Author

راحة البال

|
من منا لا ينشد راحة البال؟ إنها مطلب للجميع رجالا ونساء، أغنياء وفقراء، فهي أمر معنوي يمكن تحقيقه من خلال أمور نفسية وعقلية وجسمية ولا يمكن شراؤه بالمال ولا يحققه الجاه والمنصب! مشكلة راحة البال الرئيسة أنها تنبعث من داخل الإنسان نفسه ولا يمكن أن يحققها له الآخرون، فهي تتأتى من خلال ما يقوله الشخص ويفعله ويفكر فيه وهذه كلها عناصر داخلية. إنها درجة عالية من درجات السعادة والراحة النفسية والاطمئنان تنعكس آثارها على الإنسان ظاهرا وباطنا، فتلبسه هدوءا من الخارج وثقة وقناعة من الداخل، فيمضي في حياته بمنتهى السعادة، وإن كان لا يملك من حطام الدنيا شيئا. إن مرتكزها الأساس الإيمان بالله وعمل الصالحات، "والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم". أصلح شأنهم فلا يحزنون لأنهم لم يحصلوا على المال الذي يريدون أو المنصب الذي يسعون إليه، أو الأمر - أيا كان - الذي يتطلعون إلى الوصول اليه، لأن نفوسهم مستقرة ينظرون في أمور الدنيا إلى من هو دونهم ويحمدون الله على ما هم فيه. شعارهم من أصبح آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها. إن لراحة البال مفاتيح منها إصلاح الجسد بالرياضة وبالغذاء الصحي، وإشباع العقل بالقراءة والاطلاع النافع والاستماع المفيد، وإرواء الروح بالعبادة والتأمل، وبهذا تكتمل الراحة ولا يتبقى إلا أن يدرب الإنسان نفسه على القفز فوق الأحزان، فالحياة مهما طابت فلا تخلو من المشاق والصعوبات وتكمن السعادة في السيطرة عليها ومعالجتها برفق لا الاستسلام لها. كما أنه ينبغي لمن ينشد راحة البال أن يتجنب العوامل التي من شأنها القضاء على راحة البال، ومن أهمها: تجنب مصاحبة المتذمرين كثيري الشكوى من كل شيء، فمثل هؤلاء مصادر للقلق، وكذلك يجب ترك الانشغال بالآخرين وتصيد عثراتهم، وعليه أيضا القناعة بما في يده وأن يتصالح مع نفسه ويثق بها وبمن حوله من الأهل والأصدقاء. بشوش حين يلاقيهم ساعيا في قضاء حوائجهم. إن راحة البال نعمة عظيمة، ومن جميل لطف الله أن تعبدنا بالدعاء للعاطس بـ"راحة البال" حين نشمت العاطس، بقول "يهديكم الله ويصلح بالكم".
إنشرها