الطاقة- النفط

محللون: «أوبك +» تمتلك رؤية دقيقة لتطورات السوق .. والنفط يعود للمكاسب رغم تخفيف قيود الإنتاج

محللون: «أوبك +» تمتلك رؤية دقيقة لتطورات السوق .. والنفط يعود للمكاسب رغم تخفيف قيود الإنتاج

تلقت أسعار النفط الخام دعما جيدا من حدوث انخفاض كبير في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية، وهو ما قلل نسبيا الأثر السلبي الواسع لتسارع الإصابات بفيروس كورونا في مختلف دول العالم التي تهدد بتعثر خطط إنعاش الطلب بينما بدأت "أوبك +" تخفيف قيود خفض الإنتاج ابتداء من الشهر الجاري.
ويقول لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن "أوبك +" لديها رؤية دقيقة لتطورات السوق في ظل عودة الأسعار إلى المكاسب على الرغم من تخفيف "أوبك +" تخفيضات الإنتاج القياسية وقد مالت أسعار النفط إلى الانخفاض لفترة وجيزة بسبب جوانب معنوية حيث تخوف البعض من إغراق السوق بمزيد من النفط ولكن "أوبك +" أثبتت صحة رؤيتها للسوق خاصة مع تأكيدها أن الزيادات مقصورة على تلبية احتياجات الطلب المحلي.
وأشار المختصون إلى أن تأثير "أوبك" وحلفائها في أسواق النفط العالمية كبير للغاية خاصة أنها نجحت في إدارة دورات اقتصادية صعبة سابقة مثل دورة عامي 2014 – 2016 حيث تمكنت من السيطرة على وفرة المعروض التي قادها النفط الصخري الأمريكي وقتها وتكرر هذا الأمر في أزمة الجائحة الراهنة حيث أدى ضعف الأسعار إلى إخراج المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة خاصة المنتجين الأمريكيين والكنديين.
وفي هذا الإطار، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، إن تراجع المخزونات بوتيرة غير متوقعة يعكس تعافي الطلب أيضا بوتيرة أفضل من التقديرات السابقة، مشيرا إلى أن "أوبك +" نجحت في نيسان (أبريل) من العام الجاري في التوافق على خفض إنتاجها المجمع بمقدار قياسي بلغ 9.7 مليون برميل يوميا واستمر العمل بالتخفيضات ثلاثة أشهر حيث تم التعامل بشكل ملائم مع حالات الإغلاق الاقتصادي الواسعة التي تسببت فيها جائحة كورونا.
وأشار إلى أن السوق تسجل حاليا تحسنا ملموسا في مستويات الطلب مع استئناف حركة الطيران وعودة حركة النقل إلى مستويات مقاربة لما قبل الجائحة خاصة في الصين التي تقود الطلب العالمي على النفط الخام ولكن الهند ما زالت تعاني ارتفاع الإصابات السريع بالوباء ما أدى إلى انخفاض استهلاك الوقود 21 في المائة، في تموز (يوليو) على أساس سنوي و13 في المائة، مقارنة بحزيران (يونيو) من العام الماضي.
وترى ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة أنه كلما تسارعت وتيرة السحب من مخزونات النفط انعكس ذلك بالإيجاب على تعافي الأسعار ودعم موازنات الدول المنتجة وعودة أنشطة الحفر والاستثمارات الجديدة التي تم تأجيلها في عديد من الدول بسبب البيئة السعرية المضطربة وغير الملائمة إضافة إلى تأثير الضبابية المحيطة بوضع السوق والاقتصاد العالمي في ظل عدم قدرة دول كبرى على السيطرة على مخاطر الجائحة.
وأشارت إلى أن التوصل إلى لقاح فعال للفيروس سيسهم في احتواء المخاوف الواسعة المسيطرة على السوق حاليا، لافتة إلى بدء "أوبك +" في زيادة إنتاجها بسبب قناعتها بأن مرحلة الإغلاق الواسعة التي حدثت في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) الماضيين لن تتكرر وأن هناك تحركا في السوق للتعايش مع مخاطر الجائحة ودعم عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجيا ما يبشر باستمرار تعافي الطلب حتى إن تعثر من آن إلى آخر، مشيرة إلى تأكيد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أخيرا أنه يتوقع انتعاشا كبيرا في الطلب على النفط هذا الشهر بنحو 10 في المائة من مستويات ما قبل الأزمة.
ويضيف ديفيد لديسما المحلل في شركة ساوث كورت الدولية أن إعلان السعودية أنها لن تزيد صادراتها هذا الشهر وأن زيادات الإنتاج ستوجه إلى السوق المحلية يعكس الحذر الشديد في التعامل مع ظروف السوق النفطية غير المستقرة والإصرار على تجنب عودة حالة تخمة الإمدادات خاصة مع عدم اكتمال تعافي الطلب إلى المستوى المأمول.
وأشار إلى أن توازن السوق سيظل الهدف الرئيس لتكتل "أوبك +" وهو ما يقود بدوره إلى تعافي الأسعار التي ما زالت تدور حول 40 دولارا للبرميل بسبب الضغوط العكسية المتمثلة في التوترات الأمريكية - الصينية واستمرار ارتفاع الإصابات بالوباء وهو ما أدى بدوره إلى اضطراب سوق الطاقة الأمريكية وانخفاض إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة في أيار (مايو) 2020 بمقدار 1.99 مليون برميل يوميا وهو أكبر انخفاض شهري منذ كانون الثاني (يناير) 1980 على الأقل.
ويقول أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة إن الإغلاقات السابقة والنشاط الاقتصادي المنخفض المرتبط بجهود التخفيف من تأثيرات الجائحة تسببا في حدوث تغييرات جذرية في أنماط العرض والطلب على الطاقة خاصة مع زيادة الاعتماد على الطاقة البديلة والتوسع في العمل عن بعد ما هبط باستهلاك الوقود بشكل واسع لافتا إلى أن منتجي النفط الخام اضطروا تحت ضغوط الأزمة الواسعة إلى تقليل نشاط الحفر وتخفيض الإنتاج في المناطق الرئيسة المنتجة للنفط في الولايات المتحدة.
وأضاف أن مراقبة تطورات العرض والطلب هي التحدي الأكبر أمام السوق وهو الدور المنوط به بشكل رئيس اللجنة الوزارية لمراقبة خفض الإنتاج التي تجتمع يوم 18 آب (أغسطس) وتدرس وضع الإمدادات المختلفة وتبحث تطورات تعافي الطلب، مشيرا إلى أنه بحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية من المرجح أن يبلغ متوسط إنتاج النفط الخام الأمريكي 11.6 مليون برميل يوميا في العام الجاري 2020 لافتا إلى أنه قبل الجائحة والانكماش الاقتصادي كان متوسط إنتاج النفط الخام الأمريكي 12.8 مليون برميل يوميا في الشهرين الأولين من 2020 ولكن الصورة تبدلت بعدما تبلور حجم التأثيرات الكبيرة للجائحة في الاقتصاد الأمريكي باعتباره يشهد أكبر معدلات إصابة بالفيروس.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، إلى أعلى مستوياتها منذ مطلع آذار (مارس) بعد أن أظهرت بيانات انخفاضا كبيرا في مخزونات النفط الخام الأمريكية، غير أن المخاوف من أن يفضي اتساع رقعة العدوى بفيروس كورونا إلى تراجع الطلب على الوقود حدت من المكاسب.
وأنهت عقود خام برنت القياسي العالمي لأقرب استحقاق جلسة التداول مرتفعة 74 سنتا، أو 1.67 في المائة، لتبلغ عند التسوية 45.17 دولار للبرميل.
وزادت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 49 سنتا، أو 1.18 في المائة، لتسجل عند التسوية 42.19 دولار للبرميل.
وبلغت مكاسب عقود الخامين كليهما أكثر من أربعة في المائة في وقت سابق من الجلسة.
وقالت إدارة معلومات الطاقة إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة هبطت بمقدار 7.4 مليون برميل الأسبوع الماضي، وهو ما يفوق متوسط توقعات محللين استطلعت "رويترز" آراءهم الذي كان يشير إلى انخفاض قدره ثلاثة ملايين برميل.
ولقيت الأسعار دعما أيضا من تراجع الدولار، وهو ما يجعل النفط المسعر بالعملة الأمريكية أرخص بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.
ويأتي تصاعد الأسعار على خلفية قفزة في حالات الإصابة بفيروس كورونا وهو ما قد يهدد تعافي الطلب على الوقود.
وقال بيورنار تونهاوجين رئيس أسواق النفط في شركة ريستاد إنرجي "المعنويات الإيجابية مبررة بشكل مبدئي اليوم بفضل أنباء المخزونات الأمريكية، لكننا نعتقد أن المراهنين على الارتفاع بحاجة إلى الاحتماء، في الأيام المقبلة مع احتلال كوفيد - 19 موقع الصدارة (في الأحداث) مرة أخرى".
وتجاوزت الوفيات العالمية الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا 700 ألف أمس، وفقا لإحصاء "رويترز"، إذ قادت الولايات المتحدة والبرازيل والهند والمكسيك ارتفاع عدد الوفيات.
وما أسهم في دعم المعنويات إشارات على أن المحادثات بين النواب الديمقراطيين في الكونجرس والبيت الأبيض بشأن حزمة جديدة للدعم المالي بسبب فيروس كورونا بدأت تتحرك في الاتجاه الصحيح على الرغم من أن الطرفين ما زالا في حالة خلاف.
كما أظهرت بيانات المصانع الأمريكية هذا الأسبوع تحسنا في الطلبيات، وهو ما يراه بعض المحللين على أنه يوفر تخفيفا للقلق بشأن المخاطر التي تواجه أي انتعاش.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 44.27 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 44.02 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث ارتفاع لها على التوالي وإن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي التي سجلت فيه 43.40 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط