default Author

مصيدة البوح

|
في مطلع القرن الـ19، كان هناك تنافس قوى لتحقيق حلم الطيران وتصميم طائرة تمكن البشر من التحليق في السماء، بين شابين مستضعفين يملكان محلا صغيرا لبيع الدراجات، وعالم معروف في الفلك والفيزياء والطيران أمين مؤسسة سميثسونيان، التي منحته الدعاية والدعم وجعلت أمريكا تقف معه وتؤمن بأنه القادر على تحقيق الحلم!
وفي نهاية عام 1903، حلقت أول طائرة صممها "الأخوان رايت" في السماء، رغم صعوبة الأجواء في ذلك اليوم، فقد كان يوما باردا وعاصفا، لمدة دقيقة ولمسافة 852 قدما، ليصبح اسمهما أول ما يخطر على بالك حين تذكر حكاية الطيران. لكن أين ذهب العالم صموئيل بيربونت لانجلي؟ هل سمع أحد به من قبل؟ رغم كل الدعم المادي والمعنوي الذي تلقاه من أمريكا كلها، إلا أنه فشل في التحليق!
يمتلك كل منا أحلاما كبيرة وطموحات وأهدافا يسعى إلى تحقيقها ويبني آماله عليها، فهناك من يطمح إلى عمل مشروع تجاري لزيادة دخله، أو إنجاز بحوث علمية في مجاله ويحمل أفكارا عديدة، وآخر هدفه الأهم إنقاص وزنه. كل هؤلاء لديهم أمل بتحقيق أهدافهم، فتجدهم يخبرون من حولهم من أصدقاء وشركاء بما يجول في خواطرهم، كي يحصلوا على الدعم. وبالفعل، يجدون كل الثناء والإطراء والإعجاب بأفكارهم وأهدافهم، ويمضي الوقت دون أن ينجزوا أيا من هذه الأحلام والطموحات، فيصابون بخيبة أمل، ويفقد أصدقاؤهم والمقربون منهم الثقة بهم. وعلى النقيض، هناك من يعمل بصمت وهدوء وتتحدث عنه إنجازاته!
فأي الطريقين أولى بالاتباع؟ هل نحن - فعلا - نحتاج إلى من يشجعنا كي ننجز أهدافنا؟ أم نكتفي بالحافز والدافع الداخلي؟
في بحث أجري على 163 شخصا، أعلن نصفهم أهدافه أمام الجميع، وعزمهم على تحقيقه، أما النصف الآخر فالتزم الصمت. منح الجميع الوقت الكافي، ومدته 45 دقيقة، لتحقيق الهدف. كانت المفاجأة أن الذين صرحوا بأهدافهم، توقفوا في نصف الوقت، لشعورهم بأنهم اقتربوا من الهدف، أما الصامتون فعملوا طوال المدة، لشعورهم أن أمامهم وقت طويل لإنجاز أهدافهم، وبالفعل نجحوا وفشل الآخرون!
قصة "الأخوان رايت"، وعديد من الأبحاث النفسية، تؤيد الخيار الثاني، لأنه بمجرد حصولك على الدعم، تسكن الأفكار، ويهدأ الخاطر كما لو كنت أنجزت المهمة!
هذا الشعور المزيف بالرضا عن أهداف لم تنجزها نتيجة إخبار الآخرين بها، وذلك الثناء والإطراء والإشادة، هما السبب الحقيقي وراء فشلك. الرضا الحقيقي هو ما تشعر به بعد الحصول على ما تريد. لذا، استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان!
إنشرها