الطاقة- النفط

محللون: عوامل متضادة التأثير تهيمن على السوق النفطية .. كورونا يعزز التقلبات السعرية

محللون: عوامل متضادة التأثير تهيمن على السوق النفطية .. كورونا يعزز التقلبات السعرية

المنتجون يشعرون بالمسؤولية المشتركة في تصحيح مسار السوق والمساهمة المؤثرة في خطة التعافي.

توقع مختصون ومحللون نفطيون استمرار تقلب أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد أن اختتم على مكاسب نسبية بنحو 2 في المائة الأسبوع الماضي بتأثير من تقرير لوكالة الطاقة الدولية حول توقع نمو جيد للطلب على النفط الخام خلال النصف الثاني من العام، إضافة إلى التزام "أوبك +" بتقليص المعروض النفطي العالمي للشهر الثالث على التوالي بنحو 9.7 مليون برميل يوميا، وتهاوي أنشطة الحفر الأمريكية إلى مستويات قياسية.
ويكبح التزايد الواسع في أعداد الإصابات الجديدة بجائحة كورونا، خاصة في الولايات المتحدة المكاسب السعرية، إضافة إلى انعكاساته على ضعف الطلب العالمي واستمرار تخمة المعروض وتضخم المخزونات النفطية وزيادة حالة عدم اليقين المحيطة بالاقتصاد العالمي.
ويقول لـ«الاقتصادية»، مختصون ومحللون نفطيون إن "أوبك +" تبذل جهودا حثيثة لضمان أعلى مستوى من الامتثال لتخفيض الإنتاج والقضاء على أي تلاعب في البيانات قد يلجأ إليه بعض صغار المنتجين، لافتين إلى أن عودة تصاعد الإصابات بالجائحة فرضت ضغوطا أوسع على التحالف لتحقيق المستوى المستهدف من تخفيضات إنتاج النفط الموعودة.
وأوضح المختصون أن السوق تتفاعل إيجابيا مع إصرار قادة "أوبك +" السعودية وروسيا على الوصول إلى مستوى الامتثال الكامل لتخفيضات الإنتاج لاستعادة التوازن في السوق والتغلب على الطلب المترنح تحت تأثير اشتعال الإصابات مجددا بالجائحة.
وذكر المختصون أنه ما يزيد من تعقيد ديناميكيات السوق أن الناقلات التي كانت تخزن كثيرا من النفط العائم لجأت بعد تزايد الطلب عقب تخفيف قيود الإغلاق إلى تفريغ الشحنات، خاصة في مواقع رئيسة خارج آسيا، ما أدى إلى انخفاض المخزونات العائمة بمقدار النصف إلى نحو 35 مليون برميل بعد أن بلغت ذروتها في أيار (مايو) الماضي.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش إي" للطاقة، إن اتصالات مكثفة تجري بين المنتجين قبل اجتماع لجنة مراقبة الإنتاج الوزارية، لتقييم تطورات السوق، لافتا إلى أن المجموعة نجحت إلى حد كبير في حث العراق، نيجيريا، كازاخستان، وأنجولا على تصحيح المسار وتعويض أي تقاعس سابق في خطة تقييد المعروض.
وأضاف أن الجزائر التي تتولى الرئاسة الدورية لمنظمة أوبك تتابع التزام المنتجين بالتنسيق مع كبار المنتجين في "أوبك" وخارجها وعلى رأسهم السعودية وروسيا، مشيرا إلى أن وزير الطاقة الجزائري المعين حديثا عبدالمجيد عطار، تعهد ببذل "أفضل الجهود" لتجاوز الأزمة الراهنة، لافتا إلى أن المنتجين المتعثرين تجاوبوا مع جهود "أوبك" التي تحثهم على تحسين الأداء وهو ما قلل المخاوف من تفاقم تخمة المعروض مجددا في الأسواق.
من جانبه، يقول ألكسندر بوجل المستشار في شركة "جي. بي. سيز إنرجي" الدولية، إن معنويات السوق تتحسن تدريجيا على الرغم من ضغوط عودة سرعة الإصابات بجائحة كورونا، لافتا إلى أن جميع المنتجين يشعرون بالمسؤولية المشتركة عن تصحيح مسار السوق وتحمل مساهمة مؤثرة في خطة تعافي الصناعة، مدللا على ذلك بأن الدول المتأخرة نفذت حصة أكبر من التخفيضات في حزيران (يونيو) مقارنة بأيار (مايو) وهو ما ينبئ بأن مسألة الامتثال لخفض الإنتاج ستكون أقل خلافا خلال اجتماع "أوبك +" المقرر عقده غدا.
وأشار إلى أن فرص تعافي الأسعار محدودة وأن التقلبات السعرية ستظل مهيمنة على السوق نتيجة تأثير عدد من العوامل القوية متضادة التأثير، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار النفط الأخير وصل إلى سقف معين بسبب ضغوط تضخم المخزونات واستقرارها بالقرب من ارتفاع قياسي ولا يزال الطلب على البنزين عند أضعف مستوى موسمي منذ أكثر من 20 عاما.
ويضيف دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية، أن التقلبات السعرية ستظل مسيطرة على السوق في الأسبوع الجاري على الرغم من أن الطلب على الوقود، خاصة البنزين، يتحسن تدريجيا، لكن بوتيرة بطيئة نسبيا وتحديدا في الساحل الشرقي الأمريكي، لافتا إلى أن الاستهلاك الموسمي يظل عند أدنى مستوى له منذ عقدين، معتبرا أن الصعوبات التي يتحرك الطلب من خلالها تجعل من الصعب أن تتجاوز الأسعار مستوى 40 دولارا للبرميل.
وأشار إلى أن حالة عدم اليقين الاقتصادي الناتج عن الوباء تجعل فرصة انتعاش سوق النفط محدودة ويظل يتحرك في نمط ثابت، مؤكدا أن عمق الأزمة الناجمة عن ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس في الولايات التي تستهلك كميات كبيرة من البنزين بما في ذلك تكساس وفلوريدا، ما يدفع حكومات الولايات إلى إعادة فرض قيود السفر التي يمكن أن تضعف الاستهلاك أكثر مشيرا إلى استمرار تقلبات سوق النفط وانخفاض الأسعار بنحو الثلث منذ بداية هذا الشهر الجاري.
بدورها، تقول أرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية، إن تعافي الطلب العالمي على النفط الخام إلى مستويات العام الماضي بات مهمة صعبة للغاية ومحفوفة بالمخاطر، مشيرة إلى بيانات صادرة عن مؤسسة ستاندرد تشارترد تؤكد أن الطلب على النفط في العام المقبل سيكون فقط عند مستويات 2017، وهو ما يعني فعليا أن جائحة كورونا دمرت بالفعل أربعة أعوام من النمو.
ولفتت إلى أن الضغوط الهبوطية على أسعار النفط الخام تفاقمت بعد أن تم استئناف حقل نفط ليبي رئيس الإنتاج ما يعني ضخ مزيد من الإمدادات النفطية إلى السوق، في ظل طلب ضعيف وهو ما انعكس بسرعة في تراجع العقود الآجلة للنفط الأمريكي 3 في المائة، في ختام الأسبوع الماضي، مشيرة إلى تقارير دولية تؤكد مواجهة السوق العالمية صعوبة في امتصاص هذه البراميل الليبية الإضافية.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، زادت أسعار النفط بأكثر من 2 في المائة، الجمعة، بعد أن رفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للطلب في 2020، لكن تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة بأرقام قياسية قوض التوقعات لتعاف سريع لاستهلاك الوقود.
ودعمت الأسعار بيانات أظهرت أن شركات الطاقة الأمريكية قلصت عدد حفارات النفط والغاز العاملة إلى مستوى منخفض قياسي للأسبوع العاشر على التوالي.
وجرت تسوية خام برنت بزيادة 89 سنتا، أي ما يوازي 2 في المائة، إلى 43.24 دولار للبرميل، وجرت تسوية الخام الأمريكي على ارتفاع 93 سنتا، أو 2.4 في المائة، إلى 40.55 دولار للبرميل.
كما تسبب صعود الأسهم في دعم أسعار النفط أيضا، وأشارت مجموعة من البيانات الاقتصادية إلى تعاف لنشاط الأعمال في الولايات المتحدة في حزيران (يونيو).
وعلى أساس أسبوعي، لم يطرأ على الخام الأمريكي تغير يذكر، في حين حقق "برنت" مكسبا أسبوعيا بنحو 1 في المائة.
رفعت الوكالة التي مقرها باريس توقعاتها للطلب إلى 92.1 مليون برميل يوميا، بارتفاع 400 ألف برميل يوميا عن توقعاتها في الشهر الماضي، عازية ذلك إلى انخفاض بوتيرة أقل من المتوقع في الربع الثاني من العام.
وجرى الإعلان عما يزيد على 60 ألفا و500 حالة إصابة جديدة بكوفيد - 19 في الولايات المتحدة، الخميس الماضي، ما مثل رقما قياسيا جديدا، والعدد أيضا هو الأكبر يوميا لأي دولة منذ ظهور الفيروس في الصين في أواخر العام الماضي.
وكانت الأسعار قد هبطت في وقت سابق من الجلسة بعد أن أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أنها رفعت حالة القوة القاهرة التي تفرضها على جميع صادرات النفط، وذلك بعد نصف عام من الحصار من جانب قوات من شرق البلاد.
وما زالت مخزونات النفط تشهد تخمة بسبب تبدد الطلب على البنزين والديزل وبقية أنواع الوقود خلال التفشي الأولي للجائحة.
وارتفعت مخزونات النفط الأمريكية بنحو ستة ملايين برميل الأسبوع الماضي بعد أن توقع محللون انخفاضها بنحو نصف ذلك الرقم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط