Author

إنجاز رقمي برؤية 2030

|

منذ انطلقت رؤية المملكة 2030 ونحن باستمرار على موعد مع إعلان تقدم المملكة في مؤشر ما، وأخيرا صدر تقرير الأمم المتحدة عن مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية في الدول الأعضاء، وتنبع أهمية هذا المؤشر عن غيره من كونه صادرا عن منظمة الأمم المتحدة، كما أنه غير مصمم لتقديم مقياس مطلق لمدى تطور الحكومة الإلكترونية أو حتى بالمعنى المطلق للكلمة، ولكنه يهدف إلى تقييم أداء الحكومات من خلال مقارنة بعضها بعضا.
إن أي تقدم لأي دولة في المؤشر جاء فعليا مقارنة بما عليه العالم من حولها، وهذا المقياس بهذه الطريقة النسبية يمثل تحديا مطلقا لدول العالم، فالتقدم في هذه التقنية هو عمل مستمر والتطورات متسارعة ومتلاحقة، كما أن التسارع يصل إلى مستوى تقادم التقنية، ولهذا فإن تحقيق المملكة قفزة نوعية في مؤشر الأمم المتحدة "لتطور الحكومة الإلكترونية "، يعني كثيرا فعليا.
وفعليا فإن المملكة على هذا النحو متقدمة بشكل تنافسي على العالم في هذا الجانب وتقدمت المملكة بتسعة مراكز على مستوى العالم، وبعضنا قد لا يدرك حجم هذا الإنجاز ما لم يدرك بنية هذا المؤشر الذي بدأت به الأمم المتحدة في عام 2001 ويتم نشر أعماله كل عامين بدءا من عام 2008 وهو يحتوي على ثلاثة مؤشرات فرعية الأول هو مؤشر الخدمات الإلكترونية، وهو يقيس كيفية مرور الخدمات الإلكترونية من خلال مقاييس أربعة وهي خدمات المعلومات الأساسية، خدمات المعلومات المتقدمة، خدمات المعاملات، الخدمات التفاعلية. والمؤشر الثاني للبنية التحتية للاتصالات، ويقيس بنية خمسة عناصر وهي عدد المشتركين في خدمات الهاتف الجوال، وعدد المشتركين في الهاتف الثابت، وعدد مستخدمي الإنترنت، وعدد المشتركين في خدمات النطاق العريض الثابتة، عدد المشتركين في خدمات النطاق العريض اللاسلكية، ويأتي المؤشر الثالث لقياس كفاءة رأس المال البشري. ويقاس تقدم الدول في أربعة عناصر وهي محو أمية الكبار، معدل الالتحاق بالتعليم، أعوام التعليم المتوقعة، متوسط أعوام التعليم.
فهذا المؤشر مركب بشكل يجعل التقدم فيه كبيرا، وكما أشرنا فإن التقدم يقاس من خلال تقدم الآخرين، وليس مقارنة برقم أو مقياس ثابت، بل مقارنة بما حققته الدول الأخرى من تقدم، ولهذا فإن تراجع أي دولة في المؤشر لا يعني بالضرورة تأخرها في الحكومة الإلكترونية بل يعني أن الآخرين قد سبقوها في هذا التقدم، وأي تقدم يعني أن الدولة قد سبقت الآخرين في التقدم، ولهذا نعود ونؤكد أن إنجاز المملكة بتقدمها بأكثر من تسعة مراكز يعني أن عملا جبارا قد تم دون شك، وأن هذا التقدم في محاور بحجم هذا المؤشر التي تشمل حتى مسائل التعليم، يعني أن هناك عملا مؤسسيا كبيرا قاد الجميع نحو هذا التقدم ولا يمكن أن يكون هناك عمل في المملكة قاد الجميع بكل هذه الكفاءة إلا من خلال رؤية المملكة 2030، التي يشرف على تنفيذها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خاصة إذا علمنا أن المملكة حققت قفزة هائلة في هذا المؤشر في موضوع البنية التحتية بواقع 40 مركزا لتحل في المرتبة الـ27 على مستوى العالم، وفي المرتبة الثامنة على مستوى دول مجموعة العشرين، أما في المؤشر الفرعي "رأس المال البشري" فقد تقدمت المملكة 15 مركزا إلى المرتبة الـ35 عالميا، والعاشرة ضمن دول مجموعة العشرين.
إن هذا الإنجاز يؤكد نجاح المسيرة نحو تحقيق رؤية المملكة 2030، نحو بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر وحكومة فاعلة، وهذا التلاحم بين هذه المحاور يأتي واضحا في تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، فالمؤشر يقيس مدى التقدم في التعليم المرتبط بالتقنية وهذا يحقق لنا مفهوم المجتمع الحيوي كما أن المؤشر يقيس مدى تطور البيئة الرقمية الجاذبة في القطاع الحكومي ما يحقق مبدأ تسهيل التعاملات كما يحقق عناصر مهمة مثل رفع كفاءة الإنجاز والدقة والسرعة إضافة إلى مكافحة الفساد وهذا يحقق مفهوم الحكومة الفاعلة، واقتصاديا فإن تطوير رأس المال البشري في هذه التقنية هو استثمار اقتصادي له عوائد كبيرة على المجتمع من خلال الوظائف المتعددة المتاحة ونوعيتها وهذا في مجمله لم يكن ليتحقق لولا الدعم اللامحدود من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، ولا تزال القيادة السعودية في كل مناسبة تؤكد تنمية الموارد البشرية وهو ما تأتي نتائجه تباعا مع المؤشرات العالمية التنافسية مثل هذا المؤشر فقد استثمرت المملكة وبتوجيهات من القيادة أكثر من 15 مليار دولار في البنية الرقمية على مدار الأعوام الماضية وهذا ما مكنها من أن تحتل المرتبة الرابعة عالميا في نشر شبكات الجيل الخامس بأكثر من سبعة آلاف برج، وإيصال شبكة الألياف البصرية إلى أكثر من 3.5 مليون منزل، فضلا عن إيصال خدمات الاتصالات الأساسية إلى المناطق النائية.
إن التقدم الذي حققته وتحققه المملكة دليل على حرص القيادة الحكيمة لهذه البلاد على تمكين جميع مقومات النمو الاقتصادي والاجتماعي ولتستمر مسيرة الفخر وطموحات النماء إلى هذه اللحظة التي تشهد فيها المملكة تحولات غير مسبوقة، جعلت منها نموذجا للأوطان في بناء حاضر مترابط ومستقبل مبتكر، ولتمضي بخطوات واثقة لتكون موطنا للمعرفة والابتكار واستشراف المستقبل لضمان حياة آمنة ومستقرة ننعم فيها بكل معاني الازدهار والرفاهية.
وإن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات واكب التحولات والتطورات النوعية في ظل تمتع المملكة بمكانة ودور دولي بارزين، ولتحقق مع ذلك عديدا من المنجزات على مستوى التحول الرقمي لدعم تحقيق "رؤية 2030"، ولتكون السعودية نموذجا مثاليا للمجتمع الرقمي والحكومة الإلكترونية، ومرتكزا مهما لتحفيز نمو الاقتصاد الرقمي عالميا.

إنشرها