default Author

جين اللغة

|
لنتفكر في تلك النعمة التي قد لا نلقي لها بالا، لكننا نتضايق عندما تغيب عنا لأي سبب مثل: الإصابة بالبرد، فتختفي أصواتنا ونفتقد ذلك السيل من الكلمات التي تخرج من أفواهنا يوميا، لندير بها حياتنا ونتواصل مع الآخرين.
يقول الدكتور سوس، "التحدث" هو إنجاز شاق بما يتطلبه من تمدد الشفاه وتموجات اللسان "إنه من أكثر الأشياء التي نواجهها تحديا"... عملية التحدث أو الكلام عملية شاقة وتحدي يقوم به الدماغ. إذن، هي ليست مجرد كلمات، بل عبارة عن مجموعة من العمليات المعقدة مسؤول عنها أشهر جين أو بروتين اكتشف حتى الآن "فوكس بي 2" في الدماغ، تم تحديد أثره بوساطة عدد من الأبحاث عام 2001 عند دراسة حالة عائلة عانى أفرادها صعوبات في نطق الكلام وفهمه، ليكتشفوا أن هذا البروتين قد يكون له دور في تطور اللغة عند البشر وعند الحيوانات أيضا، فمثلا، العصافير التي لديها مستويات قليلة من جين "فوكس بي 2" لا تستطيع أن تغني مثل البقية، رغم وجود بعض الفروقات البسيطة في تكوين جين اللغة البشري عنه في الحيوانات، الذي منحهم القدرة الكلامية التي ميزتهم عن باقي المخلوقات!
يشكل جين "فوكس بي 2" وبروتيناته شبكة واسعة وممتدة تدفع الخلايا العصبية إلى التواصل مع بعضها لتعلم مهام معقدة تؤديها لاحقا في الحياة، وعندما يكتسب الكائن الحي المعلومات اللازمة التي تساعده على القيام بالمهمة يختفي جزء من هذه الزوائد ويبقى القليل منها لتنظيم الاتصالات.
لقد اكتشف العلماء مدى أهمية هذا الجين وارتباطه بتطور اللغة لدى البشر، لقد وجدوا أن الفتيات الصغيرات لديهن نسبة عالية من بروتين اللغة أكثر من الفتيان بمقدار 30 في المائة، وهذا قد يفسر تعلم النطق المبكر لدى الفتيات أسرع من الأولاد
وتحدث النساء وتعبيرهن عن أنفسهن بالكلام أكثر من الرجال، إذ تبين الدراسات أن النساء يستخدمن نحو 20 ألف كلمة في اليوم، بينما الرجال يستخدمون سبعة آلاف كلمة فقط، فهل هذه النسبة تمنح المرأة مهارات تواصل أفضل من الرجل؟!
لا تزال الإجابة عن هذا السؤال قيد الدراسة، رغم ما أثارته هذه الجملة وغيرها مثل، "المرأة ثرثارة أكثر من الرجل" من خلافات وتمييز بين الرجال والنساء!
المبشر أن جين اللغة قد يكون له دور بارز في إيجاد علاجات حاسمة لاضطرابات النطق الوراثية، بمعرفة ما إن كان يؤثر فقط في الخلايا العصبية الخاصة بعملية تعلم اللغة أو في الخلايا العصبية التي تتحكم في عضلات النطق.
إنشرها