Author

استدامة الريادة في مجال الطاقة

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
لا شك أن الجهود الكبيرة والإدارة بكفاءة عالية، جعلت المملكة الدولة الأهم فيما يتعلق بأسواق النفط، وهي اللاعب الرئيس الذي يعول عليه في استقرار أسعار النفط في الأسواق، كما أن المملكة لديها المرونة في حجم الإنتاج، ومع البرامج الحكومية لتنويع مصادر الدخل والنمو المستمر لمساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، يجعل الاعتماد على النفط يبدو أقل تأثيرا على الاقتصاد مستقبلا.
في خبر نشرته صحيفة "الاقتصادية"، الثلاثاء، السابع من يوليو، جاء فيه: "أعلنت شركة نيوم توقيع اتفاقية شراكة مع شركتي إير بروداكتس وأكوا باور بقيمة خمسة مليارات دولار لبناء منشأة في منطقة نيوم لإنتاج الهيدروجين بطريقة صديقة للبيئة، وتصديره إلى السوق العالمية، بغرض توفير حلول مستدامة لقطاع النقل العالمي ولمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال حلول عملية لتخفيض الانبعاثات الكربونية".
كما تحدث وزير الطاقة عن إعلان مشروع ضخم قريبا يمكن أن ينتج الطاقة بأقل تكلفة في المملكة، بهدف توفير مصادر أخرى للطاقة صديقة للبيئة، من خلال الخيارات الأخرى، وسيكون إنتاج الطاقة الشمسية بأقل تكلفة على مستوى العالم للكيلوواط.
هذه المشاريع العملاقة تدعم رؤية المملكة في جوانب متعددة، أهمها تنويع مصادر الدخل، وتوفير فرص هائلة للعمل، كما أنها تدعم مشاريع المملكة فيما يتعلق بجودة الحياة، وتدعم استقطاب مزيد من الاستثمارات من مختلف دول العالم في مجالات نوعية تتعلق بالطاقة المتجددة والصديقة للبيئة، ولعل أحد أهم هذه العناصر، هو أن تبقى المملكة في مركز الريادة فيما يتعلق بالطاقة.
لا شك أن العالم اليوم يقدر أن أحد أهم العناصر، التي تدعم مختلف جوانب الحياة اليوم، لا تكاد تستغني عن الطاقة، فالطاقة ليست عنصرا اقتصاديا فقط، بل مختلف جوانب الحياة له علاقة بالطاقة، بشكل مباشر أو غير مباشر، فمنذ أن اكتشف الإنسان النفط مصدرا للطاقة، أصبح أهم عنصر موجود في هذا الكون، لما له من أهمية في تسيير كثير من الأمور المتعلقة بحياة الناس. ومما أنعم الله به على هذه الدولة، الكميات الهائلة من النفط، والإدارة الكفء التي مكنت هذه الدولة من أن تكون الأكثر قدرة على إنتاج كميات هائلة من النفط، جعلت من اقتصادها مزدهرا، ووفرت لأبنائها فرص التعليم والعلاج، وغيرها من الخدمات التي جعلت الحياة فيها رغيدة وأحد أهم الوجهات المفضلة للقوى العاملة للعمل، إضافة إلى توفير أفضل سبل الراحة للقادمين إلى هذه الدولة بغرض الحج والعمرة وزيارة المسجد الحرام في مكة المكرمة ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة.
اهتمام المملكة بالطاقة من مختلف المصادر يعزز مكانتها اقتصاديا وقدرتها على لعب دور بارز على المستوى العالمي بامتلاك العنصر الأهم في العالم، وهو الطاقة. ومن هنا، جاءت المبادرات والمشاريع لمرحلة الريادة في كل برامج الطاقة وليست مرحلة ما بعد النفط، فرغم الاحتياطيات الهائلة التي قد تكفي عقودا طويلة، إضافة إلى الاكتشافات المستمرة، هناك مشاريع أخرى تهتم باستدامة مصادر الطاقة، ونعم الله على هذه الدولة المباركة جعلت منها حتى لو انتهى زمن النفط، أن يكون لديها برنامج لاستدامة الريادة في هذا المجال. ومن المهم هنا العمل على برامج تحفز المجتمع في هذه المجالات، فإسهام القطاع الخاص مهم في هذا المجال من خلال الاستثمار فيه أو من خلال وجود برامج له للتحول جزئيا إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، حيث إنه لو كان للقطاع الخاص هدف لتحويل جزء من استهلاكه للطاقة من خلال الطاقة المتجددة، خصوصا المصانع والمشاريع الزراعية، فإن ذلك بالتأكيد سيكون داعما للتحول بصورة كبيرة لوسائل الحصول على الطاقة من خلال الطاقة الشمسية مثلا، أو طاقة الرياح، كما أن الأفراد أيضا يمكن أن يسهموا بذلك، حيث أعلنت سابقا هيئة تنظيم الكهرباء عن عداد ذكي يمكن من يتولى عملية تنظيم استفادة أفضل للمشتركين في الخدمة الكهربائية من خلال عدادات الشركة، حيث إنه يمكن لشركة الكهرباء أن تستفيد من الطاقة الشمسية لدى الأفراد لتخفيف الضغط الكبير على مولدات الكهرباء، خصوصا في فترات الصيف التي يكثر الطلب فيها على الكهرباء، وبهذا استطاعت أن تدعم التحول وتكون شريكا للمجتمع فيما يتعلق بالاستفادة القصوى من وسائل الحصول على الطاقة من خلال وسائل الطاقة المتجددة.
الخلاصة، إن البرامج الحكومية الخاصة بالاستثمار في الطاقة المتجددة والصديقة للبيئة، ستمكن المملكة من أن تكون لاعبا رئيسا في استدامة الريادة في مجال الطاقة، التي تعد العنصر الأهم في العالم، وهذا يدعم النمو المستمر - بإذن الله - للاقتصاد، إضافة إلى الوفرة في الوظائف النوعية، واستقطاب الاستثمارات، وحياة صديقة أكبر للبيئة.
إنشرها