Author

أين نحن من رفع كفاءة الاستهلاك؟ «1»

|
مختص في شؤون الطاقة
الطاقة شريان الاقتصاد، ومحرك التنمية، وقلب التطور النابض، فأين نحن من رفع كفاءة استهلاكها للحفاظ عليها؟ الاستدامة تعني الاستمرارية والثبات، ومن أدق التعريفات التي قرأتها عن الاستدامة أنها تلبية حاجات الحاضر دون المساس بمقدرات الأجيال المقبلة لتلبية حاجاتها الخاصة. الدول التي تعتمد بصورة كلية أو جزئية على الموارد الهيدروكربونية "النفط والغاز والفحم" في توليد الطاقة، تعي تماما أن هذه الموارد ناضبة، ويجب العمل بالتوازي على نقطتين وهما: أولا رفع كفاءة استهلاك هذه الموارد لإطالة عمرها قدر المستطاع، ثانيا: إحلال الطاقة المتجددة والبديلة بنسب متفاوتة تعتمد على عوامل فنية ومالية لكل دولة. المملكة من خلال وزارة الطاقة، وبالتعاون مع الهيئات والجهات ذات العلاقة، بلا شك تعي وتعمل على تحقيق استدامة الطاقة من خلال رفع كفاءة الإنتاج، والاستهلاك، والوصول في عام 2030 إلى مزيج من الطاقة تشكل الطاقة المتجددة 50 في المائة منه، كما صرح بذلك الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة. سأسلط الضوء على رفع كفاءة الاستهلاك في السعودية للإجابة عن السؤال عنوان هذه السلسلة من المقالات، انطلاقا من بعض المعلومات عن الطاقة عالميا ومحليا، مرورا بالبرامج والإجراءات المتخذة، لرفع كفاءة الاستهلاك في السعودية وانتهاء عند مخرجات ونتائج هذه البرامج والإجراءات التي أعتقد أهميتها لقياس جدوى هذه البرامج والإجراءات، فكما لا يخفى على كل ذي فهم أن ما لا يمكن قياسه لا يمكن تقييمه، وبالتالي لا يمكن تقويمه وتطويره. بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فمن المتوقع أن يرتفع استهلاك الطاقة نحو 50 في المائة عام 2050 ليصل إلى 900 كوادريليون "مليون مليار" وحدة حرارية، مقارنة بكمية الاستهلاك عام 2020 التي تبلغ 620 كوادريليون وحدة حرارية، وجل هذا النمو يأتي من الدول الآسيوية. الأرقام السابقة بناء على استشراف مستقبل كمية الطاقة المستهلكة، تعزز التوجه العالمي والمحلي لرفع كفاءة الاستهلاك والمحافظة على مصادر الطاقة الناضبة. بالعودة إلى بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" والشركة السعودية للكهرباء، نجد أن في عام 2019 بلغت كمية الاستهلاك من الكهرباء في السعودية لجميع القطاعات نحو 280 تيراواط لكل ساعة، تشمل جميع القطاعات. استهلك القطاع السكني نحو 45.8 في المائة من إجمالي كمية الاستهلاك من الكهرباء المبيعة في السعودية، حيث بلغ الاستهلاك نحو 128.1 تيراواط لكل ساعة، وجاء ثانيا الاستهلاك في القطاع الصناعي، حيث شكل نحو 17.7 في المائة، ثم القطاع التجاري بنحو 16.7 في المائة، والقطاع الحكومي بنحو 13.5 في المائة من إجمالي الاستهلاك في السعودية، وبلغت كمية الاستهلاك في القطاع الحكومي نحو 37.7 تيراواط لكل ساعة. في السعودية تستحوذ المباني والصناعة والنقل البري والمنافع "استخدام الطاقة في توليد الكهرباء وتحلية المياه" ما يزيد على 90 في المائة من الاستهلاك المحلي للطاقة، ويستهلك قطاع المباني نحو 75 في المائة من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة، يشكل استهلاك أجهزة التكييف منها نحو 65 في المائة منها. بعد معرفة هذه الأرقام، ما البرامج التي تم تطبيقها؟ وما الإجراءات التي تم اتخاذها؟ وهل انعكست على مخرجاتها وأدت إلى رفع كفاءة الاستهلاك فعلا؟ الأرقام تجيب في المقال المقبل بإذن الله، ولا أصدق من لغة الأرقام.
إنشرها