FINANCIAL TIMES

التداولات المضطربة تحبط الرهان على تقلبات السوق

التداولات المضطربة تحبط الرهان على تقلبات السوق

متداولون في بورصة الأسهم في نيويورك. تصوير: برندان ماكدرميد "رويترز"

تبين أن صناديق التحوط التي تراهن على تقلبات السوق من أكبر الخاسرين من الاضطرابات المالية التي حدثت في آذار (مارس).
صناديق التحوط المختصة بالتقلبات، التي تشتري وتبيع المشتقات لمحاولة الربح من تقلبات الأسهم والسندات والعملات، خسرت 2.4 في المائة هذا العام حتى تموز (يوليو)، وفقا لأحدث البيانات من HFR. يقارن ذلك بمتوسط خسارة 0.3 في المائة بين صناديق التحوط على نطاق أوسع، وعائد 2.4 في المائة من مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
يظهر التعثر مقدار الألم في الافتراض القائل إن فترة طويلة من الهدوء ستستمر. المراهنة على تقلبات الأسواق، أو التداول على المكشوف بشأن التقلبات، كما فعل كثير من هذه الصناديق، يمكن أن تكون مكلفة في حالة حدوث صدمة.
تيندارو سيراجوسانو، الرئيس التنفيذي لـ"7أوركا أسيت مانيجمنت" 7orca Asset Management ـ مقرها هامبورج ـ التي تدير نحو 400 مليون يورو في استراتيجيات Vega وخسرت 5.7 في المائة هذا العام في صندوق Vega Return، قال: "التداول على المكشوف بشأن التقلبات وحشي تماما حين يتعلق الأمر بخصائص الأداء".
تأتي الخسائر في عام ارتفع فيه مؤشر فيكس، من Cboe، لتقلبات سوق الأسهم إلى 82.7 نقطة في منتصف آذار (مارس)، أعلى من المستويات التي شوهدت خلال الأزمة المالية في 2008، نتيجة لقلق المستثمرين بشأن الضرر الاقتصادي المحتمل الناجم عن الوباء. حتى هذا الصيف، بعد أن ارتفعت الأسهم بحدة، كان مؤشر فيكس لا يزال أعلى كثيرا من متوسطه على المدى الطويل.
لكن الصناديق التي تهدف إلى فهم تقلبات السوق أخذت على حين غرة. من بين الذين خسروا أموالهم، هناك "استراتيجية التقلب" البالغة 1.4 مليار يورو التي تديرها أليانتز، التي تراجعت 9.2 في المائة هذا العام حتى نهاية تموز (يوليو). خسر صندوق ريسك بروجيكت التابع لشركة كيو سي بارتنرز QC Partners أكثر من 21 في المائة بعد تعرضه لضربة شديدة في آذار (مارس). صندوق آخر كان يدير في السابق مئات الملايين من اليورو، آر بي جاما RP Gamma، أغلق هذا العام.
تضرر عديد من الصناديق لأنها اعتمدت استراتيجية تعرف باسم التداول على المكشوف بخصوص التقلبات – وهي المراهنة على أنها ستنخفض أو ستظل منخفضة. تبيع هذه الصناديق حماية المشتقات، مثل خيارات البيع، التي تمنح المشتري الحق في البيع بسعر محدد مسبقا. وهي تكسب المال من خلال كتابة تأمين السوق من الناحية العملية، على أمل أن يظل التقلب - الذي يساعد على تحديد أسعار الخيارات - منخفضا وتنتهي الخيارات بلا قيمة.
تم إغراء كثير من المستثمرين باتباع هذا النهج على مدار العقد الماضي من خلال أعوام من الأسواق الصاعدة بلطف وتحركات السوق المعتدلة، التي تغذيها برامج التحفيز من البنوك المركزية بمليارات الدولارات، ما ساعد هذه الصناديق على جني الأموال.
