Author

حج استثنائي بتدابير وقائية قوية

|
يأتي حج هذا العام في ظل استمرار جائحة كورونا، التي ضربت العالم أجمع. ورغم استمرار الأزمة، إلا أن القيادة السعودية، وبقرار حكيم، اعتمدت موسم الحج هذا العام بشكل مختلف، وبأعداد محدودة، وفق إجراءات نظامية مختلفة، من خلال تدابير احترازية ووقائية، حرصا منها على سلامة الجميع، وحفاظا عليهم من الأمراض، وهو ديدنها كل عام. فالمملكة تسخر الإمكانات والجهود، الآلية والبشرية كلها، إضافة إلى تقديم التسهيلات والخدمات بشتى أنواعها أمام الحاج والزائر والمعتمر في جميع الاتجاهات.
إذن، إنه موسم حج استثنائي، بفعل تفشي وباء كورونا المستجد، الذي أربك العالم، وصنع تحولات لا تتوقع حدوثها أي دولة. وباء تمكنت المملكة منذ بداية تفشيه، من مواجهته بالأدوات المتاحة، والأساليب المتطورة، والإرادة اللازمة كلها، وذلك لتحقيق شيء واحد فقط، وهو حماية أرواح المواطنين والمقيمين على أرض السعودية، في الوقت الذي أطلقت الرياض تحركاتها على الساحة العالمية للقيام بدورها الرائد في مواجهة الجائحة على الأصعدة كافة، وفي مقدمتها الصحية والاقتصادية والمعيشية. موسم الحج لهذا العام، كانت له أيضا معاملة خاصة وحساسة في آن معا من جانب القيادة، التي نظمته وفق مصلحة البشر، مستندة في ذلك إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بضرورة حماية النفس، والعمل الذي لا يتوقف لحماية أرواح الناس عموما، والمسلمين خصوصا، ولا سيما في موسم الحج الذي يجمع نحو مليونين ونصف المليون من ضيوف الرحمن على أرض الوحي.
الترتيبات التي اتخذها السلطات المختصة في المملكة، لم تترك تفصيلا إلا وعالجته، ولا احتمالا إلا وتعاطت معه، ولا مفاجأة إلا وحضرت لها لمواجهتها، بما يضمن في النهاية، موسما روحانيا خالصا، وفق المعايير التي فرضتها الجائحة العالمية. الأولوية تبقى دائما توفير الحماية إلى أقصى مدى لصحة الحجيج، وإتمام الشعائر المباركة بكل يسر ونجاح.
والسعودية التي اكتسبت خبرات لا حدود لها أيضا في مجال تنظيم مواسم الحج، تمكنت في غضون فترة زمنية قصيرة من تنظيم الموسم الحالي تحت الضغوط كلها، التي فرضها وباء كورونا، وفي ظل كل الاحتمالات حتى لموجة جديدة من هذا الوباء القاتل. فالمسؤولية كبيرة، والسعودية قادرة على التعامل مع شتى الظروف، والوصول إلى المخرجات المأمولة دائما.
والمملكة منذ عشرات الأعوام، تبذل جهودا جبارة ومميزة في مواسم الحج كلها، في ظل ارتفاع سنوي لعدد ضيوف الرحمن، ويصل التعداد فيها سنويا إلى ملايين المسلمين القادمين من كل أصقاع الأرض.
وقد بدأت الوزارات المعنية بخدمات الحج منذ وقت مبكر في تنفيذ الخطة الاستراتيجية التنفيذية لموسم حج 1441هـ، بعد صدور قرار المملكة تنظيم الحج بأعداد محدودة جدا.
بالكمامات والتباعد والإرشادات الصحية عالية الجودة، يؤدي حجاج بيت الله الحرام المناسك المقدسة، فكل شيء واضح لكل حاج أتى لأداء الفريضة، ولا سيما الإرشادات المنتشرة في كل مكان.
وأثبتت الإجراءات الاستثنائية، التي اتخذتها السلطات المختصة، فاعليتها، فالأمور تسير وفق ما هو مخطط لها، والحجيج أبدوا جميعا ارتياحهم لها، وأعربوا عن إعجابهم بسلاسة الخطوات الواجب اتباعها. فعلى سبيل المثال، بدأت عملية الطواف حول الكعبة، واكتملت في وقت قياسي بكل سهولة ويسر، وبقية الأمور تمضي قدما في هذا الموسم الاستثنائي، ما يؤكد مجددا نجاعة الإجراءات التي اتخذت بتوجيهات مباشرة من القيادة العليا، التي تشرف عليها على مدار الساعة.
وتم نشر كل الإمكانات الأمنية من أجل حج آمن ومطمئن. إنها أيام حساسة جدا في مختلف الأصعدة، الدينية والروحية والصحية والبيئية، وغير ذلك مما يرتبط بهذه المناسبة السنوية المباركة. وقد استخدمت واستثمرت الوزارات والجهات ذات العلاقة بأعمال الحج، التطبيقات الإلكترونية في خدمة الحجيج، ما ساعد على انسياب الخدمات بطريقة محكمة وميسرة، حيث تتمتع السعودية بشبكة تقنية مميزة مبنية على التطوير الرقمي.
الاستعدادات مكتملة لكل مرحلة من مراحل الحج لهذا الموسم، بما في ذلك طوق أمني ضروري جدا لضبط المخالفين. وهذه الاستعدادات دفعت مسؤولين في عدد من الدول إلى الإعراب عن تقديرهم ما تقدمه بلاد الحرمين الشريفين من جهود مشكورة ومشهودة في مواسم الحج. حيث تواصلت الإشادة من دول ومنظمات العالم، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، التي أيدت مبادرة السعودية في فتح الحج هذا الموسم في ظل الظروف الصحية الحالية. وكل هذه الإشادات نابعة من تجربة السعودية، وما تقدمه من جهود جبارة لخدمة الحجيج منذ أعوام طويلة.
الموسم الحالي أثبت أن المملكة قادرة على التعامل مع كل الظروف، حتى المفاجآت، سواء على صعيد الحج أو أي ميدان آخر. وستمضي الأمور قدما، وبهدوء ويسر وسهولة حتى تنتهي مناسك الحج لهذا العام.
ويمكن القول، إن منظومة النجاح تعد صفة لازمة للمملكة، حيث لا تقدم على مشروع إلا وأوصلته إلى بر النجاح، ولا تهتم بملف إلا وتنفذه بالطريقة المطلوبة، ولا تتولى المسؤولية إلا وهي واثقة بإمكاناتها.
إنشرها