الطاقة- النفط

هل ينفق الاتحاد الأوروبي 30 % من ميزانيته في مواجهة التغير المناخي؟

هل ينفق الاتحاد الأوروبي 30 % من ميزانيته في مواجهة التغير المناخي؟

تفتقد منطقة اليورو إلى الدليل العلمي في إنفاق أموال الأهداف البيئية.

عندما كانت أورزولا فون دير لاين وزيرة لدفاع ألمانيا ومرشحة لرئاسة المفوضية الأوروبية، قدمت نفسها باعتبارها شخصية متحمسة للدفاع عن قضايا المناخ والبيئة، وقالت في كلمة ترشحها لرئاسة المفوضية أمام البرلمان الأوروبي، "علينا أن نكافح من أجل مزيد من الإجراءات لمواجهة ظاهرة التغير المناخي، أريد أن تصبح أوروبا أول قارة دون مسببات للتغير المناخي في العالم بحلول عام 2050".
ووفقا لـ"الألمانية": فازت فون دير لاين بالمنصب الأوروبي المرموق، وصارت رئيسة للمفوضية الأوروبية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وفي ظل قيادتها، اقترحت المفوضية الأوروبية إنفاق 25 في المائة من ميزانية الاتحاد الأوروبي للأعوام السبعة المقبلة وأموال صندوق التعافي من جائحة فيروس كورونا المستجد، على مشاريع تسام في مواجهة ظاهرة التغير المناخي.
ولكن حكومات الاتحاد الأوروبي ذهبت خطوة أبعد في مواجهة التغير المناخي، ووافقت على تخصيص 30 في المائة من ميزانية التكتل من أجل المناخ، بزيادة 10 في المائة على مخصصات الإنفاق في ميزانية 2014 - 2020، فهل حقا يتم إنفاق تلك المبالغ على حماية المناخ.
ومع وصول إجمالي حجم إنفاق المفوضية الأوروبية خلال الأعوام السبعة المقبلة إلى 1.8 تريليون يورو (2.1 تريليون دولار)، تصل مخصصات مشاريع التغير المناخي إلى 600 مليار يورو.
ورغم أن هذه الأرقام قد تبدو جيدة على الورق، يساور الشك نشطاء الدفاع عن البيئة حيالها، إذ تقول برنيس دوبو، كبيرة مسؤولي السياسة الزراعية في المكتب البيئي الأوروبي، وهو شبكة تضم مجموعة من المنظمات البيئية غير الحكومية: "المشكلة الآن هي أن يتحول الأمر إلى مجرد عملية ضخمة لغسل الذمة البيئية"، في إشارة إلى احتمال عدم إنفاق كل هذه الأموال فعليا على مشاريع تحقق جدوى بيئية.
وتضيف دوبو أنه لا يتم إنفاق أغلب الأموال التي رصدها الاتحاد الأوروبي تحت مظلة مواجهة التغير المناخي - نحو 50 في المائة منها - من أجل البيئة، وإنما تذهب هذه الأموال إلى السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي، دون وضع معايير مناخية إضافية لإنفاقها. كما تم دفع جزء كبير من هذه الأموال إلى المزارعين مباشرة لتحسين دخلهم.
وفي حين تتوقع المفوضية أن يحترم المزارعون القواعد البيئية التي وضعها الاتحاد، فإنها تعد تلقائيا 20 في المائة من المدفوعات المباشرة للمزارعين أموالا موجهة لظاهرة التغير المناخي، وتقول دوبو إنه في ظل عدم مراجعة كيفية إنفاق المزارعين لهذه الأموال، لا يمكن اعتبار هذه النسبة المئوية انعكاسا للواقع.
وأكدت أن هذا الأسلوب في إنفاق أموال الأهداف البيئية يفتقد الدليل العلمي، ويخضع للضغوط السياسية، حيث إن المفوضية تحتاج دائما إلى موافقة جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على الميزانية، وبالتالي فإنها تسعى إلى تحقيق التوازن في المصالح المتباينة للدول الأعضاء.
وفي المقابل، بحسب دوبو، لا يريد وزراء الزراعة في دول الاتحاد الأوروبي الموافقة على خفض التمويل المباشر للمزارعين وتوجيه الأموال إلى الأنشطة المناخية البحتة بدلا من ذلك.
وترفض المفوضية هذه الادعاءات، حيث يقول متحدث باسم المفوضية: "هذه أكبر حزمة استثمار بيئي يراها العالم على الإطلاق، طموحاتنا نحو أوروبا أقل تلوث وأكثر اعتمادا على التكنولوجيا الرقمية وأكثر مرونة، ستظل المبادئ الحاكمة للجيل الجديد في الاتحاد الأوروبي وللميزانية الجديدة طويلة المدى".
وأضاف المتحدث أن المفوضية ستستخدم أسلوبا واضحا وثابتا لقياس التقدم الذي يتحقق في مجال التغير المناخي، ويطلق عليه "محددات ريو"، في إشارة إلى نتائج قمة ريو دي جانيرو العالمية للمناخ.
وتقيس محددات ريو ما إذا كان خفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري يمثل هدفا أساسيا لأي نشاط، أم هو هدف ثانوي، ولكنه مهم، أو أن هذا النشاط لا يستهدف مواجهة التغير المناخي من الأساس.
ووفقا لهذا التقييم، يتم تحديد النسبة التي توجه إلى مجالات المناخ من أموال هذا النشاط، ولكن دوبو ترى أن استخدام هذا الأسلوب فشل في الوصول إلى نتائج ملموسة، لأنه لا يتضمن دراسة التأثيرات الفعلية للمشروع على المناخ.
ويؤيد ماركوس تريلينج، منسق سياسات التمويل في منظمة شبكة العمل المناخي المعنية بالدفاع عن البيئة وجهة نظر دوبو، ويقول إن هناك حاجة إلى مقاييس أكثر وضوحا لتقييم المشاريع والاستثمارات التي يجب تمويلها من منظور بيئي.
ولكن المفوضية الأوروبية تقول إن السياسة الزراعية للاتحاد الأوروبي تلزم الدول الأعضاء بالتركيز الكافي على المناخ، ويشير متحدث باسم المفوضية إلى أنه سيكون على الدول الأعضاء التزام قانوني بإظهار طموح أكبر من الموجود حاليا بشأن الاهتمام بالبيئة والمناخ".
ويقول تريلينج إنه من المهم أن تلتزم الدول بتعهداتها البيئية عند إنفاق أموال صندوق التعافي الاقتصادي من تداعيات جائحة كورونا، وأن تعكس خطط الإنفاق لديها هذا الالتزام.
وأضاف أنه إذا لم ترصد الدول الأعضاء مبالغ كبيرة لإنشاء نظم نقل أقل تلويثا للبيئة، يمكن القول إن نسبة الـ30 في المائة من ميزانية الاتحاد الأوروبي والمخصصة للأغراض البيئية ستذهب أدراج الرياح.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط