Author

صنائع المعروف تقي مصارع السوء

|
نسمع كثيرا عن المعروف وأهميته وتضرب الأمثال في الثناء على من يقدمه، وقد يلتبس مفهوم مصطلح المعروف عند البعض، نظرا إلى أنه باب واسع يشمل القول والفعل، فالكلمة الطيبة معروفة والتبسم وإماطة الأذى وإعانة المحتاج وإكرام الضيف والصدقة والإصلاح بين الناس، وغير ذلك كثير كله يشمله المعروف، حتى إنه يمكن القول، إنه ما من عمل طيب يفعله الإنسان ويسديه للآخرين، إلا ويدخل في مفهوم صنع المعروف، بل إن إسداء المعروف يتجاوز ما يقدم للإنسان ليشمل ما يقدم أيضا للحيوان والطير. إذن، المعروف هو فعل الخير بشتى أشكاله، وعرفه البعض بأنه "اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسنه"، وقد ورد الحث على المعروف والثناء على أهله في القرآن والسنة النبوية، (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف).. الآية. (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى)، وفي الحديث "كل معروف صدقة"، و"صنائع المعروف تقي مصارع السوء"، وهذا يشير بوضوح إلى أن بذل المعروف ينفع صاحبه لا في الآخرة فحسب، بل حتى في الدنيا، وقد دلت الشواهد على أن من يفعل المعروف اليوم قد يكون في الغد من أحوج الناس إليه، وشاعرنا العربي يوثق أهمية المعروف بقوله،
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه // لا يذهب العرف بين الله والناس
وللمعروف آثار واضحة تنعكس على فاعله منها، رد سوء المقادير وتفريج الكرب ومحبة الناس، فضلا عن أنه يأتي على رأس مكارم الأخلاق، ويخطئ بعض الناس حين ينظر إلى المعروف على أنه خسارة أو مضيعة للوقت، لأنه يراه يقدم بلا مقابل من ناحية ومن ناحية أخرى يقول، إنه يقابل بالجحود والنكران، بل يرى أن صانع المعروف سيتلقى الأذى ممن صنع له، مستشهدا بقول الشاعر، ومن يصنع المعروف في غير أهله // يلاقي كما لاقى مجير أم عامر
وهذا قد يكون أحيانا صحيحا، لكن على صانع المعروف ألا يندم على ما قدمه، وكما قيل، "افعل المعروف مع أهله ومع غير أهله، فإن لم يكن من أهله تكن أنت من أهله". بذل المعروف يجعلك تتذوق حلاوة في نفسك لم تعهدها من قبل. جرب وأنت الحكم.
إنشرها