Author

رئاسة "العشرين" .. مبادرات محورية

|

تميزت قيادة "مجموعة العشرين" بقوة دفع قوية، منذ أواخر العام الماضي، بتسلم السعودية رئاسة الدروة الحالية للمجموعة. ومنذ مطلع العام الجاري، شهدت حراكا كبيرا على مختلف الأصعدة، في ظل تنظيم متماسك من جانب الرياض لكل نشاطاتها، يأخذ في الحسبان حقيقة أن "مجموعة العشرين" اتخذت زمام المبادرة الدولية منذ ما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت في عام 2008. فالمسؤولية العالمية تحتم أداءا متصاعدا ومكثفا لمجموعة تسيطر في الواقع على 85 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي، وتضم دولا محورية في الميادين السياسية والاقتصادية والتنموية كلها. فاللقاءات والاجتماعات وورش العمل تمضي قدما، وتشمل كل شيء، من الزراعة إلى الصحة، فالتنمية والأعمال، والاستراتيجية المالية والطاقة، إلى آخر القطاعات.

ومع تفشي وباء كورونا المستجد أواخر العام الماضي ومطلع العام الجاري، واستمرار هذا الوباء حاضرا على الساحة العالمية، تحركت المملكة على صعيد "مجموعة العشرين" من أجل مواجهة عملية وواقعية لوباء لم يتوقعه أحد، ولم يتصور أحد أيضا أنه سيكون بهذا العنف ويستمر مدة لم تنته حتى اليوم. كانت قمة "مجموعة العشرين"، التي عقدت عن بعد، تلبية لدعوة السعودية، محورية إلى أبعد الحدود في هذا المجال، فخصصت هذه القمة أكثر من خمسة تريليونات دولار لمواجهة الجائحة العنيفة هذه، ليشمل الدعم كل شيء تقريبا، من المؤسسات والشركات إلى قطاعات الصحة. وركزت على محور مهم، وهو الأثر الاقتصادي لكورونا في اقتصادات الدول النامية، ولا سيما تلك الأشد فقرا، بما في ذلك تخفيف القيود على مديونياتها.

كان لا بد من تحرك دولي بهذا المستوى، الذي رعته المملكة ولا تزال، خصوصا في ظل استمرار الأزمة، التي أوجدها الوباء على الساحتين الصحية والاقتصادية. طرحت السعودية عددا كبيرا من المبادرات، ونظمت عددا من ورش العمل، أنتجت في فترة قصيرة مخرجات دخلت ضمن السياق الاقتصادي والتنموي العالمي العام، بما في ذلك تلك المبادرات الخاصة بمكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية في جميع المجالات. ودعمت في الفترة القصيرة المشار إليها، أجواء الأعمال والاستثمار والتمويل، على الرغم من الآثار السلبية التي تركتها جائحة كورونا على الساحة، والإرباك الاقتصادي الذي أوجدته أيضا. ومن أهم ما طرحته المملكة ضمن مبادراتها للـ"العشرين"، المسائل الكفيلة بالتعافي الاقتصادي العالمي، ومحاصرة الركود الذي ضرب أكثر من 200 دولة حول العالم.

ومن هنا، اكتسبت اجتماعات محافظي البنوك المركزية مزيدا من الأهمية في ظل الأزمة الراهنة، وكذلك الاجتماعات الخاصة بالأسواق المالية التي تمثل في النهاية محورا رئيسا للاقتصاد العالمي كله. فضلا عن تدعيم الاقتصاد الرقمي، الذي أثبت جدواه بقوة بسبب أزمة كورونا، وهذا ما دفع المملكة إلى فتح النقاشات والاجتماعات فيما يرتبط بالأمن السيبراني لـ"مجموعة العشرين". كل شيء كان مرتبطا بالحاضر والمستقبل ضمن هذه المجموعة، وهو ما يصب في النهاية في مصلحة المجتمع الدولي. ولأن الأمر يتعلق بـ"صحة البشر"، كانت المملكة حريصة على طرح مشاريع محورية لتسريع التحول نحو أنظمة صحية مستدامة، من خلال تعزيز الرعاية الصحية الحكيمة، دون أن ننسى المشاريع التي تتعلق بالمرأة في الميادين التنموية والبشرية، التي أضافت مزيدا من الدفع لحراك المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين.

في غضون عشرة أشهر تقريبا، وفي ظل أزمة لا تحدث إلا كل 100 عام، بحسب الخبراء، تم تحقيق مجموعة من الإنجازات على صعيد "مجموعة العشرين"، وهذه الإنجازات لا تزال تمضي قدما حتى نهاية هذا العام على الأقل.

إنشرها