Author

قطاع الطيران .. هبوط اضطراري

|

 ليس غريبا تراجع السفر جوا بصورة كبيرة للغاية، فجائحة كورونا وجهت الضربة الأولى لهذا القطاع، بحيث تصدر قائمة القطاعات الأسرع تضررا، إلى جانب الميادين المرتبطة به، مثل السياحة بأنواعها، والنقل، حتى إن الشركات المصنعة للطائرات، تعرضت لضربات أجبرتها على تسريح نسبة من موظفيها وعمالها، في حين لجأت إلى العون الحكومي كغيرها من القطاعات الأخرى للبقاء في السوق. ولم يكن غريبا أيضا، خروج بعض شركات الطيران من السوق بعد أسابيع من تفشي كورونا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى وكالات السفر والسياحة. فعلى سبيل المثال، حصلت شركة الطيران الألمانية "لوفتهانزا" على دعم مالي حكومي بلغ عشرة مليارات يورو، وحدث الشيء نفسه مع شركات طيران أخرى عريقة.

باختصار، تعرض قطاع السياحة والنقل والسفر وصناعة الطائرات، إلى أسوأ ضربة في تاريخه. كل هذا يفسر بوضوح ما أعلنه الاتحاد الدولي للنقل الجوي "أياتا"، بأن السفر جوا هبط 91.9 في المائة في الشهر السابع من هذا العام، على أساس سنوي، بينما تراجع الطلب قياسا بإيرادات كيلومترات المسافرين 97.8 في المائة في الشهر نفسه.
ويبدو واضحا، أن الانفراج في هذا القطاع الحيوي المهم بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، لا يزال بعيدا، وهو مرتبط بالانفراج المأمول للاقتصاد برمته، الذي يعيش أعمق ركود منذ أكثر من 80 عاما.
بل هناك مؤشرات على أن الاقتصاد العالمي يسير نحو الانكماش والتضخم في آن معا، ما يزيد الصورة قتامة عموما، خصوصا مع ارتفاع الديون الحكومية في أغلبية الدول، إلى مستويات تاريخية أيضا، كان آخرها - مثلا - الديون البريطانية، التي فاقمت ناتج البلاد المحلي الإجمالي.
    ومع إعادة فتح الاقتصادات الوطنية على مستوى العالم، بدأ قطاع السفر والنقل يتحرك من أجل استعادة زخمه، بصرف النظر عن المدة التي يحتاج إليها لتحقيق ذلك، وهي بلا شك ستكون طويلة، بالنظر إلى المعطيات الراهنة الموجودة على الساحة. دون أن ننسى، أن الحكومات، أجبرت شركات الطيران الناقلة على إعادة قيمة تذاكر المسافرين الذين لم يتمكنوا من إتمام سفرهم بسبب الإغلاق الاقتصادي منذ آذار (مارس) الماضي. وهذا ما أضاف مزيدا من الأعباء المالية على كاهل هذه الشركات، التي صار بعضها تحت القبضة الكلية للحكومات نفسها.
ورغم العروض المغرية التي بدأت تطرح في قطاع السفر والسياحة، إلا أن الإقبال لا يزال بسيطا جدا، وذلك لعدم وضوح الرؤية حيال مواجهة وباء لم يتوقعه أحد، فضلا عن الفشل حتى اليوم في العثور على لقاح ناجع له.    
السعة الاستيعابية في الشهر السابع كانت أقل 70.1 في المائة عن مستويات عام 2019. وفي ظل لزوم أربعة أخماس المسافرين منازلهم ومدنهم، فإن حالة الشلل لا تزال تضرب القطاع برمته، دون أن ننسى، أن موسم العودة إلى المدارس بدأ في معظم الدول، وهو الموسم الذي تقل فيه حركة المسافرين حول العالم عموما. وهذا يعني، أن التعافي أو التغلب على الصعاب، التي تواجه ميدان السفر والنقل، ستتواصل لأمد لن يكون قصيرا. فكل شيء بات مرتبطا بصورة أو بأخرى بمدى قدرة العالم على الوصول إلى لقاح حقيقي فاعل، للحماية من هذا الوباء، الذي لا يزال ينتشر في عدد كبير من الدول.
التاريخ أثبت أن الحركة بأشكالها كلها هي الضحية الأولى لكل الأوبئة، ولا سيما تلك الكبيرة بمستوى كورونا.

إنشرها