FINANCIAL TIMES

مصانع ليستر المعتمة تظهر نظاما بريطانيا مختلا

مصانع ليستر المعتمة تظهر نظاما بريطانيا مختلا

وجد كوفيد - 19 طريقه إلى الشقوق المهملة في اقتصاداتنا. في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، ظروف العمل السيئة في دور الرعاية ومصانع اللحوم والمصانع ساعدت على انتشار الفيروس. ألقت مجموعة ناشطة باللوم على مصانع الملابس التي تستغل العاملين في مدينة ليستر الإنجليزية، باعتبار أن لها دورا في زيادة الحالات في المدينة.
قصة منطقة الملابس في ليستر تستحق أن تعرف، لأنها تكشف عن شيء مهم حول كيفية تطور الاقتصاد البريطاني في العقد الذي انقضى بين الأزمة المالية وهذا الوباء. كما أنها توضح ما يلزم البلاد "لإعادة البناء بشكل أفضل"، كما وعد رئيس الوزراء، بوريس جونسون، أخيرا.
في 2018، بحثت في صناعة الملابس في ليستر، وهي اقتصاد جزئي غريب حيث أجر الساعة المعمول به للعاملين على آلات الخياطة في كثير من المصانع يراوح بين أربع جنيهات و4.50 جنيه (ثلاث جنيهات للعاملين في التعبئة). المصانع الاستغلالية الصغيرة في المدينة محشورة في مبان قديمة متداعية. والبشر الذين يعملون فيها مقابل أجور أدني من المعدل المسموح به قانونا، يلحقون ضررا بالمصانع المتوافقة مع القانون، التي تستخدم آلات باهظة الثمن.
قد يبدو هذا وكأنه يعود إلى العصر الفيكتوري، لكن القطاع جزء لا يتجزأ من اقتصاد القرن الحادي والعشرين. المشترون الكبار لملابس ليستر هي شركات التجزئة "للأزياء السريعة" عبر الإنترنت، التي ازدهرت بفضل قرب مورديها في المملكة المتحدة وسرعتهم. ازدهرت Boohoo، التي تنتج نحو 40 في المائة من ملابسها في المملكة المتحدة، كثير منها في ليستر، في فترة الإغلاق عن طريق التحول برشاقة إلى إنتاج ملابس رياضية لاؤلئك المحصورين في البيوت، بينما علق المنافسون في حاويات شحن من آسيا مليئة بفساتين السهرة الصيفية.
محمود كاماني، الشريك المؤسس لـBoohoo، أصبح من أصحاب المليارات ومن المتوقع أن يحصل على علاوة بقيمة 50 مليون جنيه إذا استمر سعر سهم Boohoo في الارتفاع. تدعي المجموعة الناشطة "عمالة وراء العلامة" Labour Behind the Label أن بعض موردي الشركة أسهموا في نشر فيروس كورونا. تقول Boohoo إنها تلتزم بجميع التوجيهات الحكومية وإن سلسلة التوريد الخاصة بها تلتزم بجميع قوانين العمل، على الرغم من أنها لا تنشر قائمة بمورديها.
المصانع الاستغلالية في ليستر، التي تشكل جزءا من قطاع الملابس في المدينة وليس كلها، كانت سرا مكشوفا حتى قبل بدء التحقيق. في الواقع، أخبرني مسؤول كبير في وايتهول أولا عن تلك المصانع. حذرني مسؤول محلي في ليستر في 2018 من أنني إذا نشرت موضوعي، سأتسبب في بطالة جماعية للأشخاص الذين ليست لديهم خيارات أخرى. في الواقع، لم يتغير شيء. بعد النشر، دعيت للإدلاء بشهادتي أمام لجنة برلمانية حول تكاليف الأزياء السريعة عبر الإنترنت. رفضت الحكومة كل توصية من توصيات اللجنة.
فاتورة هذا التقاعس حلت الآن. إضافة إلى الأذى الذي يخشى حدوثه للصحة العامة، سيعاني اقتصاد ليستر من إغلاق مطول وسيتراجع أكثر خلف الأجزاء الأكثر ازدهارا في المملكة المتحدة. فأين ذهبت الادعاءات بأنه سيتم "رفع الجميع إلى المستوى"؟ في الحقيقة، كانت هناك دائما تكلفة اقتصادية للسماح بازدهار استغلال اليد العاملة. مصانع الملابس أنموذج مصغر لمشكلة الإنتاجية في بريطانيا. ازدهر توفير الوظائف بعد الأزمة المالية ولم يقلق الوزراء في البداية من نوعية تلك الوظائف. رفعوا الحد الأدنى للأجور لكنهم تركوا تطبيق القرار يتم بطريقة سيئة، بينما قلصوا عمليات التفتيش على الصحة والسلامة لتحرير "روح المشاريع".
توضح ليستر أنه عندما تكون العمالة البشرية رخيصة أكثر مما يجب، فلا معنى للاستثمار في الآلات والتكنولوجيا. القطاعات منخفضة الأجور في المملكة المتحدة أقل إنتاجية بنسبة 30 في المائة في المتوسط من القطاعات نفسها في بلجيكا وفرنسا وألمانيا وهولندا.
مع ارتفاع معدل البطالة في الأشهر المقبلة، سيكون من الضروري تماما التركيز على الوظائف. لكن إعطاء الأولوية للكم مع غض الطرف عن الكيف سيكون تكرارا لأخطاء الماضي. وعد جونسون بـ"صفقة جديدة" لبريطانيا، لإغلاق "الفجوات الكبيرة بين الأفضل والبقية" في الإنتاجية والمهارات وعدم المساواة الإقليمية. ليستر هي المكان المناسب للبدء.
في عالم الموضة المتسارع باستمرار، هناك حجة حقيقية في منطق الأعمال تستدعي أن تحصل شركات التجزئة في المملكة المتحدة على نسبة من ملابسها من داخل البلاد. عمال ليستر هم صناع ملابس مهرة والمصانع المتوافقة مع المدينة (التي استثمرت في بعض الآلات) ليست باهظة الثمن. إذا كرست الحكومة ما يكفي من المال والإرادة السياسية لتطبيق قوانين العمل التي وضعتها على الوجه السليم، فيمكنها أن تحدد مجالا متكافئا يضمن وظائف لائقة، وإن كانت منخفضة الأجر، في مجتمع محلي يحتاج إليها. جهود كبيرة في التدريب المحلي المجاني، خاصة في اللغة الإنجليزية، سيعطي الآخرين الفرصة للانتقال إلى عمل مختلف.
قبل عامين، تحدثت إلى عمال يعملون مقابل أربع جنيهات في الساعة، استنتجوا أن الحكومة لا تعتقد أنهم يستحقون حماية القانون. قال أحدهم بصراحة: "الحكومة تعرف ما يحدث في ليستر، وهذا كل ما في الأمر. إنهم لا يفعلون أي شيء". الأسبوع الماضي وعد جونسون بتشكيل "حكومة قوية وحازمة تحتضن الناس". سيكون مصير عمال الملابس في ليستر اختبارا حول ما إذا كان يعني ذلك.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES