Author

لنذهب إلى التنمية الريفية

|

 
أولت السعودية ضمن خططها الاقتصادية أهمية كبرى للتنمية الزراعية المستدامة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وشهد القطاع الزراعي في المملكة تطورا في العقود الثلاثة الماضية، فقد أسهم القطاع الزراعي في توفير جزء كبير من الاحتياجات الغذائية للسكان، وتنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل، بجانب توفير فرص العمل. وللزراعة دور محوري في التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي والأمني.

وقبل عام دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة، ويعد هذا البرنامج ثمرة من ثمرات رؤية المملكة 2030، وأحد أهم البرامج التي تدعم التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة وذلك حسب الميزة النسبية الزراعية لها وأيضا يحقق تنمية متوازنة بين الموارد الاقتصادية نفسها، وهذا أمر مفصلي في التنمية الزراعية.

فمن المعلوم أن إحدى مشكلات التنمية الزراعية في المملكة هي توفر المياه أو التوازن بين المياه الجوفية والإنتاج الزراعي، وهي المشكلة التي سبق وأرقت صناع القرار بشأنها فإن تم إطلاق الزراعة دون قيد أو شرط تم استنزاف المياه الجوفية دون برنامج استهلاك إيجابي، وإذا تم تقييد الزراعة من أجل الحفاظ على هذه المياه حدث تراجع في الأمن الغذائي.

ولهذا فإن التوازن بين الأمرين هو أحد أهم أهداف رؤية المملكة 2030 وبرنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة، حيث تسعى إلى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة من خلال الاستغلال الأمثل والمستدام للموارد الطبيعية والزراعية والمائية المتجددة، وذلك على مراحل عدة، تبدأ المرحلة الأولى من اليوم حتى عام 2025، مع العلم أن البرنامج تم اعتماد أكثر من 11 مليار ريال له. وبالأمس القريب صدرت موافقة مجلس الوزراء على قيام المؤسسة العامة للحبوب بشراء القمح من المزارعين في حال اختيارهم زراعة القمح بديلا للأعلاف الخضراء لمدة خمسة أعوام بما لا يتجاوز 1.5 مليون طن لكل عام بدلا من 700 ألف طن، وهنا تظهر مفاهيم البرنامج الجديدة، وإحداث توازن بين الأمنين المائي والغذائي، ووفقا لتصريح وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للحبوب فإن هذا القرار سيسهم في توفير كميات إضافية من المياه الجوفية غير المتجددة بإحلال مساحات الأعلاف المزروعة بزراعة القمح الذي يستهلك 25‎‎ في المائة فقط من المياه مقارنة باستهلاك الأعلاف إلى جانب الإسهام في تعزيز الأمن الغذائي والإسهام في تقليل المخاطر الناجمة عن توقف الإمدادات من الخارج نتيجة أي ظرف، وتأتي الترتيبات التنظيمية لهذا البرنامج لتضمن حوكمة البرنامج لتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية الكبرى.

وقد تحركت الدولة في عدة اتجاهات حيث الزراعة بجانب كونها تعد نشاطا اقتصاديا مهما، فهي كذلك أسلوب حياة ويعتمد عليها جزء كبير من السكان كمصدر لكسب الرزق والمعيشة كزراع وتجار وعمال وصيادين ورعاة ومصنعين ما يساعدهم على تلبية متطلباتهم المعيشية وتحقيق الاستقرار الأسري والاجتماعي الريفي ومحاربة آفة الفقر والبطالة.

وقد أثبتت التجارب في عديد من الدول أن الاهتمام بالتنمية الزراعية الريفية يؤدي إلى تفادي مشكلات الهجرة للمناطق الحضرية بجانب مشكلات اجتماعية وأمنية واقتصادية متعددة.

وهناك ترابط وثيق بين التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، وعليه فإن التنمية الزراعية الهادفة إلى زيادة الدخول في المناطق الريفية عن طريق زيادة الإنتاج الزراعي والقيمة المضافة، من خلال تطوير التسويق والتصنيع الزراعي وتوفير فرص العمل تعد من ضرورات التنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر وتوفير الغذاء وتحقيق أهداف الأمن الاجتماعي في المملكة.

والجدير بالذكر أن برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة في المملكة 2018 – 2025، تم تطويره بالتعاون مع منظمة الأغذية والتجارة للأمم المتحدة "فاو"، وأقره مجلس الوزراء ويستهدف أيضا ثمانية قطاعات لدعم مفهوم التنمية المتوازنة بين المناطق، وأيضا تنمية متوازنة بين القطاع الزراعي وبين التصنيع والتسويق الزراعي، وهي قطاعات لا تزال بحاجة إلى مزيد من الاهتمام خاصة أن هناك مزايا نسبية لعدد من المناطق.

فمثلا هناك مناطق واعدة في إنتاج وتصنيع وتسويق البن العربي، وتربية النحل وإنتاج العسل، وتطوير زراعة الورد والنباتات العطرية، وإنتاج وتصنيع وتسويق الفاكهة، وتعزيز قدرات صغار الصيادين ومستزرعي الأسماك، وتطوير قطاع صغار مربي الماشية، وزراعة المحاصيل البعلية، إضافة إلى تعزيز القيمة المضافة من الحيازات الصغيرة والأنشطة الزراعية.

إنشرها