استفاد هذا القرار أيضا من حقيقة أن التداولات المعاكسة – أي شراء التأمين ضد أحداث السوق المتطرفة - كانت إلى حد كبير ذات أداء ضعيف في الأسواق الهادئة في العقد الماضي.
قال مايكل ميشير، مؤسس شركة جامون كابيتال لصناديق التحوط في نيويورك: "إذا سألت الناس في أي صناعة أيهم الذي يكسب المال، الرجل الذي يشتري التأمين أم الذي يبيع التأمين، (الجواب) إنه الرجل الذي يبيع التأمين"، مشيرا إلى أن ذلك شجع عديدا من الصناديق الأخرى على التداول على المكشوف بخصوص التقلب، ما أدى إلى تضررها بشدة هذا العام.
التداول على المكشوف بشأن التقلبات له تاريخ من الانفجارات. في أوائل 2018، أغلق كريدي سويس ورقته المالية المتداولة في البورصة VelocityShares Daily Inverse Vix Short Term، عندما أدى انخفاض مفاجئ في الأسهم إلى ارتفاع مؤشر فيكس وانهيار قيمة الورقة المالية المتداولة في البورصة.
يصف سيراجوسانو عائدات صناديق التداول على المكشوف بأنها سلم دوار إلى الأعلى ومصعد إلى الأسفل، حيث يتم جني المكاسب تدريجيا على مدى فترات طويلة من الزمن بينما تكون الخسائر الكبيرة مفاجئة.
قالت متحدثة باسم شركة أليانتز جلوبال إنفسترز: "نظرا لاضطراب السوق والارتفاعات الحادة في التقلبات في جميع الأسواق الرئيسة بشكل أو بآخر في وقت سابق من هذا العام، كان أداء استراتيجيات التداول على المكشوف يمثل تحديا كبيرا في جميع المجالات"، مضيفة أن استراتيجية التقلب Volatility Strategy في الشركة كانت قادرة على الحد من الخسائر من خلال مزيد من المراكز الدفاعية.
وقال متحدث باسم شركة كيو سي بارتنرز إن الشركة عرضت "استراتيجيات تقلب مختلفة مع ملامح مخاطر مختلفة".
لم تشعر كل الصناديق التي تتداول في التقلبات بالمعاناة. حققت جامون عائدات إجمالية 600 في المائة هذا العام مع تداول أكثر نشاطا للتقلبات، في حين اكتسبت شركة كوانتمروك ـ مقرها ميونيخ ـ 37 في المائة.
منذ صدمة منتصف آذار (مارس)، انخفض مؤشر فيكس وأصبحت الأسواق أكثر هدوءا، ما ساعد الصناديق المتبقية على استعادة العوائد. كانت الصناديق قادرة على بيع خيارات البيع بأسعار أعلى من الأسعار الطبيعية لكن في كثير من الأحيان دون الحاجة إلى دفع المال مقابل الخيارات.
قال سيراجوسانو إن صندوقه كان قادرا على مضاعفة الأموال التي كان يجنيها قبل اضطراب السوق من بيع الحماية. وقالت المتحدثة باسم صندوق أليانتز إن الصندوق كسب أكثر من 5 في المائة منذ الخسائر التي تكبدها خلال عمليات البيع المكثفة في السوق، مدعوما بتراجع التقلبات.
يمكن الآن أن نتوقع أن تتمتع الصناديق التي من هذا القبيل بفترة ممتدة من التقلبات المنخفضة. انخفض مؤشر فيكس أخيرا إلى مستوى يقع بالضبط فوق 20 نقطة، وهو ما تصفه كوينسي كروسبي، كبيرة استراتيجيي السوق في برودنشال فاينانشيال، بأنه "خط حاسم فاصل في السوق من حيث التقلبات" التي قد تتخذها الصناديق التي يحركها الكمبيوتر كإشارة شراء للأسهم، التي بدورها يمكن أن تقلل من التقلبات.
قالت: "إذا تمكنت من الدخول إلى ما بعد 20 نقطة، يمكنك البدء في رؤية عملية الشراء بعد ذلك. فهذا يشير إلى أن التداول على المدى القصير سيكون أقل تقلبا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES