Author

سكر التجربة

|

بدا مرتبكا جدا. كادت "بيالة الشاهي" أن تسقط من يده وهو يتحدث إثر قلقه وتوتره. تخرج الكلمات من جوفه مرتعشة. إجاباته ناقصة وغير مكتملة.
رأى ثلاثة من أعضاء الفريق الذي يقوم بإجراء مقابلة وظيفية معه عدم مناسبته، بسبب شخصيته المهزوزة، على حد وصفهم، إلا شخصا واحدا اعتقد أن سيرته تحمل بشائر خير. طلب منهم في ضوء خبراته التي تصفحها في السيرة الذاتية، أن يرجئ الفريق تقييم المتقدم على الوظيفة، حتى يتم سؤال الجهات التي عمل معها عنه. فربما تفلت من شفاههم انطباعات تناقض ما رآه أغلب الفريق في المقابلة الوظيفية.
تبرع العضو المختلف رأيه مع رأي الأغلبية، وتواصل مع مديرين سابقين للموظف الذي خضع للمقابلة الوظيفية، واكتشف من خلال تواصله معهم إطراءهم عليه. فقد أجمع كل من اتصل بهم على جدارته ومهنيته، وأن رحيله يعود إلى رغبته الشخصية في التطوير والتغيير. بعد أن نقل هذا العضو الآراء لزملائه، اتفقوا على أن يعطوه فرصة للعمل بناء على المحصلة النهائية.
وكان أمام هذا الشاب أن يثبت خلال الفترة التجريبية التي أتيحت له وتمتد لثلاثة أشهر، فرصة كفاءته. وبالفعل أظهر جدارة وتميزا عاليين، ما جعله من الكفاءات الواعدة في منظومته.
والأجمل أن جهة عمله عملت على صقل مهاراته في التواصل والاتصال، وبدأ يتحسن تدريجيا. هذا الموقف يجعلني أؤمن أكثر بأن كثيرا من المميزين عمليا هم الأقل قدرة على التعبير.
تذكر يا صديقي، لا تحكم على الشيء من قشوره. لا تخدعك القشور. تعمق حتى تصل إلى الجذور لتستكشف وتكتشف.
عندما تشاهد الملح والسكر للوهلة الأولى سيختلط عليك الأمر. ولن تدرك ماهيتهما إلا بعد التجربة. تذوق الأشياء قبل إصدار الحكم عليها.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها