لا تخسر أخاك
يقول الشاعر:
أخاك أخاك إن من لا أخا له
كساع إلى الهيجاء بغير سلاح
لن تجد في هذا العالم من يهتم لأمرك بعد أبويك مثل أخيك، فهو عكازك حين تكسر ظهرك نوائب الزمان، وهو سربالك الذي يقيك قسوة المواقف ومواجعها، وهو الحبل الذي ينتشلك من حفر الأيام المؤلمة، مهما كانت خسائرك قاسية في الحياة، فلن تكون كقسوة خسارتك لأخيك وهو لا يزال على قيد الحياة.
جالت هذه المشاعر في ذهني وأنا أشاهد فيلما بعنوان "إدانة" Conviction، وهو فيلم مبني على أحداث قصة حقيقية وقعت عام 1983 حين تم الحكم على الشاب الأمريكي كينيث ووترز بتهمة قتل كاتارينا، حيث كانت كل الدلائل تشير إلى ارتكابه الجريمة، تم الحكم عليه بالسجن المؤبد ونظرا إلى سجل كينيث المليء بالتجاوزات القانونية، فلم يشك جميع من حوله في أنه هو فعلا القاتل إلا أن شقيقته بيتي التي كانت حينها مجرد زوجة بسيطة وأما لطفلين كانت مؤمنة تماما ببراءته. هذا الظلم الذي وقع على شقيقها صنع منها امرأة قوية حيث عاهدت شقيقها بالوقوف إلى جانبه حتى تتم تبرئته. هذه الروح المحاربة لم تعجب زوجها الذي ضاق ذرعا باهتمامها بقضية شقيقها فانفصل عنها، تاركها مع طفلين صغيرين، ما دفعها إلى إعادة ترتيب حياتها من جديد فقررت أن تكمل دراستها الجامعية في تخصص القانون لتتمكن من الدفاع عن شقيقها، كما حصلت على وظيفة لتعيل أطفالها.
نجحت بيتي في الحصول على شهادتها بعد أعوام كفاح مريرة وإصرار على التغلب على العثرات كافة، ما مكنها من الحصول على توكيل من شقيقها حتى تصبح محاميته وتتولى الدفاع عنه ويكون بإمكانها فتح القضية من جديد، لم يكن الأمر سهلا فقد استغرق منها أعواما من البحث عن الأدلة ومحاولة العثور على الشهود ومحاربة الفساد الإداري الذي كان يسيطر على مجريات القضية منذ بداياتها، لكن في النهاية استطاعت بيتي أن تحصل على البراءة لشقيقها بسبب اختبار الحمض النووي، وبعد 20 عاما من السجن ظلما استطاعت بيتي أن تحقق العدالة والحرية لشقيقها بخروجه من السجن عام 2003!
وخزة
راجع حساباتك جيدا فإن كنت تعتقد أنك قد تستغني عن أخيك فحقا "الله يخلف عليك"،
لأنك يوما ما ستدرك أن كل خسارة في الحياة قد تعوض إلا خسارة أخ لا يزال على قيد الحياة.