Author

لجنة السياسات السكانية ورؤية 2030

|
أحسن مجلس الوزراء الموقر صنعا بإلغاء اللجنة الوطنية للسكان وتعديل اسم لجنة "التعداد السكاني" الذي لا يعكس مجال عملها ولا الدور المتوقع منها إلى "لجنة السياسات السكانية". وهذا التغيير يعكس التوجه الحاسم للدولة بإلغاء أو تطوير أي هيئة أو مؤسسة أو لجنة لا تؤدي دورها المحدد لها في خدمة التنمية والمجتمع السعودي.
وبناء على ما نشر في وسائل الإعلام، فإن اللجنة الجديدة ستقوم بمهام اللجنة الوطنية للسكان، وستعنى بدراسة الوضع السكاني في المملكة، ومكونات النمو السكاني واتجاهاته، والتوزيع الجغرافي للسكان، علاوة على تنسيق الجهود بين الوزارات والأجهزة ذات العلاقة بقضايا السكان، ومتابعة سير العمل في تنفيذ السياسات السكانية والبرامج المنبثقة عنها والجهات الحكومية والأهلية المختصة بتنفيذها، إضافة إلى تنمية القدرات الوطنية في مجال البحوث والدراسات السكانية، وكذلك مراجعة لوائح وأنظمة القطاعين العام والخاص بشأن إجازات الوضع والأمومة. كما ستختص اللجنة باقتراح السياسة السكانية، ومتابعة التوصيات الخاصة بالقضايا السكانية الصادرة عن المؤتمرات الإقليمية والدولية.
وتكمن أهمية هذه اللجنة في طبيعة العلاقة المتبادلة بين النمو السكاني من جهة، والتنمية والبيئة من جهة أخرى، إذ يؤثر النمو السكاني والتركيبة السكانية في التنمية المستدامة عموما والنمو الاقتصادي والبناء الاجتماعي والبيئة خصوصا، ويتأثر بالتنمية والتغيرات الاجتماعية التي يشهدها المجتمع. وتنعكس هذه الأهمية في المؤتمرات الدولية والإقليمية للسكان منذ المؤتمر الأول في بخارست في 1974 مرورا بالمؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة في 1994 ثم المؤتمر الدولي الأخير في 2014، وما تضمنته أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة SDGs وغيرها. وعلى الرغم من هذه الأهمية الكبيرة على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية، فإن الأنشطة والدراسات السكنية في المملكة لا تزال محدودة.
وقد أولت "رؤية المملكة 2030" اهتماما كبيرا بتحسين جودة الحياة في المجتمع السعودي الأمر الذي يتضمن البعد السكاني، إلى جانب الأهداف ذات الطبيعة السكانية، ومنها: (1) رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 في المائة إلى 30 في المائة في 2030. (2) تخفيض البطالة من 12 في المائة إلى 7 في المائة. (3) رفع نسبة تملك المساكن بنسبة 5 في المائة عما هي عليه الآن في 2020. (4) زيادة العمر المتوقع عند الميلاد من 74 إلى 80 عاما. (5) تصنيف ثلاث مدن بين أفضل 100 مدينة في العالم.
واستبشر كثير من المتخصصين والمهتمين بالدراسات السكانية باللجنة الجديدة، خاصة أن الحاجة إليها ماسة لإنجاز كثير من المهام المرتبطة ببعض الأهداف الاستراتيجية، ومنها: (1) تنسيق الجهود للتعامل مع القضايا السكانية ذات الأولوية الوطنية، وإدماج البعد السكاني في التخطيط التنموي. (2) تذليل العقبات لإقرار السياسة السكانية المتعثرة منذ أكثر من عقد من الزمن. (3) دعم مراكز البحوث المتخصصة في الدراسات السكانية، خاصة أن بعض الجامعات، ومنها جامعة الملك سعود قد استشعرت أهمية الشأن السكاني، وبادرت بتأسيس مراكز متخصصة. (4) التنسيق لإقرار نظام للبيانات السكانية يصنف البيانات من حيث حساسيتها وأهميتها، ويجعل المناسب منها في متناول الباحثين والجهات الحكومية والخاصة، خاصة أن البيانات السكانية أساسية في التخطيط والدراسات العلمية وكذلك دراسات الجدوى لإنشاء المشاريع الاستثمارية. (5) التنسيق مع الجهات المسؤولة لتحسين جودة البيانات السكانية، وإنهاء معاناة الباحثين في الحصول على البيانات السكانية، التي تنفق الدولة على جمعها مئات الملايين من الريالات. (6) تنسيق الجهود لتطبيق أنظمة السجل السكاني المعمول به في بعض الدول. (7) تنسيق الجهود بين الجهات الحكومية والجامعات لإنشاء قاعدة بيانات وطنية للمعلومات السكانية. (8) تنظيم مؤتمر للسكان والتنمية في المملكة العربية السعودية لتشجيع الباحثين على تناول الموضوعات السكانية ذات الأهمية الوطنية، خاصة مع التغيرات السكانية الحالية والمستقبلية التي تستدعي الدراسات الجادة والتخطيط المسبق. في الختام، أدعو الله أن يوفق الجهود بما يخدم الوطن.
إنشرها