FINANCIAL TIMES

برنار أرنو يبحث عن سبيل للخروج من شرك "تيفاني"

برنار أرنو يبحث عن سبيل للخروج من شرك "تيفاني"

برنار أرنو

برنار أرنو، لاعب الشطرنج الشغوف الذي يستمتع بتعليم أحفاده، الرئيس التنفيذي لشركة إل في إم إتش LVMH، منغمس في واحدة من أكثر الألعاب إجهادا في حياته المهنية الطويلة.
في جهوده لتأمين - ثم تمزيق - صفقة بقيمة 16.6 مليار دولار للاستحواذ على شركة المجوهرات الأمريكية تيفاني، استخدم أرنو البالغ من العمر 71 عاما مجموعة من تكتيكات الشطرنج: الشراك الخداعية، وإكراه الخصم على إخراج القطع من الرقعة، ومحاصرة قطع معينة لإسقاط قطع أخرى، والتدخل.
الأسبوع الماضي قالت شركة إل في إم إتش ـ مقرها باريس ـ "إن صفقة الاستحواذ التي عُقدت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، التي كان من المقرر أصلا استكمالها قبل الآن، لم تعد ممكنة بعد أن تدخلت الحكومة الفرنسية وقررت منعها، وهو قرار يفترض أنه جزء من معركة تجارية مع الولايات المتحدة".
لكن لا أحد يعتقد أن هذه هي النهاية. قال ماريو أورتيلي، الشريك المنتدب في "أورتيلي وشركاه"، التي تقدم المشورة لصناعة المنتجات الفاخرة "تنفيذ الحركات المؤدية إلى خطوة "كش ملك" لإنهاء هذه اللعبة سيستغرق بعض الوقت".
وأضاف "تيفاني" ليست من الأصول التي لا يريدها برنار أرنو، بل هي أحد الأصول التي لا يريدها بهذا السعر".
خاطر أرنو، أغنى رجل في فرنسا، بإثارة فضيحة سياسية، حيث يتهم بالتماس مساعدة الحكومة للخروج من الصفقة، على الرغم من أن شركة إل في إم إتش نفت رسميا هذه الادعاءات.
ردت شركة تيفاني بمقاضاة "إل في إم إتش" في ولاية ديلاوير الأمريكية لإجبارها على إكمال عملية الاستحواذ كما هو مخطط لها بسعر 135 دولارا للسهم، أو دفع تعويضات عن الأضرار.
تعتزم شركة إل في إم إتش إقامة دعوى مضادة تقول فيها "إن "تيفاني" المشهورة بخواتم الخطوبة الماسية المعبأة في علب هدايا فاخرة باللون الأزرق الفاتح، أساءت إدارة الوباء، وهو ما يؤدي إلى إبطال اتفاقية الاستحواذ".
الاتفاق على أكبر عملية استحواذ على الإطلاق في قطاع المنتجات الفاخرة تم في ظروف مختلفة للغاية العام الماضي. أشاد أرنو بالعلامة التجارية باعتبارها "أيقونة أمريكية" من شأنها أن تدخل بشكل مثالي في محفظة "إل في إم إتش" لتزدهر لقرون مقبلة.
لتأمين الجائزة، رفعت "إل في إم إتش" عرضها من 120 دولارا للسهم إلى 135 دولارا، وهي علاوة بنسبة 37 في المائة على سعر سهم "تيفاني" ـ الذي لم يضطرب في ذلك الوقت ـ وعلى قدم المساواة مع ذروته القياسية.
من الناحية الاستراتيجية، كان الزواج منطقيا لأن "إل في إم إتش" بحاجة إلى زيادة حجمها في الساعات والمجوهرات. مثلت هذه السلع "الفاخرة الصلبة" 8 في المائة فقط من مبيعات "إل في إم إتش" و6.5 في المائة من الأرباح التشغيلية العام الماضي، في حين إن معظم أرباحها جاء من السلع "الفاخرة الناعمة"، مثل حقائب اليد والملابس من "لوي فويتون".
قبل ضربة كوفيد - 19 كانت السلع "الفاخرة الصلبة" تتوسع بشكل أسرع، حيث نمت بمعدل سنوي مركب بلغ 6 في المائة خلال الفترة من 2010 إلى 2019، وفقا لشركة باين. لكن الآن من المتوقع أن تنكمش مبيعات السلع الفاخرة بنسبة تصل إلى 35 في المائة هذا العام، والمجوهرات الفاخرة بنسبة 7 في المائة ـ والانتعاش غير متوقع قبل عام 2023. ويشعر أرنو بندم المشتري.
أرنو، المعروف بـ"الذئب في لباس الكشمير" بتكتيكاته في عقد الصفقات الصعبة، بدأ المناورة خلال الصيف لإيجاد طرق لإعادة التفاوض.
سرعان ما اصطدم بجدار من المقاومة من "تيفاني"، التي جادلت بأن اتفاقية الاندماج بينهما تلزم "إل في إم إتش" باحترام الشروط الأصلية.
اندلعت التوترات إلى العلن في حزيران (يونيو) مع موضوع في WWD، مجلة الأزياء المختصة بالصناعة، الذي تحدث عن مخاوف بين مجلس إدارة "إل في إم إتش" بشأن الصفقة. أصدرت "إل في إم إتش" بيانا تتعهد فيه بعدم شراء أسهم في "تيفاني" في السوق المفتوحة، وهو تكتيك تكهن بعضهم بأنه قد يستخدمه لخفض السعر، لكنه أغفل بشكل مقصود أي التزام بالاستحواذ.
صممت هذه الخطوات لإخافة "تيفاني" ومستثمريها، لكنها لم تكن أكثر من مجرد خدعة، نظرا إلى وقائع عقد الاندماج، حسبما قال أشخاص مقربون من الوضع لـ"فاينانشيال تايمز" في ذلك الوقت.
وأضافوا أن "السبيل الوحيدة لشركة إل في إم إتش للخروج من الصفقة هي الذهاب إلى محكمة ديلاوير، حيث ستحتاج إلى إثبات أن "تيفاني" انتهكت اتفاقية الاندماج، وأن الوباء هو تغيير سلبي جوهري".
ثم هدأت الأمور إلى أن حلت دراما الأسبوع الماضي. الفريق القانوني لشركة إل في إم إتش أخبر "تيفاني" بأن جان إيف لودريان وزير الخارجية الفرنسي طلب منها تأجيل إغلاق صفقة "تيفاني" حتى السادس من كانون الثاني (يناير) "لدعم الخطوات التي يتم اتخاذها تجاه الحكومة الأمريكية".
وأشارت الرسالة إلى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بحلول ذلك التاريخ على بعض الصناعات الفرنسية، بما في ذلك السلع الفاخرة، كرد فعل على اعتماد فرنسا ضريبة على الخدمات الرقمية. أخبرت "إل في إم إتش" شركة تيفاني بأنه يتعين عليها الامتثال لما ترى أنه أمر قانوني من الحكومة، وبالتالي لا يمكنها إكمال عملية الاستحواذ قبل موعد انتهاء اتفاقية الاندماج في 24 تشرين الثاني (نوفمبر). شكك المسؤولون الفرنسيون في أنه طلب ملزم وقالوا "إن "إل في إم إتش" حرة في أن تفعل ما تريد".
دفعت المناورة "تيفاني" إلى رفع دعوى قضائية في اليوم التالي تتهم فيها "إل في إم إتش" بتعمد تأخير الأمور والبحث عن ذريعة للخروج من الصفقة. قال أشخاص على دراية مباشرة بالأمر "إن أرنو أصيب بالصدمة من قرار الشركة الأمريكية بمقاضاتهم قبل الموعد النهائي للصفقة".
قال هؤلاء الأشخاص "إنه عندما بعثت "إل في إم إتش" بالرسالة إلى "تيفاني"، تم ذلك على أمل أن يجلس التنفيذيون في المجموعة الأمريكية معهم للتوصل إلى حل وسط لإنجاز الصفقة.
قال هؤلاء الأشخاص "إن لغة "تيفاني" القوية في الدعوى والاتهام العلني من روجر فرح رئيس مجلس الإدارة، بأن "إل في إم إتش" تستخدم أي وسيلة متاحة في محاولة لتجنب إبرام الصفقة أدت إلى اتخاذ "إل في إم إتش" موقفا أكثر تشددا بكثير مما كان مخططا له في الأصل".
قالت "إل في إم إتش"، "إنها تعتقد أن بإمكانها الفوز في المحكمة"، لكن قضاة ديلاوير نادرا ما سمحوا للمشتري بالابتعاد عن صفقة متفق عليها.
من الصعب التنبؤ بنتيجة العملية القانونية، ولا سيما بالنظر إلى البطاقة المكشوفة للوباء التي تتيح لأي طرف تفسير الأمر كيفما يريد، وإذا ما كان سيتم عدّ الوباء "تغييرا سلبيا جوهريا" يؤثر في اتفاقية الاندماج. قدمت "إل في إم إتش" أيضا حججا أخرى.
خسارة المعركة القانونية ستكون أسوأ نتيجة لأرنو. خلف الأبواب المغلقة، أوضح الملياردير لدائرته المقربة أن "إل في إم إتش" تريد التوصل إلى حل وسط على الرغم من حدة الخلاف الأخير.
قال عدد من الأشخاص المقربين من أرنو "إنه إذا كانت "تيفاني" مستعدة لإعادة التفاوض، فستكون "إل في إم إتش" مستعدة للجلوس وإيجاد طريقة لإتمام الصفقة بسعر أقل".
قال بيتر شونفيلد، مؤسس صندوق التحوط الأمريكي "بي شونفيلد أسيت مانيجمنت"، الذي يمتلك نحو 111 مليون دولار من أسهم "تيفاني"، "إن "إل في إم إتش" تلعب لعبة محفوفة بالمخاطر تذكره بمحاولة أرنو الفاشلة لشراء "جوتشي" منذ نحو 20 عاما".
وأضاف "هناك رائحة كريهة تحيط بشركة إل في إم إتش حين تستخدم خطابا حكوميا لرفض إبرام صفقتها مع "تيفاني". كان لقضاة ولاية ديلاوير تاريخيا أنف حساس لمثل هذا السلوك، ويفترض أن يدركوا بسهولة حقيقة هذه اللعبة من التمثيل والتلاعب. أدت هذه الأنواع من التكتيكات العدوانية إلى نتائج عكسية من قبل وقادت "إل في إم إتش" إلى خسارة "جوتشي" أمام أحد المنافسين وقد تؤدي بهم إلى فقدان علامة "تيفاني" التجارية الشهيرة أيضا".
وقال أشخاص مطلعون على الأمر "إن "تيفاني" تعتقد أيضا أنها ستفوز في المحكمة، وأن أعمالها ستزدهر بمجرد انتهاء الوباء. لكن تعافيها لا يزال غير مؤكد، فقد أضر فيروس كورونا بالسياحة ومراكز التسوق ومدينة نيويورك، وكلها مصادر كبيرة للإيرادات".
يتم تداول أسهم "تيفاني" الآن عند نحو 114 دولارا، وهو خصم كبير على سعر الصفقة ونحو 7 في المائة أقل مما كان عليه قبل إعلان "إل في إم إتش" أنها تريد الانسحاب، لكنها لا تزال أعلى من العام الماضي، قبل الصفقة وقبل الوباء. قال فلافيو سيريدا، المحلل في "جيفريز"، "سعر السهم يخبرك بأن السوق لا تعتقد أن هذه الصفقة قد ماتت".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES