Author

الشمس والغاز .. والتحرر من النفط «4»

|
مختص في شؤون الطاقة
عودا على بدء، نكمل ما بدأناه للإجابة عن السؤال محور هذه السلسلة من المقالات: "هل التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة والغاز في السعودية سيؤثر سلبا في صناعة النفط؟ وتنطلق إجابته من ثلاثة محاور وهي، أولا: فوائد إحلال الغاز والطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، ثانيا: طبيعة العلاقة بين صناعتي الطاقة المتجددة والنفط، ثالثا: استشراف كمية الطلب المتوقعة على النفط والكهرباء عالميا.
توقفت في المقال السابق عند المحور الثالث وهو استشراف كمية الطلب المتوقعة على النفط عالميا، وذكرت فيما يتعلق باستشراف الطلب على النفط في المستقبل المتوسط الذي يمتد من خمسة أعوام إلى 20 عاما، فهناك من يرى أنه من عام 2025 سينخفض نمو الطلب على النفط بصورة كبيرة حتى يصل إلى 100 ألف برميل سنويا عام 2030، ويعتقد بعض الجهات أن الطلب على النفط سيصل ذروته في هذا العام بسبب السيارات الكهربائية والتوجه الدولي لمصادر الطاقة المتجددة، فهل هذا التوقع دقيق ومنطقي؟ وهل فكرة انتهاء عصر النفط التي يتبناها كثير من الجهات والكتاب مبنية على أسس علمية وقراءة استشرافية محايدة وغير مسيسة؟ سأخصص سلسلة من المقالات للإجابة عن الأسئلة السابقة - بإذن الله تعالى -، كي لا أخرج عن صلب موضوع هذه السلسلة من المقالات. ما يخص المستقبل البعيد وغير المنظور لكمية الطلب على النفط أجد أن من الضروري استشراف كمية الطاقة المتوقع استهلاكها على المدى البعيد. بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فمن المتوقع أن يرتفع استهلاك الطاقة نحو 50 في المائة عام 2050 ليصل إلى 900 كوادريليون "مليون مليار" وحدة حرارية، مقارنة بكمية الاستهلاك عام 2020 التي تبلغ 620 كوادريليون وحدة حرارية، وجل هذا النمو يأتي من الدول الآسيوية. السؤال الذي يطرح نفسه، هل مصادر الطاقة المتجددة والبديلة قادرة على تلبية هذا النمو عام 2050؟ استنادا إلى بعض الدراسات فإن الغاز والطاقة المتجددة سيصبحان مصدرين رئيسين للطاقة عام 2040 وسيتجاوزان الفحم، حيث إن "بريتيش بتروليوم" ترى أن النفط سيبقى متربعا على عرش صدارة مصادر الطاقة العالمية عام 2040 بنسبة 27 في المائة، ويأتي بعده الغاز الطبيعي بنسبة 25 في المائة. اللافت أن الطاقة المتجددة ستحتل المرتبة الثالثة مصدرا للطاقة عام 2040 بنسبة قد تصل إلى 23 في المائة، ومن ثم الفحم الطبيعي بما يقارب 20 في المائة، وأخيرا الطاقة النووية بنسبة 5 في المائة. هذه الدراسة خالفت جل الدراسات الاستشرافية السابقة، التي كانت تتوقع أن الطاقة المتجددة لن تشكل إلا 8 في المائة تقريبا من مصادر الطاقة المختلفة في العالم عام 2040. مما سبق يمكن القول إجابة عن السؤال محور هذه السلسلة من المقالات: إن النفط سيبقى لمدة طويلة المصدر الأهم للطاقة، وأود التأكيد أن النفط ليس حكرا على الطاقة، فله استخدامات وتطبيقات كثيرة خصصت لها أكثر من مقال سابق. التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة محليا وعالميا - في رأيي - لن يضر بصناعة النفط، بل سيسهم في رفع كفاءة استهلاكه واستخدامه بحكمة، وإطالة عمره مصدرا للطاقة ناضبا.
إنشرها