيث تمثل الحج والمناسك والآثار المتعلقة بهما، ودور الدول الإسلامية المتعاقبة في خدمة الحج، والتوسعة المعمارية للحرمين الشريفين ودور المملكة في خدمة الحجيج والمناسك.
ويحتضن المتحف الوطني عددا كبيرا من القطع القديمة التي تعود إلى فترات العصور الحجرية القديمة إضافة إلى عدد من القطع النادرة منها عظمة الأصبع وهي عظمة متحجرة للفقرة الوسطى من الأصبع الوسطى لإنسان عثر عليها في إحدى البحيرات القديمة بصحراء النفود بالقرب من تيماء، تبين بعد دراستها من قبل مجموعة من الخبراء بأن تاريخها يعود إلى حوالي 85 ألف سنة قبل الوقت الحاضر وهذا يجعلها أقدم عظمة بشرية حتى الآن تثبت وجود الإنسان في الجزيرة العربية منذ فترة مبكرة جدا مما يشير بوضوح إلى أن الجزيرة العربية بدأت منذ تاريخ مبكر جدا تلعب دورها كحلقة وصل بين مختلف الثقافات.
وقد استضاف المتحف الوطني عددا من المعارض الدولية على مدار السنة لمد جسور التعاون الثقافي والاجتماعي مع المتاحف العالمية والمنشآت الثقافية لتعزير التعاون والتواصل بين مختلف الثقافات والحضارات منها معرض "كنوز الصين" (2018) من أشهر المعارض التي استضافها المتحف الوطني وكان تعاونا مشتركا بين السعودية والصين حيث استعرض المعرض تصور عن نمو الحضارة الصينية والحياة الاجتماعية والثقافية والجمالية والتواصل المحلي والخارجي خلال آلاف السنين.
كما استضاف معرض "رحلة آسرة إلى الحضارة الكورية 2018 الذي يحكي عن البعد الثقافي والحضاري لكوريا ومعرض قصر الحمراء بإسبانيا يحكي عن أهم معالم قصر الحمراء أيام بني نصر الذين حكموا غرناطة بين عامي 629 - 897 هجري وكان تعاوناً مشتركاً بين المتحف وإدارة منطقة قصر الحمراء باسبانيا (2013).
ويقوم المتحف الوطني بالعديد من البرامج والأنشطة من ضمنها الاحتفال باليوم العالمي المتاحف 2019 حيث أقيمت تجربة اجتماعية للتعريف بعدد من القطع الأثرية للجمهور من خلال تجسيد شخصيات يرتدون أزياء مستوحاة من أهم القطع المميزة في المتحف الوطني حيث يتحدثون ويتفاعلون بطريقة تشويقية مع الجمهور في أحد أسواق الرياض.