Author

الهيئات والأجانب والطريق إلى التوظيف

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

لا تزال هناك فجوة واسعة بين السعوديين والأجانب في الوظائف، حيث يشكل المواطنون العاملون في القطاع الخاص 16 في المائة من إجمالي القوى العاملة في البلاد، في حين أن عدد الأجانب في القطاع الخاص، بمن في ذلك عمالة المنازل 84 في المائة من القوى العاملة في القطاع الخاص والعائلي، وهذا يؤدي إلى تسرب نقدي كبير من الاقتصاد، ثم إن أي حقن نقد حكومي عبر الإنفاق العام سيذهب جزء لا يستهان به إلى الخارج في صورة حوالات نقدية للأجانب، من خلال رواتب وتستر تجاري واتجار غير مشروع.
نحن بحاجة إلى نهج وسياسات غير تقليدية لإدارة الوظائف التي ينتجها الاقتصاد الوطني، والموضوعان الرئيسان في هذا المجال هما، "1" أسلوب إصدار التأشيرات، و"2" إدارة وظائف كل قطاع بشكل مستقل. وإذا تم تطبيق هذه السياسات بشكل صحيح، يمكنها أن تحدث تغييرا جوهريا في قواعد توظيف المواطنين وتقليص هدر الوظائف باتجاه الخارج.
أولا: نقل صلاحية إصدار تأشيرات العمل إلى وزارة الاقتصاد، مع بقاء دور وزارة الموارد البشرية لإدارة عقود وحقوق العاملين وتنظيم سياسات العمل القانونية والتنظيمية، لأن وزارة الاقتصاد يمكنها - نظريا - تحديد الوظائف الأكثر استقرارا، وكذلك يمكنها تحديد ورسم مسارات الاستثمار الكلية وسياسات الدعم التي تزيد من النمو الاقتصادي في مصلحة الاقتصاد، وتوظيف المواطنين، إضافة إلى قدرتها على توقع معدلات التوظيف اقتصاديا.
ثانيا: يسند إلى الهيئات الحكومية المنظمة، سياسة السعودة والتوطين للقطاع، وتحديد نسب السعودة بعيدا عن وزارة الموارد البشرية، كما يفرض على الهيئات نسب سنوية من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ولعل تجربة مؤسسة النقد في سعودة البنوك خير شاهد، بسبب سيطرة المؤسسة على قطاعها منذ زمن طويل. لذا، فإن إسناد نسبة السعودة إلى الهيئات، يعالج فجوة التوظيف على أسس اقتصادية بدلا من الأسس التنظيمية، كما هو معمول به حاليا - على سبيل المثال - من توطين قطاع الاتصالات، الذي يتعين أن يسند 100 في المائة إلى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وتسند سعودة السوبر ماركت والمطاعم والمحال الصغيرة في الشوارع إلى هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، أما القطاعات التي لا توجد لها هيئات، فيتعين النظر إليها بأنها غير ناضجة وتحتاج إلى هيكلة عبر النظر إلى مدى تأسيس هيئة للقطاع، أو تقوم الوزارة المشرفة بهذا الدور حتى يتم تأسيس هيئة تدير وتنظم القطاع.
ثالثا: يتعين سد فجوة التحولات الاقتصادية الناتجة من التخصيص ونقل الأصول الحكومية إلى المستثمرين، التي قد تمرر مزيدا من الأجانب إلى الاقتصاد عبر سياسات حكومية أكثر تسامحا مع المستثمرين كنوع من التحفيز. مع الأسف، تلك السياسات ستؤدي إلى تكريس البطالة وزيادة معدلات التعطل الوظيفي، والحل يأتي بضمان الوظائف للسعوديين في جميع برامج التخصيص، وبـ95 في المائة، عن طريق عقود التحول الاقتصادي بين الحكومة والقطاع الخاص.
إنشرها