الطاقة- النفط

"الصخري الأمريكي" في أزمة .. 23 شركة ديونها 30 مليار دولار

"الصخري الأمريكي" في أزمة .. 23 شركة ديونها 30 مليار دولار

عودة الوتيرة السريعة للإصابات بكورونا عززت المخاوف على النمو الاقتصادي.

انخفضت أسعار النفط الخام مجددا تحت ضغوط الشكوك في تعافي الطلب على الوقود جراء الإصابات المتسارعة بجائحة كورونا في الولايات المتحدة والعالم، إلى جانب القلق من وفرة الإمدادات بعد قرار "أوبك+" تخفيف قيود خفض الإنتاج بدءا من الشهر الجاري.
ويقول لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون، "إن تحديات واسعة تواجهها شركات الطاقة خاصة في الولايات المتحدة، مع استمرار الشكوك المحيطة بتعافي الطلب العالمي"، لافتين إلى أحدث البيانات التي تشير إلى أن حجم الدين الجماعي لـ23 شركة من شركات النفط والغاز التي تقدمت بطلب للحماية من الإفلاس في النصف الأول من العام بلغ 30 مليار دولار.
وعدّ المختصون دور المنتجين وتعاونهم المشترك يتزايدان سواء من خلال "أوبك+" أو محاولات توسيع التكتل لضم أعضاء جدد، في ظل تنامي الشكوك حول مستقبل الطلب على النفط، يجعل إشكالية استعادة التوازن في السوق مهمة صعبة ومتواصلة، لافتين إلى أن اجتماع لجنة مراقبة خفض الإنتاج هذا الشهر سيكون محوريا لأنه أول شهر تتم فيه إعادة تقييم السوق عقب بدء تخفيف قيود خفض الإنتاج.
وفي هذا الإطار، يقول سيفين شيمل مدير شركة في جي إندستري الألمانية "إن عودة الوتيرة السريعة للإصابات بكورونا في العالم أدت إلى استمرار المعنويات السلبية وعززت المخاوف على النمو الاقتصادي، خاصة أن تحسن الطلب على النفط والتعافي الاقتصادي جاءا فاترين على نحو واسع في الأسابيع الأخيرة"، مشيرا إلى أن حالة الضعف الراهنة امتدت في تأثيراتها إلى جوانب عديدة في الصناعة والخدمات المرتبطة بها، ومثال على ذلك معاناة خدمات حقول النفط، على سبيل المثال، وهي الأكثر ضعفا حاليا.
وأضاف أن "خدمات حقول النفط تواجه معاناة خاصة وشديدة بسبب اعتمادها شبه الكامل على استثمارات المنبع، حيث تراجع نشاط الاستكشاف والإنتاج في الولايات المتحدة على نحو كبير، ما اضطر مقدمي الخدمات إلى خفض أسعار خدماتهم من أجل الاستمرار والبقاء ومساعدة المنتجين على الحد من خسائرهم"، عادّا مشاريع المنبع في قطاع النفط الصخري الأمريكي هي الأكثر معاناة حاليا في ظل وضع السوق المضطرب وفي ضوء صعوبة تعافي الأسعار إلى المستويات المعززة لانتعاش الاستثمارات مرة أخرى.
من جانبه، يقول روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات "إن الضغوط الهبوطية على الأسعار ما زالت قوية، وهو ما أدى إلى انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 40 دولارا للبرميل بالتزامن مع بدء منتجي "أوبك+" في إنتاج مزيد من النفط الخام، رغم عدم توجيه الزيادات إلى التصدير، لكنها حالت دون انتعاش الأسعار حيث لا يزال عديد من الدول يكافح لاحتواء الوباء".
وأضاف أن "تكتل "أوبك+" سيضخ زيادة في الإنتاج - بحسب تقديرات دولية - تسجل نحو 1.5 مليون برميل يوميا هذا الشهر أكثر مما كانت عليه في يوليو الماضي، تنفيذا لقرار تخفيف قيود الإنتاج القياسية التي طبقت في مايو الماضي ولمدة ثلاثة أشهر لاحتواء تداعيات جائحة كورونا"، مشيرا إلى أنه في المقابل ما زال الطلب في وضع متعثر حيث تشير تقارير دولية إلى انخفاض مبيعات الديزل في الهند بنسبة 21 في المائة، عن يوليو من العام السابق وهو ما يكشف عن صعوبات جمة في انتعاش الطلب في واحد من أكبر المستهلكين في العالم.
ويرى أندريه جروس مدير العلاقات الدولية في شركة إم إم إيه سي الألمانية أن قضية تحسن مؤشرات الطلب هي الشغل الشاغل لكل المعنيين بسوق النفط العالمية، لافتا إلى توقعات لشركتي رويال داتش شل وإكسون موبيل تراهن على أن حدوث انتعاش كامل في الطلب قد يتأخر حتى العام المقبل، كما تم إلغاء خطط إعادة تشغيل مصفاتين في كاليفورنيا ونيو مكسيكو، وسط مخاوف من أنه من غير المحتمل أن يصل الطلب على الوقود إلى مستويات ما قبل الوباء هذا العام.
وأشار إلى أن المخاطر الجيوسياسية في السوق ما زالت قائمة وتفاقم من حالة عدم الاستقرار بشكل كبير خاصة مع استمرار التوترات بين واشنطن وبكين وتبادل الاتهامات حول قضايا الأمن القومي والمسؤولية عن انتشار الجائحة إضافة إلى الصعوبات الواسعة التي تواجه الإنتاج الأمريكي في ضوء رفض البنوك بشكل متزايد تمويل هذه الصناعة المضطربة.
وتضيف، جولميرا رزايفا كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان أن "الدورة الاقتصادية الحالية هي الأصعب في تاريخ صناعة النفط، وقد وصفتها "أوبك" بالدورة السابعة غير المسبوقة، كما أن بعض الدراسات الدولية ذكر أنه منذ أن بدأ البشر في استخدام النفط لم نر شيئا كهذا من قبل"، عادّة عمق الأزمة يتمثل في عدم وجود دليل استرشادي لأزمات مشابهة حتى يمكن اتبعاه، كما أن المدى الزمني لاستمرار الأزمة غير معروف.
وأشارت إلى أنه في ظل مثل هذه البيئة من الطبيعي أن يكون الحذر هو السمة المسيطرة على تعاملات كل من البائعين والمشترين والمقرضين والمساهمين، لافتة إلى الجهود الحثيثة التى يبذلها تحالف المنتجين "أوبك+" نحو رفع مستوى الامتثال لتخفيضات الإنتاج وقصر الزيادات الإنتاجية على الاستهلاك المحلي والعمل بشكل دؤوب على تحجيم وتقييد الصادرات النفطية، لتجنب عودة تخمة المعروض في ظل معاناة الطلب الحالية حتى لا تنزلق السوق مرة أخرى إلى مستوى قياسي في الانخفاض لأسعار النفط.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس، وسط بواعث قلق من أن موجة جديدة من إصابات كوفيد - 19 في أنحاء العالم قد تنال من تحسن في الطلب على الوقود، وسط إغلاقات شاملة أشد صرامة، وفي وقت يعمد فيه منتجون كبار إلى زيادة الإمدادات.
وفي الساعة 0655 بتوقيت جرينتش، كانت العقود الآجلة للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط منخفضة أربعة سنتات بما يعادل 0.1 في المائة، إلى 40.97 دولار للبرميل، في حين نزلت عقود خام برنت 11 سنتا أو 0.3 في المائة، لتسجل 44.04 دولار للبرميل.
يأتي التراجع بعد أن صعد غرب تكساس 1.8 في المائة، وبرنت 1.5 في المائة، أمس الأول، بفضل بيانات أفضل من المتوقع للنشاط الصناعي في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، أظهرت خروج المصانع من أسوأ التداعيات المبكرة لجائحة فيروس كورونا.
وقال لاخلان شو، مدير بحوث السلع الأولية في بنك أستراليا الوطني، "على صعيد الطلب، حصلنا على بيانات مشجعة لقطاع التصنيع العالمي، لكن ما زال هناك بعض الأدلة على تعثر تعافي الطلب على النفط في بضع أسواق مع تجدد تنامي كوفيد - 19".
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 44.02 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 43.02 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 43.14 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط