Author

الأزمة وحماية رساميل الشركات

|
لم تكن ديون الشركات حول العالم منخفضة قبل تفشي وباء كورونا المستجد، والأزمة الاقتصادية التي خلفها، ولا سيما مع اضطرار الحكومات إلى إغلاق اقتصاداتها الوطنية، كخطوة أولى لمواجهة هذا الوباء الشرس. إن ديون الشركات كانت مرتفعة، وتشهد زيادات فصلية قبل كورونا، إلى درجة أن بلغ ارتفاعها في العام الماضي 8 في المائة. وكانت الأسواق تحذر في كل المناسبات من الارتفاع في حجم هذه الديون، وذلك خوفا من أن تسهم في أزمة مالية، توقع البعض في العام الماضي أن تصل إلى مستوى أقرب للأزمة المالية التي انفجرت في عام 2008. وفي الأزمات الكبرى - خصوصا تلك الموجودة في الوقت الراهن - ترتفع ديون الشركات، في ظل عمليات إنقاذ قامت بها ولا تزال الحكومات، وهي عمليات تكلف أموالا هائلة الحجم. فتدخلات الإنقاذ هذه وصلت في بعض الأحيان إلى مستوى "التأميم" حتى في الدول التي تعتمد اقتصاد السوق.
بعد الأزمة الاقتصادية الناجمة عن كورونا، بلغ حجم ديون الشركات في العالم 9.3 تريليون دولار، بارتفاع 12 في المائة، علما بأن العام المالي لم ينته بعد، الأمر الذي دفع كثيرا من المراقبين إلى الاعتقاد أن هذه الديون ستشهد ارتفاعا أكبر بنهاية العام الجاري.
وتأتي ديون الشركات، في وقت تسعى فيه كلها "دون استثناء" إلى تعزيز أوضاعها المالية في مواجهة كورونا وآثاره الخطيرة.
ووفق آخر دراسة بهذا الخصوص، فإن هذا النوع من الديون سيرتفع تريليون دولار بنهاية عام 2020، والمثير في الأمر أن الارتفاع المشار إليه يخص 900 شركة مؤسسة فقط! أي أن هناك شركات أخرى ليست مشمولة في الدراسة المشار إليها. أعباء الديون على الشركات كانت قوية، وصارت أقوى في الوقت الراهن، ما يؤثر سلبا في أدائها في بعض الأحيان، كما يهدد من وقت إلى آخر أوضاعها في الأسواق.
والذي يرفع من المخاطر، أن أغلبية الدول تشهد هي الأخرى ارتفاع مستويات الديون السيادية لديها، وبعض هذه الديون مرتبط بصورة مباشرة بعمليات إنقاذ الشركات، التي ارتأت الحكومات ضرورة إنقاذها لأسباب اقتصادية أو حتى رمزية، ولا سيما أن هناك مؤسسات تمثل قيمة معنوية لدولها، وإن كانت تعاني التراجع، أو ارتفاع ديونها، أو حتى الخسائر المالية.
وعلى هذا الأساس، فإن هناك مهام صعبة أمام القائمين على الشركات المدينة في مسألة حماية السيولة، في ظل استنزاف الفيروس للأرباح.
ويؤكد رؤساء ومديرو شركات معروفة وتصنف ضمن المؤسسات الكبرى والمتعددة الجنسيات، أن الأمر أصبح بعد الوباء يتعلق بالحفاظ على رأس المال، وبناء ميزانية عمومية حصينة.
لكن المهمة ليست سهلة في هذا المجال، في وقت لا تزال الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية عموما تحكم المسار الاقتصادي هنا وهناك.
ويبدو واضحا في الآونة الأخيرة، أن نسبة كبيرة من الشركات التي كانت تحتاج إلى تمويل مالي أو خطة إنقاذ واضحة، لم تستطع الوصول إلى أدوات الدين، لأن الجهات المقرضة اتخذت قرارا، بأنها لن توفر القروض أو الدعم المالي المشروط إلا للشركات الموثوقة في السوق.
لكن مع ارتفاع حدة الضغوط على الشركات من كل الأحجام، تراجعت الجهات المقرضة عن قرارها، وطرحت برامج طارئة لشراء سندات من البنوك المركزية، خصوصا بنوك الدول الكبرى.
إن ديون الشركات ستكون محورا جديدا للقلق الاقتصادي، إلى أن تتضح نهايات الأزمة الاقتصادية الراهنة الناجمة عن وباء لم يتوقع حدوثه أحد. وكما بقية الأنواع من الديون، فهناك ديون شركات ثقيلة وأخرى خفيفة.
إنشرها