FINANCIAL TIMES

متلازمة ما بعد كوفيد .. أرق وصداع وأشياء أخرى تستمر زمنا

متلازمة ما بعد كوفيد .. أرق وصداع وأشياء أخرى تستمر زمنا

الفيروس لا يزال يثير أسئلة لا يعرف لها العلماء إجابات.

في أوائل آذار (مارس)، مع زيادة القلق بشأن كوفيد - 19، كان ليث حشمة لا يزال غير مبال. في عمر 26 عاما، حيث لم يمرض قط بشكل خطير، شعر بثقة كبيرة أن هذا الفيروس الجديد بالكاد سيؤثر فيه وكان يمزح بشأنه مع زملائه.
ثم أصيب به. بعد تعافيه من أسبوعين من السعال والحمى، انهار في الشارع أثناء خروجه للتسوق. خلال الأشهر الأربعة التالية، هاجمته مجموعة محيرة من الأمراض، بما في ذلك تعب شديد، ذاكرة ضعيفة، تسارع نبضات القلب، وإسهال.
قال: "لم يكن بمقدوري الجلوس لمدة شهر تقريبا، وبعد ذلك لم أتمكن من الذهاب وحدي إلى الحمام لمدة شهر آخر. لا أقوم بعمل جيد أيضا على الصعيد العقلي في الوقت الحالي، إنه أمر مؤلم".
حشمة الذي يعيش في كامبرلي، ساري، هو واحد من عشرات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء العالم الذين عانوا تعبا شديدا وأعراضا أخرى، لا علاقة فيما بينها على ما يبدو، لأشهر بعد الإصابة بكوفيد - 19.
هذه الحالة غير المفهومة، التي يشار إليها باسم كوفيد طويل الأمد، أو كما يشير إليها المجتمع الطبي مبدئيا باسم "متلازمة ما بعد كوفيد"، ترتبط ارتباطا وثيقا بمتلازمة التعب المزمن، أو التهاب الدماغ والنخاع العضلي. لكنها أصبحت منذ الآن مثار خلافات ارتبطت بهذا المرض لعقود.
في الوقت الذي لجأ فيه عدد متزايد من المرضى من جميع أنحاء العالم إلى مجموعات الدعم عبر الإنترنت على فيسبوك وتويتر وسلاك، يحاول الباحثون الآن تحديد السبب وكيفية علاجه.
تحليل حديث أجرته مجموعة "دراسة أعراض كوفيد" Covid Symptom Study أشار إلى أن ما يصل إلى واحد من كل عشرة أشخاص مصابين بفيروس كوفيد - 19 كان مريضا لأكثر من ثلاثة أسابيع بعد ظهور الأعراض أول مرة. بعض المشكلات الأكثر ضررا التي تواجهها مجموعة حاملي المرض لفترة طويلة هي التعب المزمن، وارتفاع درجة الحرارة، والأرق، والصداع، وضعف الذاكرة، والإحساس بوخز ودوخة.
"الأشخاص عالقون في السرير ولا يستطيعون الذهاب إلى العمل أو رعاية أطفالهم"، كما قال تيموثي نيكلسون، إخصائي الأمراض النفسية والعصبية في كلية كينجز لندن الذي يدرس الظاهرة بعد أن عانى أعراض ما بعد فيروس كورونا نفسه.
وجد سيزار أبرو، الراقص في أوبرا متروبوليتان في مدينة نيويورك، أن آثار مرضه الذي طال أمده تجعله ضعيفا تماما. التعب المستمر، إلى جانب الصداع النصفي المؤلم والألم في صدره، أدى إلى عديد من نوبات الهلع.
قال من منزله في مانهاتن: "أكثر ما يقلقني هو استمرار الفيروس والتأثير الدائم الذي قد يحدثه على جسدي وأنني قد أبقى هكذا، أعاني أعراضا جسدية، دون أي حل".
بول جارنر، أستاذ الأمراض المعدية في كلية ليفربول للطب الاستوائي الذي كان يكتب في مدونة عن أعراض ما بعد فيروس كورونا لـ "المجلة الطبية البريطانية"، كتب الشهر الماضي: "لا أستطيع مغادرة السرير لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة، أشعر بالوخز في ذراعي وساقي كما لو تم حقنها بحبوب فلفل سيشوان، أسمع رنينا في أذني، وذاكرة ضعيفة متقطعة، وخفقان في القلب، وتقلبات مزاجية كبيرة".
إحدى المشكلات التي واجهها حاملو المرض لفترة طويلة في المملكة المتحدة هي أنهم لم يخضعوا لفحص مسحة فيروس كورونا خلال المراحل المبكرة من مرضهم، جزئيا لأن الحكومة كانت قد أوقفت الفحوص والتتبع في المجتمع.
أدى هذا إلى صعوبات في رسم خط نهائي بين سارس-كوف-2 ، Sars-Cov-2 والأعراض المبلغ عنها، وكان يعني أن عديدا من الأفراد لم يستوفوا معايير التجارب السريرية.
أسباب الأعراض المبلغ عنها غير مثبتة ومثيرة للجدل. في حين أن بعضهم يشير إلى متلازمة ما بعد الفيروس - التعب والضعف الذي يستمر بعد محاربة الشخص للعدوى الفيروسية – على أنه تفسير محتمل، يصر آخرون على أن ما يعانونه لديه خصائص فريدة.
قالت كلير راينر، الاستشارية في الطب المهني في المملكة المتحدة: "هناك أمراض لا يتم التحقيق فيها"، مشيرة إلى أنه يبدو أنها تؤثر في دماغ الشخص وقلبه ورئتيه لأشهر.
يعتقد جون جيديس، أستاذ علم الأوبئة في جامعة أكسفورد، أن المرض الذي يطول أمده قد يكون بسبب دخول الفيروس إلى الخلايا العصبية في الدماغ. يشير آخرون إلى أن الاستجابة المناعية المرتفعة للفيروس ربما كانت تلحق الضرر بالخلايا في أجزاء رئيسة من الجسم.
كوفيد - 19 ليس أول وباء يولد أعراضا تسبب الضعف بعد فترة العدوى بكثير. بعد تفشي فيروس سارس في 2003 في آسيا، وجد الباحثون أن 60 في المائة من المرضى عانوا تعب وأرق ما بعد الفيروس حتى بعد عام من الإصابة بالفيروس.
تفشي فيروس إيبولا في غرب إفريقيا في 2014 أدى إلى تحديد "متلازمة ما بعد إيبولا" فريدة، شاركت بعض الأعراض مع التعب المزمن واستمرت حتى عامين بعد الإصابة.
متلازمات ما بعد الفيروس تثير جدلا منذ فترة طويلة. لعقود شعر الأشخاص الذين يعانون تعبا مزمنا أن مرضهم رفضه المتخصصون الطبيون باعتباره من الأمراض النفسية وليس الجسدية. وفقا لأحد الخبراء في هذا المجال، أرسل أحد أعضاء مجتمع التهاب الدماغ والنخاع العضلي تهديدات بالموت إلى الأكاديميين الذي يتبنون علاجات دوائية للمرض.
قال الدكتور نيكلسون: "نحاول ضمان عدم حدوث انقسام بين الصحة العقلية والجسدية هذه المرة، لكننا ما زلنا نكافح مع ذلك الإرث من الثنائية. يشعر كثير من الأشخاص أنه لا يتم تصديق أعراضهم".
حشمة هو واحد من بين كثير من هؤلاء المرضى. قال إنه شعر بعدم الدعم بالكامل من الأطباء طوال فترة مرضه. قال كثيرون إنه يعاني مشكلات في الصحة العقلية ووصفوا له أدوية مضادة للقلق.
الكلية الملكية للأطباء العامين دعت الحكومة البريطانية إلى تقديم تمويل إضافي للمساعدة على حل المشكلة. وكتب أعضاء مجموعات دعم أيضا إلى الحكومة مطالبين بمزيد من البحث وتحسين الدعم الطبي للمرضى.
قالت أوندين شيروود، التي أصيبت بفيروس كوفيد - 19 وتعاني تعبا وحمى منذ نهاية آذار (مارس): "يجب أن تستيقظ الحكومة وتدرك أننا ربما نتعامل حاليا مع مشكلة كبيرة فعلا، تؤثر في مئات الآلاف".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES