أخبار اقتصادية- عالمية

مدينة ليستر البريطانية .. اتهامات استغلال عمال النسيج تعود إلى الواجهة

مدينة ليستر البريطانية .. اتهامات استغلال عمال النسيج تعود إلى الواجهة

نحو 80 في المائة من النسيج الذي تنتجه ليستر يصنع لمصلحة مجموعة "بوهو". "الفرنسية"


وحده صوت آلة الحياكة يتسلل عبر إحدى النوافذ فيخرق صمت مبنى في مدينة ليستر البريطانية يبدو للوهلة الأولى مهجورا، لكنه في الواقع يحوي مشغلا. وبسبب إعادة فرض الحجر المنزلي في المدينة في ظل ارتفاع عدد الإصابات بكوفيد - 19 مجددا، عادت إلى الواجهة اتهامات بوجود نوع من "العبودية الحديثة" في صناعة النسيج، بحسب "الفرنسية".
وأمام المبنى الكبير الذي يقع في حي يضم عددا من مصانع الملابس، ينكب بعض العمال على تحميل عشرات الصناديق في إحدى الشاحنات.
وفي المنطقة نفسها، توحي مبان أخرى، بعضها متقادم، بوجود عدد آخر من مشاغل تصنيع الألبسة، وتضم المدينة ككل نحو 1500 منها.
ولاحظت منظمة ليبور بيهايند ذي ليبل غير الحكومية في تقرير أصدرته في حزيران (يونيو) الماضي أن "معظم مصانع ليستر هي عبارة عن مشاغل صغيرة، في الأغلب ما تكون موجودة داخل مبان متقادمة، وقلما يستثمر أصحابها في تأمين سلامة هذه المباني أو في توفير التهوية الحديثة".
حتى أن عددا من الموظفين يعملون من منازلهم، على غرار امرأة تخرج من أحد المنازل وهي تحمل أكياسا شفافة مملوءة بأقمشة من ألوان مختلفة، يتولى رجل وضعها في إحدى السيارات.
وأشارت المنظمة إلى أن نسبة تراوح ما بين 75 و80 في المائة من النسيج الذي تنتجه ليستر يصنع لمصلحة مجموعة بوهو البريطانية المتخصصة في "الموضة السريعة" أو "فاست فاشن" الرخيصة.
واضطرت شركات عدة لإقفال أبوابها بسبب جائحة كوفيد - 19 والعطل الصيفية، مع أن ثمة من تحدث عن أن المشاغل كانت مكتظة في بداية تطبيق الحجر، رغم الأخطار الصحية الناجمة عن هذا الاكتظاظ.
وكشفت المسؤولة في المنظمة ميج لويس أن الفحوص التي أجريت لعدد من العاملين في هذه المشاغل خلال ذروة تفشي فيروس كورونا المستجد أظهرت إصابة عدد منهم، ومع ذلك "طلب منهم الاستمرار في العمل بين زملائهم".
غير أن آدم كلارك عضو المجلس البلدي أكد عدم وجود "أي دليل وبائي على كون مصانع (النسيج) عاملا رئيسا" في تفشي الفيروس. ورأى أن العوامل تتمثل في الكثافة السكانية والفقر ونسبة الأقليات التي سجل بين صفوفها العدد الأكبر من الإصابات.
وشكلت هذه العوامل "المزيج السيئ" الذي دفع الحكومة في نهاية حزيران (يونيو) إلى اتخاذ قرار بإعادة العمل بتدابير الحجر في المدينة البالغ عدد سكانها 355 ألفا، وكذلك في ضواحيها، وهي حالة لا مثيل لها في إنجلترا.
وأوردت منظمة ليبور بيهايند ذي ليبل في تقريرها شهادات لعاملين في هذه المشاغل تناقلها عدد من وسائل الإعلام البريطانية، شكوا فيها أن رواتبهم تراوح بين جنيهين وثلاثة جنيهات استرلينية في الساعة، أي أدنى بكثير من الحد الأدنى للأجور البالغ 8.72 جنيه (9.66 يورو).
وسارعت "بوهو" التي ارتدت عليها هذه الفضيحة سلبا إلى إبداء استنكارها الشديد، واعدة بفتح تحقيق في المسألة.
لكن ميج لويس من "ليبور بيهايند ذي ليبل" رأت أن هذا الإجراء غير كاف، ودعت المجموعة إلى إعادة النظر قبل كل شيء في ممارساتها التجارية، علما أن بعض الفساتين مثلا تباع بأقل من خمسة يوروهات على موقعها الإلكتروني.
ولا تزال مسألة الرواتب موضوعا محرما في صفوف الموظفين، إذ بدا أن الخوف يثنيهم عن الخوض فيه.
واكتفت عاملة آسيوية شابة بالإجابة قائلة "لا أتكلم لإنجليزية"، ثم ابتعدت مسرعة. ورد آخر وهو يواصل العمل الذي يقوم به "لا أستطيع التحدث عن الموضوع". وبعد تبادل بضع كلمات بلغة أجنبية مع زميله، أضاف "عشرة جنيهات في الساعة".
لكن علي (تم تغيير الاسم)، وهو سائق معتمد من "أوبر" ومدير سابق لمعمل تصنيع ملابس، قال إن الرواتب في الأغلب تراوح بين ثلاثة وأربعة جنيهات في الساعة، مؤكدا أن هذا الأمر هو سبب انفصاله عن شريكه في المشغل.
وأضاف "لم يعد يوجد راهنا سوى عاملين غير شرعيين" بين الموظفين الـ30 الذين تضمهم شركته السابقة، من الجنسيتين الهندية والبنجلادشية.
ووصفت ميج لويس هذه الفئات بأنها هشة، معتبرة أنها تشكل أهدافا سهلة وفي الأغلب لا يكون وضع أفرادها قانونيا. وفي هذه الظروف، من الصعب أن يحدد بدقة عدد ضحايا هذه "العبودية الحديثة".
وأكد نائب محافظ عن المنطقة في منتصف تموز (يوليو) الماضي أن نحو عشرة آلاف شخص، أي إجمالي العاملين في هذا القطاع، قد يكونون ضحايا هذه "العبودية"، محملا السلطات المحلية في المدينة المسؤولية.
ولم يستسغ آدم كلارك المنتمي إلى حزب العمال هذا التعليق، مشددا على أن الظاهرة لا تعني سوى أقلية.
وبين الأول من أيار (مايو) و20 حزيران (يونيو)، نفذت إدارة الصحة والسلامة 51 عملية تفتيش ضبطت فيها تسع مخالفات، لكنها عدت أن أيا منها ليس "خطرا بما فيه الكفاية" لملاحقة الشركات المعنية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية