default Author

كيف نمنع أزمة الديون السيادية؟ «2 من 2»

|
في أكثر الأحيان، تعقب عمليات إعادة الهيكلة المنقوصة للديون إعادة هيكلة أخرى في غضون خمسة أعوام، في ظل معاناة هائلة من جانب أولئك في الدولة المدينة. حتى الدائنون يخسرون في الأمد البعيد.
لحسن الحظ، هناك بديل غير مستغل بشكل كامل: إعادة شراء الديون السيادية الطوعية. تنتشر فكرة إعادة شراء الديون في عالم الشركات، وقد أثبتت فعاليتها سواء في أمريكا اللاتينية في تسعينيات القرن الـ20، أو في زمن أقرب إلى الحاضر في السياق اليوناني. وتتمتع هذه الممارسة بميزة تتمثل في تجنب الشروط القاسية التي تأتي عادة مع مقايضات الديون.
لا بد من أن يكون الهدف الرئيس لبرنامج إعادة الشراء هو تخفيف أعباء الديون من خلال تأمين خصومات كبيرة (تقليم أصل الدين) على القيمة الاسمية للسندات السيادية، وتقليل التعرض للدائنين المعتادين على المخاطرة المنتمين إلى القطاع الخاص. لكن برنامج إعادة الشراء يمكن تصميمه أيضا لتعزيز أهداف الصحة والمناخ، من خلال اشتراط إنفاق المستفيدين للأموال التي كانت ستذهب لولا ذلك لخدمة الديون على إنشاء السلع العامة.
كما نوضح في ورقة بحثية حديثة نشرها مركز أبحاث السياسة الاقتصادية، أن من الممكن تولي صندوق النقد الدولي إدارة مرفق متعدد الأطراف لإعادة الشراء، ويستطيع الصندوق استخدام الموارد المتاحة بالفعل، ووظيفة الترتيبات الجديدة للاقتراض، والأموال التكميلية من اتحاد عالمي من الدول والمؤسسات المتعددة الأطراف. وبوسع الدول التي لا تحتاج إلى كامل حصتها من حقوق السحب الخاصة، وحدة حساب صندوق النقد الدولي، أن تتبرع بها أو تقرضها للمرفق الجديد. ومن الممكن أن يوفر الإصدار الجديد من حقوق السحب الخاصة، التي تشتد إليها الحاجة بوضوح، موارد إضافية. ولضمان أقصى قدر من خفض الديون لنفقات بعينها، يستطيع صندوق النقد الدولي أن يدير مزادا علنيا، معلنا أنه سيعيد شراء كمية محدودة فقط من السندات.
في الأمد البعيد، ستنشأ الحاجة إلى آلية قائمة على القواعد يمكن التكهن بها، على غرار تشريع إفلاس البلديات في الولايات المتحدة (الفصل التاسع). وسيتماشى هذا مع توصيات لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة المعنية بإصلاحات النظام النقدي والمالي الدولي بعد 2008.
يتلخص الاعتراض المعتاد على مثل هذه الاقتراحات في أنها ستدمر سوق رأس المال الدولية. لكن التجربة تـظـهـر خلاف ذلك. فالمرء لا يستطيع أن يعتصر الصخر طلبا للماء. وستحدث عمليات إعادة الهيكلة. والسؤال الوحيد هو ما إذا كانت ستعمل بشكل نظامي. وستساعد مقترحاتنا على تحقيق هذا الهدف، وبالتالي تعزيز أسواق رأس المال.
ولكن في نهاية المطاف، لا يجب أن يتركز اهتمامنا على صحة أسواق رأس المال، بل على رفاهة الناس في الدول النامية ودول الأسواق الناشئة. إن الحاجة ملحة إلى تخفيف الديون الآن، في خضم الجائحة. ولا بد من أن يكون تخفيف الديون شاملا ــ وأن يضم الدائنين من القطاع الخاص ــ وأكثر من مجرد وقف للديون. ونحن نملك الأدوات اللازمة للقيام بذلك. ولا نحتاج إلا إلى الإرادة السياسية.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2020.
إنشرها