أخبار

مكافحة كورونا في باكستان تترنح بمواجهة الوصمة الاجتماعية ونظريات المؤامرة

مكافحة كورونا في باكستان تترنح بمواجهة الوصمة الاجتماعية ونظريات المؤامرة

على مدى عشرين يوما، لازم منصور منزله رافضا الخضوع لأي فحص لفيروس كورونا المستجد رغم معاناته صعوبات تنفسية، ويعود امتناعه إلى خشيته من التعرّض للنبذ الاجتماعي... ففي باكستان، تعقّد الوصمة السلبية في المجتمع ونظريات المؤامرة جهود مكافحة وباء كوفيد-19.
ويروي المدرّس البالغ 32 عاما والذي زالت الأعراض لديه لاحقا"لقد عزلت نفسي داخل إحدى غرف المنزل. كنت أقنع نفسي بأن الوضع أشبه بالتحضير لامتحان".
وبحسب الفرنسية، تخوف منصور في حديثه إلى وكالة فرانس برس من أن مصيره وعائلته، في حال خضع للفحص، سيكون "العزل" في قريته الواقعة في ولاية خيبر بختنخوا المحافظة في شمال غرب باكستان، مضيفا "لا أريد مثل هذه الوصمة".
ويوضح خمسة أطباء ردا على أسئلة وكالة فرانس برس أن عدد رافضي الخضوع لفحوص كورونا كبير في باكستان. وفي وادي سوات، يوضح الطبيب أمجد خان أنه رأى "مئات" المرضى من حاملي الفيروس المحتملين.
غير أن "90 % من الأشخاص الذين تظهر لديهم أعراض لا يخضعون للفحص" خشية نبذهم من المجتمع، إذ "يخاف الناس التواصل مع شخص مصاب بكوفيد-19" الذي يعني بنظر هؤلاء "الموت المحتم"، بحسب هذا المتحدث باسم اتحاد الأطباء الشباب في خيبر بختنخوا.
ويقول نائب عميد كلية الطب في لاهور جاويد أكرم "إضافة إلى معالجة المصابين بالفيروس، علينا أيضا تبديد مخاوف المرضى وإزالة الوصمة التي تطاولهم"، وهي مشكلة تفاقمها "الأمّية" و"التطيّر" لدى السكان.
وتنتشر نظريات المؤامرة بشأن الفيروس على نطاق واسع في باكستان، أحد آخر ثلاثة بلدان في العالم لم تتغلب على شلل الأطفال والسبب بجزء منه يعود إلى شائعات عن احتواء اللقاحات على مشتقات لحم الخنزير.
كذلك تداولت وسائل التواصل الاجتماعي في الأسابيع الماضيةاتهامات للأطباء بـ"قتل" مرضى في المستشفيات بدفع من البلدان الغربية.
وأكد رجل في تسجيل مصور حقق انتشارا كبيرا في البلاد أن شقيقه "كان بصحة جيدة. وقد تعرض لحادثة صدم بسيارة غير أن الأطباء حقنوه بالسم".
كذلك جاء في منشور انتشر عبر "واتساب" أن فيروس كورونا المستجد "وسيلة ابتدعها اليهود لنشر الذعر".
ويقول جراح الأعصاب في إسلام أباد طلحة سعد "بعضهم يتصفحون مواقع اليمين المتطرف الأميركي ويترجمون مضامينها إلى الأردية (اللغة الرئيسية في باكستان)، وهذا كاف" لبث الشائعات. وقد رفض معاون هذا الطبيب في مستشفى حكومي الخضوع لفحص كورونا لأن الفيروس برأيه "غير موجود".
وبسبب نقص الفحوص، تسجل الإصابات بكوفيد-19 ازديادا سريعا في باكستان. وفيما تبلغ الحصيلة الرسمية في البلاد نحو 280 ألف إصابة، يؤكد خبراء استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس أن الرقم الفعلي أعلى بعشر مرات على الأقل.
كما أن الوصمة الاجتماعية ونظريات المؤامرة تقود إلى تقديم أرقام مخففة عن أعداد الوفيات. فبحسب الحصيلة الرسمية، حصد كوفيد-19 أرواح ستة آلاف شخص في المستشفيات الباكستانية، وهو معدل متدن في بلد يعد 220 مليون نسمة وينتشر فيه الفيروس على نطاق واسع.
وفي ولاية خيبر بختنخوا ذات الـ35 مليون نسمة، يشير الأستاذ الجامعي المتخصص في علم الإحصاءات صرير بادشاه إلى أن حصيلة الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 أعلى "بمرتين إلى ثلاث" من الرقم الرسمي المعلن وهو 1200 وفاة.
وفي منطقة سوات الواقعة في ولاية خيبر بختنخوا، يقول الطبيب سجاد خان إنه "متأكد من أن الوفيات لا تقل عن ضعف" الأرقام الرسمية، خصوصا في ظل الوصمة الاجتماعية لمرضى كوفيد-19.
ويعيب كثر على السلطات تعاطيها بلامسؤولية عند انطلاق الأزمة الصحية، خصوصا مع حظرها إقامة مراسم تشييع لطلائع المتوفين بالفيروس ومنع الجنازات التي تشكل عنصرا أساسيا في الثقافة الشعبية الباكستانية.
ومذاك، يفضّل الكثير من العائلات إخفاء إصابة ذويهم خشية ألا يتمكنوا من دفنهم بحال الوفاة.
وفي 11 مايو الفائت، ووري سعيد أكبر ابن السابعة والستين الثرى بعد فترة لا تتعدى ساعة ونصف ساعة من لفظ أنفاسه الأخيرة في سوات، بعد ثلاثة أسابيع من "الأوجاع الرئوية والسعال والحرارة" وثلاثة أيام من الغيبوبة وسط ترجيح إصابته بفيروس كورونا.
ويقول ابنه أبو بكر "كنا نخشى أن تصادر السلطات جثته".
وفي بيشاور كبرى مدن شمال باكستان الغربي، يروي داوود أن العشرات "كانوا يتعانقون" في تشييع عمه. ويقول إنه غضب بعد خمسة أيام لدى تلقيه اتصالا من أحد أبناء عمه المتوفي يبلغه فيه بأنه مصاب بكوفيد-19.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار