تقارير و تحليلات

تداولات سوق أدوات الدخل الثابت في السعودية تقترب من 50 مليار ريال .. مستويات قياسية

تداولات سوق أدوات الدخل الثابت في السعودية تقترب من 50 مليار ريال .. مستويات قياسية

من المنتظر أن يلامس إجمالي التداولات الثانوية خلال الأيام المقبلة حاجز الـ50 مليار ريال، وذلك بعد ظهور تطورات محلية ودولية تصب جميعها في تشجيع جذب السيولة الأجنبية نحو سوق أدوات الدخل الثابت في السعودية.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أن إجمالي التداولات خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بلغت 48.20 مليار ريال، مسجلة رقما قياسيا منذ نشأة السوق.
وارتفعت أحجام التداولات الثانوية لأدوات الدخل الثابت بأكثر من أربعة أضعاف بنهاية آب (أغسطس) الماضي، مقارنة بإجمالي تداولات 2019 البالغة 10.16 مليار ريال.
وشهدت السوق المخصصة لتداول "السندات والصكوك" في البورصة السعودية، تداولات بلغت ثمانية مليارات ريال خلال الشهر الماضي وحده.
ومن المقرر أن تقوم "فوتسي راسل" خلال هذا الشهر مراجعتها الدورية لتصنيف دول أدوات الدخل الثابت، من ضمنها سوق السندات الحكومية للسعودية، وهو ما قد يؤدي إلى إدراج السندات المحلية السعودية على مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة.
وفي أوائل أيلول (سبتمبر) الجاري، قرر مجلس هيئة السوق المالية، السماح للأجانب المقيمين وغير المقيمين بالاستثمار المباشر في أدوات الدين المدرجة وغير المدرجة.

القادمون الجدد

واستمر النشاط الملحوظ من شركات الوساطة، غير المعينين بصفة رسمية للعب دور صناع السوق، وذلك عندما استحوذوا مجتمعين على 53.41 في المائة من أحجام التداولات، التي مرت من خلالهم في أول ثمانية أشهر من العام الجاري، مقابل 46.59 في المائة حصة صناع السوق الخمسة المعينين من إجمالي التداولات.
يذكر أن صناع السوق الخمسة بدأوا 2020 باستحواذهم على 18.7 في المائة من إجمالي تداولات كانون الثاني (يناير).
وتظهر هذه الأرقام تقدم صناع السوق الخمسة المعينين نحو استعادة حصتهم المفقودة من إجمالي التداولات خاصة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، حيث قلصوا الفارق بشكل تدريجي من إجمالي التداولات، التي تمر عبرهم، وذلك بعد الاستحواذ على نصف أحجام التداولات الثانوية.
وكانت حصتهم من إجمالي تداولات 2019 قد وصلت إلى 80.85 في المائة، لكن مهمة تقليص الفارق في إجمالي التداولات تبدو غير مستحيلة، حتى بعد الدخول القوي لثلاث شركات وساطة هذا العام "من ضمن قائمة أعلى خمس شركات وساطة من حيث إجمالي أحجام التداول على أدوات الدخل الثابت المدرجة"
وبحسب رصد "الاقتصادية"، فإن بعض صناع السوق بشكل عام قد غلب عليهم تنفيذ العدد الأكبر من الصفقات، مقارنة بغيرهم "في إشارة واضحة إلى جهدهم المبذول في تنشيط التداولات".
وأشار مصدر قريب للصحيفة على دراية بأنشطة التداولات الثانوية، إلى أن أحد أسباب تفوق شركات الوساطة على صناع السوق المعينين قد يعود إلى كون بعض العملاء المؤسسيين يتعاملون مع شركة وساطة معينة وعليه يتم تنفيذ الصفقات عبرها فقط، ما يمنحهم الأفضلية من حيث ضخامة أحجام الصفقات التي أنجزوها خلال التداولات الثانوية في الأشهر الماضية.


نمو من 3 خانات في أحجام التداول

أفادت بيانات مالية أن الأسواق الثانوية لسوق الدخل الثابت في السعودية، التي ينضوي تحتها أدوات الدين المدرجة للحكومة والشركات، قد حققت معدلات نمو من ثلاث خانات في إجمالي أحجام التداولات على الأوراق المالية، التي تمنح توزيعات سنوية أقرب للمضمونة للمستثمرين خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، مقارنة بتداولات نهاية العام الماضي.
وأظهر رصد "الاقتصادية"، أن إجمالي ما تم تداوله في سوق الصكوك والسندات لدى "تداول" بلغ 40.20 مليار ريال بنهاية آب (أغسطس)، وهو رقم يعد الأعلى تاريخيا منذ نشأة السوق في 2009. وبذلك سجلت السوق نسبة نمو وصلت إلى 374 في المائة، مقارنة بإجمالي ما تم تداوله في 2019 كاملا والبالغ 10.1 مليار ريال.
ويعادل إجمالي التداولات بين كانون الثاني (يناير) حتى نهاية آب (أغسطس) أكثر من أربعة أضعاف ما تم تداوله من أدوات الدين في سوق الأسهم السعودية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، الذي وصل إلى 11 مليار ريال.
وبذلك تستمر وتيرة النمو القوي لأحجام التداولات الشهرية لتسجل تداولات غير مسبوقة في تاريخ السوق منذ أكثر من عشرة أعوام. ويعود سبب إقبال المستثمرين على البورصة المتخصصة لتداولات السندات والصكوك إلى عوامل عدة، أهمها البحث عن العائد الأعلى في زمن الفائدة المتدنية.


التداولات اليومية

وأظهر رصد "الاقتصادية" ارتفاع المعدل المتوسط لإجمالي التداولات اليومية ليبلغ 293 مليون ريال خلال أول ثمانية أشهر من العام الجاري، بنمو يعادل 625 في المائة، مقارنة بإجمالي متوسط التداولات عن 2019 كاملا، الذي بلغ 40.4 مليون ريال، باستثناء الإجازات الأسبوعية والعطل الرسمية.
واستند في درايته التحليلية إلى أحدث البيانات الرسمية الصادرة من "تداول"، التي كشفت عن إجمالي التداولات الخاصة بأدوات الدين السيادية والشركات.

علاقة الفائدة مع أدوات الدين

معلوم أن القيمة السوقية للصكوك وغيرها من الأوراق المالية ذات العائد الثابت تتغير تبعا للتغيرات، التي تطرأ على أسعار الفائدة وغيرها من العوامل الأخرى، حيث ترتفع أسعار أدوات الدين ذات العائد الثابت، كلما هبطت أسعار الفائدة، وتنخفض أسعار تلك الأوراق المالية كلما ارتفعت الفائدة.
والورقة المالية الصادرة عن الحكومة السعودية مضمون فقط سداد الفائدة المعلن لها والقيمة الاسمية لها عند الاستحقاق، وكما هي الحال تماما بالنسبة إلى الأوراق المالية الأخرى ذات العائد الثابت، فإن الأوراق المالية المضمونة من الحكومة ستتعرض قيمتها للتقلب عندما تتغير أسعار الفائدة.

السيولة الثانوية

بعض الصكوك المدرجة في السوق السعودية، قد تصبح أقل سيولة من غيرها، ما يعني أنه لا يمكن بيعها بسرعة وسهولة، كما أن بعض الصكوك قد يصعب تسييلها إلى نقد لعدم وجود سوق ثانوية بسبب قيود نظامية أو قيود مترتبة على طبيعة الاستثمار أو عدم وجود مشترين مهتمين بهذا النوع من الأصول، وقد يؤثر ذلك سلبا في أداء صناديق شركات الأصول وسعر الوحدة.
فمثلا قد تمر سوق الصكوك بفترات سيولة منخفضة بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى صعوبة في الحفاظ على أسعار مستقرة و/ أو عادلة في معاملات الشراء "والعكس في حال ارتفاع السيولة في حال الحاجة إلى البيع"، وقد يؤدي ذلك إلى تسجيل خسائر معينة لصناديق شركات الأصول.

مشاركة فعالة من صناع السوق

أجرت السعودية عدة مبادرات إصلاحية للنهوض بالتداولات الثانوية الخاصة بأدوات الدخل الثابت من سندات وصكوك. وقبل قرار إعادة هيكلة المقابل المادي لجهات الإصدار والمتداولين وما رافقه من خفض لرسوم التداول خلال نيسان (أبريل) من 2019، قامت السعودية بإدراج إصداراتها السيادية وتداولها، وذلك لأول مرة خلال 2018. وتبع ذلك القرار الاستعانة بصناع السوق "المفوضين بتنشيط التداولات الثانوية للإصدارات الحكومية"، وكلا الحدثين جاء في تموز (يوليو) 2018.

رسوم التداول

في السابق، كانت رسوم التداول توصف من قبل المراقبين بأنها مبالغ فيها، حيث تصل إلى عشر نقاط أساس، ثماني نقاط أساس تذهب إلى الشركات المرخصة "شركات الوساطة"، ونقطتا أساس تقسمان مناصفة بين هيئة السوق المالية و"تداول".
وأحد أسباب حصول الشركات المرخصة على ثماني نقاط أساس يرجع إلى انعدام السيولة، ما يؤدي إلى صفقات محدودة شهريا. لكن مستوى التداولات الشهرية أخذ مسارا مرتفعا منذ إدراج الديون الحكومية، الأمر الذي أدى إلى تعظيم أعداد وقيم الصفقات المنفذة.
وفي نيسان (أبريل) 2019، تم الإعلان عن حزمة من الإصلاحات، التي طال انتظارها من قبل المتعاملين في أسواق الدخل الثابت في السعودية، حيث تمت إعادة هيكلة المقابل المادي للخدمات المقدمة إلى جهات الإصدار والمتداولين.
وإعادة هيكلة الرسوم تعد موجهة إلى شريحتين، الأولى جهات الإصدار وهذه التعديلات ستسهم في تخفيض الرسوم ذات الصلة بالإدراج في البورصة، وذلك بنسبة تلامس 25 في المائة، وهذا الرقم قد يزيد وينقص، وفقا لعوامل متغيرة تتعلق بجهة الإصدار.
الشريحة الأخرى لمصلحة المستثمرين، حيث تم تخفيض رسوم التداول، إذ تصل حصة شركة تداول ما بين نقطة أساس إلى نصف نقطة "باستثناء الحالات التي يكون فيها أي من البائع أو المشتري متعاملا أوليا محددا".
وينتظر لقرار رفع الضوابط الخاصة بعمولة شركات الوساطة، عبر إزالة الحد الأدنى والأعلى الخاص بتنفيذ صفقات الشراء والبيع، أن يقود إلى إيجاد المنافسة بين تلك الشركات عبر تقديم رسوم منخفضة لجذب العملاء. ففي حال تنفيذ أي صفقة صكوك، تستقطع "تداول" حصتها من المقابل المادي، وكذلك شركة الوساطة، التي تم أمر الشراء أو البيع من خلالها.
وكان مجلس هيئة السوق المالية قد أصدر قراره في تموز (يوليو) 2020 باستمرار إعفاء المصدرين الراغبين في طرح أدوات دين طرحا عاما من سداد المقابل المالي المحصل للهيئة عند تقديم طلب تسجيل أدوات دين، وعند دراسة طلب تسجيل أدوات الدين، وعند تسجيل أدوات الدين، وذلك حتى نهاية 2025.
وبينت هيئة السوق المالية أن تلك المبادرة تأتي في إطار سعيها إلى تعزيز البيئة التنظيمية والاستقرار في السوق المالية، وتحقيقا لدور السوق المالية في تسهيل التمويل وتحفيز الاستثمار وتقديم الدعم اللازم للحفاظ على سلامة واستقرار القطاع المالي وجميع المشاركين فيه.

شركات الوساطة

أسهمت زيادة السيولة المتداولة خلال النصف الأول من العام الجاري في تعجيل دخول شركتي وساطة جديدتين، ليرتفع العدد من 12 إلى 14 شركة نشطة في أسواق الدخل الثابت الثانوية.
وشهد حزيران (يونيو) دخولا لافتا لإحدى شركات الوساطة المتمرسة في تداولات سوق الأسهم. وبذلك سجلت أعداد شركات الوساطة، التي انجذبت إلى تداولات أسواق الدخل الثابت نسبة نمو تصل إلى 16.6 في المائة بعد دخول الشركتين، حيث كان عددها 12 شركة بنهاية العام الماضي.
ومع ارتفاع قيمة وحدة الصك الواحد، التي تعادل ألفا، مقارنة بأسعار الأسهم، فهذا يعني أن المعدل المتوسط لقيمة صفقات الصكوك الحكومية "للصفقة الواحدة" لكل مستثمر فرد سيكون أعلى عند مقارنته بصفقات الأسهم. وعليه فمن الطبيعي أن تزداد رسوم تنفيذ صفقات شراء وبيع الصكوك، التي تحصلها شركات الوساطة.
وفي الوقت الذي تبلغ فيه أعداد شركات الوساطة المالية في سوق الأسهم السعودية 31 شركة، يتفاوت هذا الرقم مع سوق الصكوك والسندات، فبعد الرجوع إلى شركات الوساطة كافة، التي نفذت صفقات شراء وبيع في السوق الثانوية "لأسواق الدين السعودية" خلال ثلاثة أعوام يتضح أن أعداد شركات الوساطة، التي تم رصدها هي 14 شركة "من بينها خمس من صناع السوق".

إجمالي قيمة أدوات الدين المدرجة

ارتفعت قيمة الصكوك والسندات المدرجة (شاملة للإصدارات الحكومية والشركات) في السعودية إلى 372.7 مليار ريال بنهاية الربع الأول من 2020، مسجلة نموا 24.3 في المائة، ما يعادل 72.96 مليار ريال، مقارنة بقيمتها بنهاية الربع الأول من 2019 البالغة نحو 299.74 مليار ريال.
وعلى أساس ربعي، ارتفعت قيمتها 5.1 في المائة، ما يعادل 18.2 مليار ريال، مقارنة بقيمتها بنهاية العام السابق 2019 البالغة نحو 354.5 مليار ريال.
ووفقا لرصد وحدة التقارير في "الاقتصادية" استند إلى بيانات شركة السوق المالية "تداول" وبيانات هيئة السوق المالية، تعود قيمة الصكوك والسندات المدرجة، إلى 104 ملاك بنهاية الربع الأول 2020 مقارنة بـ 99 مالكا بنهاية 2019 ومقارنة بـ 69 مالكا بنهاية الربع الأول 2019.
وتقسم ملكية الصكوك والسندات المدرجة إلى أربع فئات: الأفراد والشركات والجهات الحكومية وشبه الحكومية والصناديق شاملة صناديق الاستثمار الخليجية.
حيث بلغت قيمة ملكية الأفراد للصكوك والسندات المدرجة 72.0 مليون ريال يملكها 26 فردا بنهاية الربع الأول من 2020، مقارنة بـ74.5 مليون ريال يملكها 24 فردا بنهاية 2019.

وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات